بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على اعدائهم الى قيام يوم الدين
(قصة علي بن مهزيار الاهوازي مع الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه )
يقول الصنعاني: دخلتُ إلى عليّ بن مهزيار الأهوازيّ عليّ بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازيّ، فسألته عن آلِ أبي محمّدٍ الإمام العسكريّ عليه السّلام، وأولاده أين صاروا،
فقال: يا أخي لقد سألتَ عن أمرٍ عظيم، لقد حججتُ عشرين حجّةً كلّها أطلب عيانَ الإمام، فلم أجد إلى ذلك سبيلًا، حتّى كانت ليلةٌ من الليالي، فبينما أنا نائمٌ في مرقدي إذ رأيتُ قائلًا يقول: يا عليّ بن مهزيار قد أذنَ الله لك في الحجّ، وإنّ الشيءَ الذي تريده في هذا الحجّ ستجده، فما عقلتُ ليلتي تلك، وبقيتُ حائرًا ساهرًا حتّى أصبحتُ وأنا أفكّر في أمري وأراقب الموسم ليلًا ونهارًا، متى يأتي، ومتى تخرج القوافل، فلمّا جاء وقت الموسم أصلحتُ أمري وخرجتُ متوجّهًا نحو المدينة، فما زلتُ كذلك حتّى دخلتُ يثرب، فبحثتُ وسألتُ فلم أجد أثرًا ولا سمعتُ خبرًا، فعلمتُ أنّ القصة التي أذنَ الله عزّ وجلّ بها ليست في المدينة، فأقمتُ مفكّرًا في أمري ثمّ خرجتُ من المدينة أريد مكّة، فدخلتُ الجحفة، فأقمتُ بها يومًا وخرجتُ متوجّهًا نحو الغدير على أربعة أميالٍ من الجحفة، فلمّا دخلتُ المسجد صلّيتُ، وعفّرتُ وجهي، واجتهدتُ في الدعاء وابتهلتُ إلى الله، وقلتُ: أمضي إلى مكّة حتّى أطوف، فبينما أنا ليلةً في الطواف، إذا أنا بفتى حسن الوجه، طيّب الرائحة، يتبختر في مشيته، فوقع في قلبي أنّ مشيته ليست مشيةً عاديّة، فأحسستُ بأنّ قلبي ينجذب إليه، فقمتُ نحوه، وأتيتُ بجنبه أمشي، وحككتُ بدني ببدنه، فقال لي: من أين الرجل؟ فكنتُ أريد أن أفتح معه حديثًا، فقلت: من أهل العراق، فقال: من أيّ العراق؟ فقلت: من الأهواز، فقال: أتعرف بها ابن الخضيب؟ فقلت: رحمه الله دعي فأجاب، فقال: رحمه الله، ما كان أطول ليلته وأكثر تبتّله، ثمّ قال لي: أتعرف عليّ بن إبراهيم؟ عليّ بن إبراهيم بن مهزيار تعرفه؟
فقلت: أنا هو، فقال: حيّاك الله أبا الحسن، ما فعلتَ بالعلامة التي بينك وبين أبي محمّد الحسن بن عليّ؟ ألم تكن بينكما علامة؟
فقلت: معي، فقد أعطاني الإمام علامةً وأنا محتفظٌ بها،
فقال: أخرجها، فأدخلتُ يدي في جيبي واستخرجتها، فلمّا رآها لم يتمالك أن تغرغرت عيناه وبكى منتحبًا حتّى ابتلّ اطمره،
ثمّ قال: قد أذنَ الله لك الآن، فامضِ إلى رحلك، وكن على أهبةٍ من أمرك، فإذا لبس الليل جلبابه وغمر الناسَ ظلامه، فامضِ إلى شعب بني عامر، وتعالَ إليّ هناك.
