إضاءة على كتاب (للحُسين تنبضُ الأقلام)
عبدالله الميالي
الخصائص والمميّزات الفذّة التي اتسمت بها شخصية دينية وتاريخية مثل شخصية الإمام الحسين (عليه السلام)، بكلِّ ما تحمله من أخلاقٍ ونُبل وقِيم وإباء وبطولة؛ جذبت كثيرًا من الأدباء العرب (وغير العرب أيضاً) لتوظيفها في نصوصهم الأدبية المختلفة.
وإذا كان هذا الاهتمام بدا واضحاً بشكل لافت في الشِّعرِ بأنواعه في الماضي والحاضر، حتى قال الناقد المصري علي عشري زايد: «لقد رأى شعراؤنا في الحسين (عليه السلام) الممثل الفذّ لصاحب القضية النبيلة، الذي يعرف سلفاً أن معركته مع قوى الباطل خاسرة، ولكن ذلك لا يمنعه من أن يبذل دمَه الطهور في سبيلها، موقناً أنّ هذا الدم هو الذي سيحقق لقضيته الانتصار والخلود، وأنّ في استشهاده انتصاراً له ولقضيته» (1)، فإنّ هذا الاهتمام بدأ يشقّ طريقه بشكل لافت أيضاً في السرد بأنواعه من رواياتٍ وقصص.
والآن تأتي القصة القصيرة جداً، التي أحدثت جدلاً كبيراً في الوسط الأدبي منذ ولادتها قبل نصف قرن تقريباً وحتى الآن؛ لتكون ميداناً رحباً لاستلهام قضية عاشوراء وما يتعلق بها من إرهاصات وأسباب ونتائج فكراً وتاريخاً وعقيدة.
وبمبادرة قيّمة ورائدة، أقدمت مؤسسة البيان الثقافية في بغداد بتنظيم مسابقة للقصة القصيرة جداً في عام 2023م، وتحت شعار (للحُسين تنبضُ الأقلام)؛ رغبة منها وإسهاماً في تعزيز الأدب الملتزم الذي يتبنى استلهام ذكرى الأولياء الصالحين من أهل البيت (عليهم السلام)، ولا سيما استشراف قِيم ومبادئ واقعة الطف الخالدة، وربطها بمعطيات واقعنا المعاصر.
وأسفرت نتيجة المسابقة عن فوز خمس قصص بالمراكز الخمسة الأولى، وأضيف لها عشر أخرى ليكون مجموع القصص الفائزة خمس عشرة قصة قصيرة جداً، جُمعت في كتاب يحمل شعار المسابقة (للحُسين تنبضُ الأقلام)، والذي صدر عن دار السرد للطباعة والنشر والتوزيع، بغداد - 2024م، ويقع في 220 صفحة (2).
وقد تضمّن الكتاب مقدمة بقلم الأستاذ الناقد لطيف عبد سالم رئيس مؤسسة البيان الثقافية ومؤسسها؛ للتعريف بالمسابقة وأهدافها وشروطها، وستة فصول كما يلي:
الفصل الأول: وتضمّن آراء الأساتذة النقّاد حول أدب القصة القصيرة جداً، وهم: (د. محمد ياسين صبيح من سوريا، الأستاذ عمرو العنتبلي من مصر، الأستاذ محمد الميالي من العراق).
الفصل الثاني: وتضمّن عرضاً للأحكام والشروط العامة للمسابقة، وإجراءات لجنة التحكيم، وإعلان دعوة المشاركة في المسابقة، والتعريف بلجنة تحكيم المسابقة.
الفصل الثالث: وتضمّن القصص القصيرة جداً الفائزة بالمراكز الخمسة الأولى مع قراءاتها النقدية، وجاءت كما يأتي:
1ــ المرتبة الأولى: قصة (أرضُ الطفوف) للقاص فلاح العيساوي، والقراءة النقدية لها بقلم الناقد أ.د صفاء القيسي من العراق.
2ــ المرتبة الثانية: قصة (نخيلٌ عراقيّ) للقاصة هدى الغراوي، والقراءة النقدية لها بقلم الناقدة أ.د درية فرحات من لبنان.
3ــ المرتبة الثالثة: قصة (جُذور) للقاص صابر المعارج، والقراءة النقدية لها بقلم الناقد د.كاظم عبد الله عبد النبي من العراق.
