إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ[1].

    ﴿الْخَوَالِفِ﴾، والمراد منها النساء، وسائر الضّعفان كالأطفال، والمعذورين مهما كانوا من أشجع الشجعان المناضلين، وذلك لأنهم أجمع يظلون في أمكنتهم دون خروج للحرب مهما اختلفت أعذارهم، ومنهم غير معذورين وهي جمع خالفة وتائها للتأنيث.
    فالنساء من الخالفين حيث يقمن في دور الحي بعد رحيل الرجال، سمّين بها تشبيها لهن بالأعمدة تكون في أواخر البيوت المضروبة، لأنهن كما هي خوالف في البيوت لكثرة لزومهن إياها، أو أن تكون الخوالف للمبالغة، وهم المتخلفون على مكنتهم بدنيا وماليا، فالخوالف تشمل المتخلفين قاصرين ومقصرين، وكون القادرين على الخروج كالخوالف المتخلفين قصورا أو تقصيرا تنديد بهم شديد ف ﴿طُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾، أكثر ممن سواهم «فهم يفقهون» الحقائق المعنية، وفاعل الطبع هنا هم أنفسهم، ثم اللّٰه طبع على قلوبهم بما طبعوا ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ
    [2]، ف «الخالفين» على الرأي الثاني تعني المقصرين منهم إلى القاصرين، وقد يعنى معهم العدول الصالحون.
    فيا لهم على طولهم من بؤس وخذلان حيث رضوا بأن يكونوا مع الخوالف المتخلفين المقصرين والمخلفين القاصرين، فهم على طولهم بين مقصر وقاصر.
    والرأي الثالث «الخوالف» الصالحين من خلّفهم رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه وآله) من أشجع الشجعان كما خلف رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه وآله) عليا في غزوة تبوك وهو يبكي ويقول تخلفني مع الخوالف فقال رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه وآله): ((أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي))
    [3].
    ولأن ﴿رَضُوا﴾، هنا في موقف التنديد فالقصد من مثلث الخوالف إذن هما دون الأخير المخلّف على قوته ليكون خليفة الرسول (صلى اللّٰه عليه وآله) بعد غيابه وحتى إيابه.
    وفي الآية السابقة: ﴿وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ
    [4]، ف ﴿أَنْ آمِنُوا﴾، خطابا موجها إلى المنافقين دليل أنهم ليسوا داخلين في المؤمنين، مهما شملتهم خطابات الإيمان فيما لا قرينة فيه على اختصاصها بإيمان القلب.
    و ﴿أُولُو الطَّوْلِ﴾، هم الرؤساء الذين عليهم التقدم في أمر الجهاد، لطولهم ولكونهم يقتدى بهم، ففي تركهم الجهاد إذن ثالوث من التخلفات، تخلف دون عذر، وتخلف على طول، وتخلف يخلّف تخلف الآخرين التابعين لهم. فمن الناس من لا حول له ولا طول وهو يتقدم للجهاد وما أكرمهم! ومنهم من يملك كل حول وطول ولا يتقدم وما الأمهم وألعنهم، ومنهم عوان بينهما متوسطين، فهم عوان بينهما ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى
    [5]، وأولو الطول من المنافقين هم متخاذلون على طولهم، استخذاء أمام واجب الجهاد، فهنا خطتان، خطة الالتواء والانكماش والتخلف والرضا بالأدنى، هي خطة المنافقين، وخطة الاستقامة والبذل والكرامة، هي خطة المؤمنين، ومهما لم يعرف اللّٰه ما عرف من المنافقين لغير الرسول (صلى اللّٰه عليه وآله) والحاضرين معه زمن الوحي، ولكنه عرّفهم بكل معالمهم في أقوالهم وأحوالهم وأفعالهم، ما يرسم لنا خطة لهم لئيمة معروفة على مدار الزمن، فكما أن معرفة الشيطان بخطواته تكفينا عن معرفته بشخصه، كذلك معرفة المنافقين مهما كانوا أشطن من الشياطين.
    وإن للذل ضريبة كما أن للعز ضريبة، ولكن ضريبة الذل أفدح بكثير وأقدح، فرغم ما يخيل إلى بعض النفوس أن ضريبته الكرامة باهظة فتختار الذل هربا من تكاليف الكرامة، الباهظة، فتعيش عيشة رخيصة تافهة، قلقة مفزعة، تخاف من ظلها، وتفرق من صداها ف ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ
    [6] و ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ[7]، رغم كل ذلك نجدهم يؤدون ضريبة أفدح من ضريبة الكرامة، حيث يؤدون ضرائب الذل من كل أنفسهم ونفائسهم وهم لا يفقهون أن لهم كل الشرور وهم الفالجون (الذين اصابهم شلل الذل)، المفلجون (المتباعدون عن الحق).

    [1] سورة التوبة، الآية: 87.
    [2] سورة الصف، الآية: 5.
    [3] الأمالي للطوسي، ص 342.
    [4] سورة التوبة، الآية: 86.
    [5] سورة النجم، الآية: 39.
    [6] سورة المنافقون، الآية: 4.
    [7] سورة البقرة، الآية: 96.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X