يقول: خرجتُ وانتظرتُ حتّى إذا كان بعضُ الليل فإذا بالفتى قائمٌ يناديني: إليَّ يا أبا الحسن، إليَّ تعالَ، فلمّا قربتُ بدأني بالسلام،
وقال لي: سرْ بنا يا أخي، فقد ذهب ثلث الليل، ويجب أن نسرع، فما زال يحدّثني وأُحدّثه، ونتبادل الكلام في الطريق، حتّى تخرّقنا جبال عرفات إلى أن انفجر الفجر الأوّل ونحن قد توسّطنا جبال الطائف، فلمّا بلغنا هناك أمرني بالنزول،
وقال لي: انزلْ وصلّ صلاة الليل، فصلّيتُ وصلّى، ثمّ صلّينا ركعتي الفجر، ثمّ قال لي: اركبْ، فركبتُ وسار بي حتّى علا بي ذروةَ الطائف،
فقال: هل ترى شيئًا؟
فقلت: نعم، أرى كثيبَ رملٍ عليه بيتُ شعرٍ يتوقّد نورًا، فلمّا رأيتُ ذلك طابت نفسي، فقال لي: هنّأكَ الأملُ والرّجاء، ثمّ قال: فهاهنا يذلّ كلُّ صعبٍ ويخضع كلُّ جبّارٍ،
ثمّ قال: خلِّ عن زمام الناقة،
فقلت: فعلى من أخلّفها؟
فقال: هذا حرمُ القائم، لا يدخله إلّا مؤمنٌ ولا يخرج منه إلّا مؤمن، هاهنا الأمان، فخلّيتُ عن زمام راحلتي، فسارتْ وذهبتْ إلى الخباء،
وقال لي: اصبرْ، فدخلتُ فإذا به جالسٌ قد اتّشح ببردةٍ وائتزر بأخرى، وقد ألقى بردته على عاتقه، وهو كأقحوانةٍ نديّةٍ أصابها ألمُ الهوى، مربوع القامة، مدوّر الهامة، صلت الجبين، أزجّ الحاجبين، أقنى الأنف، سهل الخدّين، وعلى خدّه الأيمن خالٌ كأنّه فتاتُ مسكٍ على رضراضة عنبر، فلمّا رأيته بادرتُه بالسلام، فردّ عليّ بأحسن ردّ، وشافهني وسألني عن أهل العراق، فقلت: سيّدي، قد ألبسوا جلباب الذلّة، وهم بين القوم أذلّاء، فقال: يا ابنَ مهزيار، ستملكونهم كما ملكوكم، فالأيّام دول، يومٌ لك ويومٌ عليك، وهم يومئذٍ أذلّاء، فقلت: سيّدي، لقد بعد الوطن وطال المطلب،
فقال: يا ابنَ مهزيار، إنّ أبي عهد إليّ أن لا أجاور قومًا غضبَ الله عليهم، ولهم الخزيُ في الدنيا والآخرة ولهم عذابٌ أليم، وأمرني أن لا أسكن من الجبال إلّا وعرَها، ولا من البلاد إلّا قفرَها، أرى بلادًا قفراء فأسكنها، والله مولى الجميع، ثمّ أمرني الإمام بالتقيّة،
وقال: أظهرِ التقيّة، فأنا في التقيّة إلى أن يؤذن لي فأخرج،
فقلت: يا سيّدي، متى يكون هذا الأمر؟ فقال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة، واجتمع الشمس والقمر، واستدارت بكم الكواكب والنجوم،
فقلت: متى يكون ذلك يا ابن رسول الله؟ فقال: في سنة كذا وكذا، تخرج دابّة الأرض من بين الصفا والمروة، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان، تسوق الناس إلى المحشر.
المصدر:
بحار الأنوار، ج 52
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على اعدائهم الى قيام يوم الدين
(قصة علي بن مهزيار الاهوازي مع الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه )
يقول الصنعاني: دخلتُ إلى عليّ بن مهزيار الأهوازيّ عليّ بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازيّ، فسألته عن آلِ أبي محمّدٍ الإمام العسكريّ عليه السّلام، وأولاده أين صاروا،
فقال: يا أخي لقد سألتَ عن أمرٍ عظيم، لقد حججتُ عشرين حجّةً كلّها أطلب عيانَ الإمام، فلم أجد إلى ذلك سبيلًا، حتّى كانت ليلةٌ من الليالي، فبينما أنا نائمٌ في مرقدي إذ رأيتُ قائلًا يقول: يا عليّ بن مهزيار قد أذنَ الله لك في الحجّ، وإنّ الشيءَ الذي تريده في هذا الحجّ ستجده، فما عقلتُ ليلتي تلك، وبقيتُ حائرًا ساهرًا حتّى أصبحتُ وأنا أفكّر في أمري وأراقب الموسم ليلًا ونهارًا، متى يأتي، ومتى تخرج القوافل، فلمّا جاء وقت الموسم أصلحتُ أمري وخرجتُ متوجّهًا نحو المدينة، فما زلتُ كذلك حتّى دخلتُ يثرب، فبحثتُ وسألتُ فلم أجد أثرًا ولا سمعتُ خبرًا، فعلمتُ أنّ القصة التي أذنَ الله عزّ وجلّ بها ليست في المدينة، فأقمتُ مفكّرًا في أمري ثمّ خرجتُ من المدينة أريد مكّة، فدخلتُ الجحفة، فأقمتُ بها يومًا وخرجتُ متوجّهًا نحو الغدير على أربعة أميالٍ من الجحفة، فلمّا دخلتُ المسجد صلّيتُ، وعفّرتُ وجهي، واجتهدتُ في الدعاء وابتهلتُ إلى الله، وقلتُ: أمضي إلى مكّة حتّى أطوف، فبينما أنا ليلةً في الطواف، إذا أنا بفتى حسن الوجه، طيّب الرائحة، يتبختر في مشيته، فوقع في قلبي أنّ مشيته ليست مشيةً عاديّة، فأحسستُ بأنّ قلبي ينجذب إليه، فقمتُ نحوه، وأتيتُ بجنبه أمشي، وحككتُ بدني ببدنه، فقال لي: من أين الرجل؟ فكنتُ أريد أن أفتح معه حديثًا، فقلت: من أهل العراق، فقال: من أيّ العراق؟ فقلت: من الأهواز، فقال: أتعرف بها ابن الخضيب؟ فقلت: رحمه الله دعي فأجاب، فقال: رحمه الله، ما كان أطول ليلته وأكثر تبتّله، ثمّ قال لي: أتعرف عليّ بن إبراهيم؟ عليّ بن إبراهيم بن مهزيار تعرفه؟
فقلت: أنا هو، فقال: حيّاك الله أبا الحسن، ما فعلتَ بالعلامة التي بينك وبين أبي محمّد الحسن بن عليّ؟ ألم تكن بينكما علامة؟
فقلت: معي، فقد أعطاني الإمام علامةً وأنا محتفظٌ بها،
فقال: أخرجها، فأدخلتُ يدي في جيبي واستخرجتها، فلمّا رآها لم يتمالك أن تغرغرت عيناه وبكى منتحبًا حتّى ابتلّ اطمره،
ثمّ قال: قد أذنَ الله لك الآن، فامضِ إلى رحلك، وكن على أهبةٍ من أمرك، فإذا لبس الليل جلبابه وغمر الناسَ ظلامه، فامضِ إلى شعب بني عامر، وتعالَ إليّ هناك.
