✨ الضرر الناشئ من إهمال التكاليف الدينية والأخلاقية والاجتماعية

[يازهراء]

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد


١- البعد الديني


التكاليف الشرعية التي فرضها الله تعالى على عباده (الصلاة، الصوم، الزكاة، الحجاب، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...) هي السبيل لحفظ الإنسان من الضياع والفساد، وإهمالها يُعرّضه لسخط الله وابتعاده عن رحمته.

• قال تعالى:
  ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه:124].
  👉 أي أن إهمال ذكر الله والتكاليف الدينية سبب ضيق العيش في الدنيا وعذاب في الآخرة.
• وعن الإمام الصادق عليه السلام:
  «لَا تَدَعُوا الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدِينَ، فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاتَهُ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» (الكافي).
  👉 الترك المتعمد للواجبات يُخرج الإنسان من رعاية الله.
• إن التكاليف الدينية التي فرضها الله تعالى لم تكن عبثًا ولا لمجرد التكليف، بل هي لصالح الإنسان نفسه، تحفظ قلبه من الانحراف، وعقله من الضياع، وجسده من الانغماس في الشهوات المدمّرة. فهي أشبه ما تكون بالدواء الذي قد يبدو ثقيلاً على النفس، لكنه العلاج الحقيقي للمرض.
  
  وإذا ترك الإنسان هذه التكاليف، فإن حياته الدنيوية نفسها تتحول إلى تعاسة وضيق، قبل أن يواجه عذاب الآخرة. قال تعالى:
  ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ [طه:124].
  أي أن ترك ذكر الله وواجباته يؤدي إلى ضيق القلب وقسوة الصدر وفقدان الطمأنينة.
  
  🔹 السبب: أن الله تعالى لم يفرض الصلاة والصوم والحجاب والزكاة وغيرها إلا لأنها تُنقّي القلب وتُهذّب النفس وتمنعها من الانجراف وراء ما يضرّها. فإذا أهملها الإنسان، وقع في براثن الشهوات، وتحوّلت لذته إلى همّ، وحريته الموهومة إلى قيود داخلية.
  
  🔹 مثال جميل للتوضيح:
  تخيّل إنسانًا يعيش بلا قوانين مرورية، يقود سيارته كيف يشاء، قد يفرح في البداية أنه "حرّ" ولا أحد يوقفه، لكنه سرعان ما يتعرض لحوادث خطيرة تهدد حياته وحياة الآخرين.
  كذلك الذي يترك التكاليف الدينية، يظن أنه تحرّر من القيود، لكنه في الحقيقة يسير نحو الاصطدام، فيعيش حياةً مليئة بالاضطراب والضياع والخوف.
  
  ولهذا قال الإمام علي عليه السلام:
  «مَنْ قَصَّرَ فِي حَقِّ رَبِّهِ فَقَدْ ضَيَّعَ نَفْسَهُ» (غرر الحكم).
  أي أن ترك التكليف ليس فيه خسارة لله، بل هو خسارة للإنسان نفسه.

✨ أمثلة واقعية على أثر ترك التكاليف الدينية في حياة الإنسان
1. ترك الصلاة
الإنسان الذي يترك الصلاة يعيش بلا صلة بخالقه، فتزداد همومه وضغوطه النفسية. قد يملك المال أو الصحة، لكنه يشعر بفراغ داخلي لا يُملأ.
📖 قال رسول الله ﷺ وآله :
«مَثَلُ الصَّلَاةِ كَمَثَلِ نَهَرٍ عَذْبٍ يَمُرُّ بِبَابِ أَحَدِكُمْ، فَإِنْ اغْتَسَلَ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ تُذْهِبُ الذُّنُوبَ كَمَا يُذْهِبُ الْمَاءُ الْوَسَخَ» (الكافي).
👉 من ترك الصلاة يعيش في همّ الذنوب وأثقالها.

