بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
كان هناك طفل صغير اسمه حسن، عمره تسع سنوات، فقد والده في حادث منذ عامين. وله اختان صغيرتان ومنذ ذلك اليوم، صار يُذوق معنى الحرمان واليتم
وفي ليلة من ليالي الشتاء القاسية، كان حسن ينام على فراش قديم في بيتهم المتواضع لم يكن لديهم ما يكفي من الحطب، وكان البرد يقرص أصابعه الصغيره . جلس حسن يرتجف، ثم تذكّر ما كان أباه يردده في صلاته وقيامه وقعوده:
" لا نجاة لي من مكاره الدنيا إلا بعصمتك يالله."
فأخذ يرددها وهو يبكي ثم قال :
"اللهم احفظنا، يا الله أنت ملجئي."
وبينما هو يردد ذلك احتضنته اخته الصغيرة قائلة حسن انا سأموت من البرد فحضنها وناجى بقلبه الصغير يالله ، وإذا بباب البيت يطرق فتحت الأم الباب فإذا هو أحد أقاربهم تذكرهم بعد طول غياب وجائهم ببطانيات ومدفأة صغيرة لكنها أفرحت قلوبهم وأشعلت الدفأ في بيتهم . شعر حسن أن الله لم يتركه بل عصمه برحمته.
وفي المدرسة كان بعض الأطفال يسخرون منه لأنه لا يملك حقيبة جديدة ولا ملابس مثلهم. جلس حزينًا في كرسيه داخل الصف، ففتح كتاب القرآن الذي يحمله دائمًا معه، ووقعت عيناه على قوله تعالى:
﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: 3].
ابتسم حسن وقال في نفسه: "ربي يكفيني، لا أحتاج أن أكون مثلهم، ما دام الله معي."
وفي تلك اللحظة اقترب منه معلم الصف، و مسح فوق رأسه وتبسم في وجهه وقال: "أنت مجتهد يا حسن، أنا فخور بك." شعر أن القرآن كان حبل العصمة الذي أنقذه من اليأس ومد له يد الرحمة رغم قساوة القلوب.
مرضت والدته يومًا مرضًا شديدًا، ولم يكن لديهم مال لشراء الدواء. جلس حسن عند رأسها، وقال باكيًا: "يا زهراء، طمّنيني… يا أبا صالح المهدي أدركني أغثني، كن معنا."
توسّل بدموع طفل بريء، وقرأ ما يحفظ من دعاء:
"يا من يكفي من كل شيء، ولا يكفي منه شيء، اكفني ما أهمّني."
وإذا بلأم تهدأ وتسكن وتنام براحة وتستيقظ في الصباح بخفه وراحه شعر حسن أن الله استجاب دعاءه، وأن ذكر أهل البيت (ع) هو عصمته من مكاره الحياة.
وفي إحدى الليالي، انقطعت الكهرباء، وغرق البيت في الظلام. ارتعب حسن وبكت الطفلتان خوفا فأمسكت بهم أمهم تحضنهم . أسرع حسن وأمسك بمصحفه الصغير، وقرأ بصوت خافت:
﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [النور: 35]. وبدأ يكررها بصوت حسن خاشع عالي تسمعه أختاه الصغيرتان
أحس أن قلبه يهدأ، وأن الظلام لم يعد مخيفًا. بعد قليل عادت الكهرباء، فقال لأمه: "القرآن هو نورنا، حتى لو لم يرجع الضوء."
كبر حسن وهو يعرف أن الدنيا مليئة بالمصاعب: الفقر، المرض،الجوع، الخوف… لكن في كل مرة كان ينجو لأنه تمسّك بالحبل الذي لا ينقطع: الله، القرآن، وأهل البيت (عليهم السلام).وأصبح دكتورا يعالج المرضى ويساعد المحتاجين ويعطف على اليتامى والمساكين.
وكان يردد دائمًا:
"لا نجاة لي من مكاره الدنيا إلا بعصمتك يا الله."
💡 القصة تعلّمنا يا أحباب الله أن المكاره جزء من الحياة، لكن من يعتصم بالله والقرآن وأهل البيت (ع) يجد النجاة في كل مرة، حتى لو كان ضعيفًا يتيمًا، لأن القوة ليست في الجسد ولا في المال، بل في التعلق بالحبل الإلهي.