يقول: خرجتُ وانتظرتُ حتّى إذا كان بعضُ الليل فإذا بالفتى قائمٌ يناديني: إليَّ يا أبا الحسن، إليَّ تعالَ، فلمّا قربتُ بدأني بالسلام،
وقال لي: سرْ بنا يا أخي، فقد ذهب ثلث الليل، ويجب أن نسرع، فما زال يحدّثني وأُحدّثه، ونتبادل الكلام في الطريق، حتّى تخرّقنا جبال عرفات إلى أن انفجر الفجر الأوّل ونحن قد توسّطنا جبال الطائف، فلمّا بلغنا هناك أمرني بالنزول،
وقال لي: انزلْ وصلّ صلاة الليل، فصلّيتُ وصلّى، ثمّ صلّينا ركعتي الفجر، ثمّ قال لي: اركبْ، فركبتُ وسار بي حتّى علا بي ذروةَ الطائف،
فقال: هل ترى شيئًا؟
فقلت: نعم، أرى كثيبَ رملٍ عليه بيتُ شعرٍ يتوقّد نورًا، فلمّا رأيتُ ذلك طابت نفسي، فقال لي: هنّأكَ الأملُ والرّجاء، ثمّ قال: فهاهنا يذلّ كلُّ صعبٍ ويخضع كلُّ جبّارٍ،
ثمّ قال: خلِّ عن زمام الناقة،
فقلت: فعلى من أخلّفها؟
فقال: هذا حرمُ القائم، لا يدخله إلّا مؤمنٌ ولا يخرج منه إلّا مؤمن، هاهنا الأمان، فخلّيتُ عن زمام راحلتي، فسارتْ وذهبتْ إلى الخباء،
وقال لي: اصبرْ، فدخلتُ فإذا به جالسٌ قد اتّشح ببردةٍ وائتزر بأخرى، وقد ألقى بردته على عاتقه، وهو كأقحوانةٍ نديّةٍ أصابها ألمُ الهوى، مربوع القامة، مدوّر الهامة، صلت الجبين، أزجّ الحاجبين، أقنى الأنف، سهل الخدّين، وعلى خدّه الأيمن خالٌ كأنّه فتاتُ مسكٍ على رضراضة عنبر، فلمّا رأيته بادرتُه بالسلام، فردّ عليّ بأحسن ردّ، وشافهني وسألني عن أهل العراق، فقلت: سيّدي، قد ألبسوا جلباب الذلّة، وهم بين القوم أذلّاء، فقال: يا ابنَ مهزيار، ستملكونهم كما ملكوكم، فالأيّام دول، يومٌ لك ويومٌ عليك، وهم يومئذٍ أذلّاء، فقلت: سيّدي، لقد بعد الوطن وطال المطلب،
فقال: يا ابنَ مهزيار، إنّ أبي عهد إليّ أن لا أجاور قومًا غضبَ الله عليهم، ولهم الخزيُ في الدنيا والآخرة ولهم عذابٌ أليم، وأمرني أن لا أسكن من الجبال إلّا وعرَها، ولا من البلاد إلّا قفرَها، أرى بلادًا قفراء فأسكنها، والله مولى الجميع، ثمّ أمرني الإمام بالتقيّة،
وقال: أظهرِ التقيّة، فأنا في التقيّة إلى أن يؤذن لي فأخرج،
فقلت: يا سيّدي، متى يكون هذا الأمر؟ فقال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة، واجتمع الشمس والقمر، واستدارت بكم الكواكب والنجوم،
فقلت: متى يكون ذلك يا ابن رسول الله؟ فقال: في سنة كذا وكذا، تخرج دابّة الأرض من بين الصفا والمروة، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان، تسوق الناس إلى المحشر.
المصدر:
بحار الأنوار، ج 52