4ــ المرتبة الرابعة: قصة (خيمة) للقاص محمد العلوي، والقراءة النقدية لها بقلم الناقد الأستاذ مؤيد عليوي من العراق.
5ــ المرتبة الخامسة: قصة (وِلادة) للقاصة هدى عبد علي، والقراءة النقدية لها بقلم الناقد أ.د عدي خالد البدراني من العراق.
الفصل الرابع: وتضمّن القصص القصيرة جداً الفائزة بالمراكز (6 - 15) مع قراءاتها النقدية وجاءت كما يأتي:
6ــ قصة (كبرياء) للقاص عبد الله الميالي، والقراءة النقدية لها بقلم الناقد المصري الأستاذ عمرو العنتبلي من مصر.
7ــ قصة (عطش) للقاص كامل التميمي، والقراءة النقدية لها بقلم الناقد الأستاذ فهد عنتر الدوخي من العراق.
8ــ قصة (استباحة) للقاص مهدي الجابري، والقراءة النقدية لها بقلم الناقد الأستاذ محمد كاظم كتوب المياحي من العراق.
9ــ قصة (تضحية) للقاص رجب الشيخ، والقراءة النقدية لها بقلم الناقدة د.آسية بديع يوسف من سوريا.
10ــ قصة (زائرُ الليل) للقاص حسن الموسوي، والقراءة النقدية لها بقلم الناقد الأستاذ إياد خضير الشمري من العراق.
11ــ قصة (الوصيّة) للقاص حميد الكناني، والقراءة النقدية بقلم الناقد الأستاذ علي سعدون من العراق.
12ــ قصة (قرابين) للقاصة نهى أحمد التميمي، والقراءة النقدية لها بقلم الناقد الأستاذ محمد إقبال حرب من لبنان.
13ــ قصة (احترامٌ مفقود) للقاص أمير ناظم، والقراءة النقدية لها بقلم الناقد أ.م.د جبار ماجد البهادلي من العراق.
14ــ قصة (تحوُّل) للقاص حسن الناشي، والقراءة النقدية لها بقلم الناقدة الأستاذة سامية خليفة من لبنان.
15ــ قصة (الرابح الأول) للقاص جَنان السعدي، والقراءة النقدية لها بقلم الناقد الأستاذ عبد الباري المالكي من العراق.
الفصل الخامس: وتضمّن التغطية الإعلامية للمسابقة من صُحف ودوريات ومواقع الكترونية.
الفصل السادس: وتضمّن أصداء إشهار مؤسسة البيان الثقافية لإصدارها الأول (للحُسين نكتب)، وهو الكتاب الخاص بالفائزين بمسابقة القصة القصيرة التي سبقت مسابقة القصة القصيرة جداً.
أرى أن هذا الكتاب وبما تضمّنه من قصص قصيرة جداً متميّزة، وما رافقتها من قراءات نقدية لنخبة من النقّاد ممن ينتمون للوسط الأدبي والأكاديمي، قد أسهم في إثراء المشهد الثقافي والأدبي العراقي، وسجّل إضافة نوعية مهمة لأدب عاشوراء أو أدب الطفّ من جهة، وللقصة القصيرة جداً نفسها من جهة ثانية؛ باعتبارها قادرة على التعبير عن القضايا التاريخية.
وتيمناً بالقاص فلاح العيساوي الفائز بالمركز الأول في هذه المسابقة، نشير لقصته (أرضُ الطفوف): «بين نارِ الخِيامِ وجثثِ الشُهداءِ، طِفلٌ عطشانٌ يبحثُ عن ماءٍ، يتعثّرُ بأذيالِ الخوفِ، الشمسُ ترفّقتْ بحالهِ، فأحرقتْ نفسها. شاهدَ من بعيدٍ شيئاً يلمعُ، أسرعَ إليه، وجدهُ إصبعَ الإسلامِ المبتور».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
الإحالات:
(1) علي عشري زايد، استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر، دار الفكر العربي، القاهرة، 1997م، ص121 – 122.
(2) عنوان الكتاب: للحُسين تنبضُ الأقلام.
إعداد وتقديم: لطيف عبد سالم.
عدد صفحات الكتاب: (220) صفحة من القطع المتوسط.
الطبعة: الأولى 2024م.
الناشر: دار السرد للطباعة والنشر والتوزيع، بغداد - العراق.