تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
الثبات والاستقامة هو الطريق إلى الله، هو سرّ النجاة، هو أن يثبت القلب على الحقّ فلا تزلّ به الفتن ولا تهزّه العواصف.
١- الاستقامة في القرآن الكريم
قال الله تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت:30].
هذه الآية المباركة ترسم صورة رائعة: ليس المهم أن تقول "ربي الله" فقط، بل المهم أن تثبت على هذا القول، أن يكون سلوكك وأعمالك شاهدًا على صدقك. وعندها، يأتيك الأمان من الله، وتتنزّل عليك ملائكة الرحمة، تبشّرك بالجنة.
٢- الاستقامة في سيرة النبي وأهل البيت
- روي عن النبي ﷺ وآله أنه قال: «شيبتني هود وأخواتها». ولما سُئل عن السبب قال: «لقوله تعالى: فاستقم كما أُمرت».
فالاستقامة ليست سهلة، إنها تحتاج إلى جهاد دائم، لأنها تعني أن تبقى على الخط المستقيم في كل الظروف. - وعن الإمام علي عليه السلام: «الاستقامة على الهدى خير من الاستكثار من العمل».
فالعمل الكثير بلا ثبات قد يضيع، لكن الثبات على الهدى يجعل حتى العمل القليل مقبولًا ومثمرًا.
الحياة مليئة بالامتحانات:
- فتنة المال
- فتنة الشهوات
- فتنة الضغوط الاجتماعية
- بل وحتى فتنة المصائب والابتلاءات
وهنا يتجلّى معنى الثبات. قال تعالى:
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة:155].
الثابت هو من يحفظ قلبه من الجزع، ولسانه من الشكوى، ويستمر في عبادة الله رغم الضيق.
٤- وسائل تحصيل الثبات
- الذكر والدعاء: قال تعالى: ﴿واذكر ربك إذا نسيت﴾، فالذاكر لله قلبه مطمئن.
وكان النبي ﷺ وآله يكثر أن يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك». - صحبة الصالحين: لأن الاستقامة تُضعف إذا عشنا في أجواء بعيدة عن الله.
- الارتباط بالقرآن والعترة: فالقرآن نور، وأهل البيت هم سفينة النجاة.
- الصبر على الطاعة: الاستقامة لا تعني فقط ترك المعصية، بل الثبات على الطاعة اليومية: الصلاة، الصيام، الدعاء، خدمة الناس.
من يستقم على طريق الله، يذوق في الدنيا طمأنينة وراحة نفسية لا يعرفها غيره، ويعيش قلبه نورًا. وأما في الآخرة فله الوعد الإلهي:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الأحقاف:13]
الثبات ليس كلمة تقال، بل مسيرة حياة.
الاستقامة ليست لحظة حماس، بل صبر طويل.
والمؤمن الحقّ هو الذي يظلّ واقفًا على الصراط المستقيم حتى آخر لحظة من عمره.
تعليق