بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
كل إنسان يبحث عن السعادة، لكن السعادة الحقيقية لا تُشترى بالمال، ولا تُؤخذ بالجاه، ولا تُنال بكثرة الممتلكات… السعادة أعمق من ذلك بكثير، إنها حالة قلبية يفيض بها الإيمان، ويباركها القرب من الله.
السعادة في القرب من الله
يقول الله تعالى:
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد:28].
فالقلب لا يهدأ، ولا يطمئن، ولا يسعد، إلا إذا كان عامرًا بذكر الله.
وقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام):
«إن الله جعل الذكر جلاءً للقلوب، تسمع به بعد الوقرة، وتبصر به بعد العَشوة، وتنقاد به بعد المعاندة».
فالذكر يفتح أبواب السكينة، وهو مفتاح السرور الحقيقي.
السعادة في القناعة والرضا
قال رسول الله ﷺ وآله: «القناعة كنز لا يفنى».
القناعة تجعل الإنسان يرى النعمة في أبسط الأشياء، فلا يُتعب قلبه بالمقارنة مع الآخرين.
الإمام علي (عليه السلام) قال: «من قنع استغنى».
فالقناعة غنى داخلي يزرع في القلب راحة ورضا.
الرضا عن الذات: لا تقارن نفسك بالآخرين، بل قارنها بما كنت عليه بالأمس.
البساطة: كلما خفّفت من متطلباتك، ازدادت سعادتك.
السعادة في العطاء
من عجائب السعادة أن طريقها لا يكون بالأخذ، بل بالعطاء.
العطاء ومساعدة الناس سر عجيب للسعادة، لأن إدخال السرور على قلب مؤمن هو من أحب الأعمال إلى الله.
برّ الوالدين، وصلة الرحم، وحسن الخلق مع الزوج والأبناء، كلها تفتح أبواب الرحمة.
قال رسول الله ﷺ وآله : «أحبّ الناس إلى الله أنفعهم للناس».
وحين تسعد قلب إنسان، يزرع الله في قلبك أضعاف ما زرعت.
السعادة في الحياة اليومية
الاعتناء بالجسد: غذاء صحي، نوم منتظم، حركة يومية.
ترتيب الوقت: إنجاز الأعمال بلا فوضى يريح البال.
التوازن بين العمل والراحة، بين الجدية والمرح.
السعادة في الصبر واليقين
قال تعالى:
﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: 155-156].
الصبر يحوّل الألم إلى طريقٍ للنضج، ويجعل البلاء زادًا للروح.
«اللهم اجعل قلوبنا مطمئنة بذكرك، ونفوسنا قانعة برزقك، وألسنتنا رطبة بشكرك، وأيدينا ممتدة بخدمتك وخدمة عبادك، واجعل لنا في كل همّ فرجًا، وفي كل ضيق مخرجًا، وفي كل سرور نصيبًا».
السعادة إذن ليست بعيدة، إنها في ذكر الله، القناعة، العطاء، والصبر… ومن سار في هذا الطريق، وجد السكينة في قلبه، مهما ضاقت به الدنيا.السعادة ليست في امتلاك ما نريد دائمًا، بل في أن نُحسن النظر لما بين أيدينا، ونستثمره برضا وقرب من الله، ونزرع الحب حولنا.
تعليق