2. ترك الصوم
الصوم مدرسة للصبر وضبط النفس. من يهمله يعتاد على الترف والشهوات بلا حدود، فيفقد القدرة على السيطرة على رغباته، فيقع في أمراض جسدية وروحية.
📖 قال الإمام الصادق عليه السلام:
«إِنَّمَا فُرِضَ الصِّيَامُ لِيَسْتَوِيَ بِهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ» (علل الشرائع).
👉 من تركه لا يشعر بآلام الفقير، فيفقد إنسانيته ورحمته.

3. ترك الحجاب والعفّة
الذي يُهمل واجب الحجاب أو العفّة يعيش حياة ظاهرها حرية وباطنها قلق، لأن الانكشاف بلا حدود يفتح باب الشهوة والفوضى وفقدان الاحترام.
📖 قال تعالى:
﴿ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾ [النور:30]، أي أن العفّة تطهّر النفس وتزكّيها.




4. ترك الزكاة والإنفاق
من يُهمل الزكاة أو لا يساعد المحتاجين يعيش أنانيًا، قد يجمع الأموال لكنه يعيش في خوف دائم من ضياعها، وتنتشر في مجتمعه الكراهية والحسد.
📖 قال رسول الله ﷺ وآله:
«مَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ» (نهج الفصاحة).
👉 أي أن ترك التكاليف الاجتماعية يجلب الضرر حتى على رزق الناس.

ترك التكاليف الدينية ليس تحرّرًا، بل هو ضياع:

ترك الصلاة → قلق داخلي وظلمة في القلب.

ترك الصوم → ضعف أمام الشهوات.

ترك العفة → قلق وغياب الاحترام.

ترك الزكاة → انتشار الظلم والبغضاء.


إذن، الله تعالى فرض هذه التكاليف رحمةً بالإنسان، تحفظه من الأذى في الدنيا، قبل أن تُنجيه في الآخرة.

• ٢- البعد الأخلاقي

الأخلاق هي روح الدين، وإهمالها يجعل المجتمع يعيش في الفوضى والظلم والأنانية.

• قال رسول الله ﷺ وآله :
  «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ» (مكارم الأخلاق للطبري).
  👉 الهدف من الرسالة النبوية هو بناء الأخلاق.
• وقال الإمام علي عليه السلام:
  «مَنْ تَرَكَ الْأَدَبَ حُوسِبَ عَلَى الذُّنُوبِ» (غرر الحكم).
  👉 إهمال الأخلاق يؤدي إلى كثرة الذنوب والآثام.

إهمال الصدق والأمانة والحياء يفتح باب الخيانة والكذب والاعتداء، فتضيع الثقة بين الناس ويكثر الظلم.


٣- البعد الاجتماعي


التكاليف الاجتماعية مثل صلة الرحم، برّ الوالدين، التعاون، الإنفاق على الفقراء، وإصلاح ذات البين، تحفظ وحدة المجتمع وقوته. إهمالها يؤدي إلى التفكك والنزاعات والقطيعة.

• قال تعالى:
  ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ [الحجرات:10].
  👉 المجتمع لا يقوم إلا بروح الأخوة والإصلاح.
• وقال الإمام الصادق عليه السلام:
  «صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَإِنْ بِالسَّلَامِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾» (الكافي).
  👉 إهمال الرحم قطيعة لرحمة الله.
• وقال أمير المؤمنين عليه السلام:
  «مَنْ قَصَّرَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ فَقَدْ خَسِرَ فِي دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ» (نهج البلاغة).
  👉 ترك التكاليف يجعل الإنسان خاسرًا على كل الأصعدة.

إن إهمال التكاليف الدينية يُبعد الإنسان عن الله، وإهمال التكاليف الأخلاقية يُحطّم شخصيته، وإهمال التكاليف الاجتماعية يُضعف المجتمع ويزرع العداوة والبغضاء.
فالدين يريد للإنسان أن يعيش:

• قريبًا من الله بالعبادات،
• سامياً بالأخلاق،
• متماسكًا بالمجتمع عبر العلاقات الصحيحة.

ومن ترك ذلك وقع في الفساد والضياع، كما قال الله تعالى:
﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ [الزخرف:36].

[ضيف]

بارك الله فيك مأجورين ومثابين على كل حرف أن شاء الله