بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا للإيمان، وجعل لنا العقل لنفكر، والقلوب لنميز الخير من الشر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين.
إن الإنسان خُلق ليكون مسؤولا عن أفعاله، وله القدرة على أن يقرر مصيره في هذه الحياة وفي الآخرة. يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
"وَقُلِ ٱعْمَلُوا۟ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"
[التوبة: 105]
[التوبة: 105]
هذه الآية تؤكد أن كل عمل نقوم به هو قرار نختاره بأنفسنا، وأن الله يراقب أعمالنا وأنها ستحدد مصيرنا في الدنيا والآخرة.
أيها الأحبة،
إن مصيرنا ليس مجرد صدفة أو نصيب، بل هو نتيجة قراراتنا واختياراتنا. قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:
"كل امرئ في ظل عمله حتى يلقاه"
(رواه الطبراني)
(رواه الطبراني)
أي أن كل فرد مسؤول عن بناء حياته واختياراته، ولن يُحاسب أحد عن عمل غيره. وهنا يظهر دور النية الصادقة والعمل الصالح في رسم مصيرنا.
ومن روائع أهل البيت عليهم السلام، يقول الإمام علي عليه السلام:
"اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً."
(نهج البلاغة، الحكمة 309)
(نهج البلاغة، الحكمة 309)
أي أن الإنسان مطالب بالموازنة بين الدنيا والآخرة، وأن كل قرار نتخذه اليوم يترك أثره على مصيرنا الأبدي.
عندما تختار الطريق الذي تريد أن تسلكه، ضع في اعتبارك ثلاثة أمور:
- النية الصالحة: كما قال الله تعالى:
"وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ" [المزمل: 20]
- الإرادة والعمل: لا يكفي أن نريد الخير، بل يجب أن نسعى لتحقيقه. قال الإمام الصادق عليه السلام:
"العمل الصالح يحميك من المصائب قبل أن يحميك من العقاب."
- المحاسبة اليومية للنفس: اجعل لنفسك موعداً كل يوم لتراجع أعمالك، وتصحح مسارك إن أخطأت، كما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
"حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا."
مصيرك اليوم يُبنى على قراراتك الصغيرة: قول الحق، الصدق مع النفس والآخرين، الصدقة، الدعاء، بر الوالدين، وتجنب المعاصي. هذه القرارات اليومية تصنع الفرق بين حياة سعيدة ومصير مشرق، أو حياة مليئة بالندم والضياع.
فلنقرر مصيرنا بأنفسنا، ولنسعَ كل يوم نحو الطاعة والصلاح، ونتذكر أن الله معنا يهدينا إلى سواء السبيل، وأن أهل البيت عليهم السلام هم القدوة التي ننير بها دروب حياتنا.
تعليق