إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

استخلاص المعنى الحسيني الاسمى في واقعة الطف

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • استخلاص المعنى الحسيني الاسمى في واقعة الطف

    استخلاص المعنى الحسيني الاسمى في واقعة الطف
    علي حسين الخباز
    عملية فهم النص التاريخي تأتي أثر فاعلية التلقي (تعامل، تفسير، تأويل، وإعادة انتاج...) وعلينا أن ندرك ماتعرضت له هذه النصوص من تأويلات سياسية عبر مراحل التأجيل التي مرت بها، والتي حاولت سلب استحقاقاتها سعياً لإخراسها ومنعها من بوح الحقيقة، لكنها سعت هي الاخرى الى تمرير تجلياتها الى الناس، بما يتناسب ومعطيات كل مرحلة زمنية (اجتماعية،اقتصادية، سياسية، معرفية...) فيصبح من مهام الباحث الساعي لقراءة تلك النصوص قراءة معاصرة الى الارتكاز على أدوات معرفية وتقنية، تستطيع أن ترى جميع موازنات الموضوع وخاصة عندما تكون تلك المواضيع مكبلة بالعديد من التأويلات القسرية ذات الصبغة السياسية مثل موضوع الامامة، فتكتب بما يتجلى في فضاءات تحترم قداسة التاريخ، مثلما تحترم المتلقي القارئ الحاضر او المستقبلي الذي سيأتي بعد أزمنة وأجيال لإعتمادها كقراءة تداولية علة ما تكشفه الازمنة من مجمل القواعد المستحكمة لتداول تلك النصوص.
    نجد أن قراءة سماحة السيد (علي الميلاني) في بحثه الموسوم (الامام الحسين إمامته وقضيته) وهو أحد بحوث مهرجان ربيع الشهادة العالمي الخامس هي قراءة واقعية قرأ لنا من خلالها مصطلح الامامة والتي تعني بكل أبعادها النيابة عن النبوة، وفي جميع شؤونها الدينية والدنيوية،وقد اتفق المسلمون على ضرورة وجود إمام بعد رسول الله ص يقوم مقامه في قيادة الامة وتعليمها وتزكيتها وهدايتها.ونعتقد أن هذه القراءة تسعى لتوضيح المعنى الجوهري، ولتوضح سبل التجاوز التأويلي والقسري المسرف لدلالاتها أي وضعت لتوازن آلية التداول لترويج السبيل الصالح، ولهذا كان اهتمام العلماء الافاضل بهذا الموضوع لكون معرفة الامام الحق بعد رسول الله ص توجب علينا طاعته، ليكون هو المنقذ والمرجع الديني والشرعي، فصار لابد لنا من معرفة كيفية معرفة الامام، وهل تنظر لها كما نظروا لها بضوء الوضعية المشخصة للمجتمع، وهي وضعية متحركة وتقودها مستجدات تحدث عند كل جيل أم تنظر الى النص بإعتباره هو المكمن الحقيقي لمفهوم الامامة، ومجالا واسعاً للسجال الرؤيوي حول هذا المفهوم يقول النص القرآني: (وجعلنا منهم أئمة) الدخول الى عوالم هذا النص المقدس عبر قراءة الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام بأن المعنى مخصص لولد فاطمة عليهم السلام، فنصل الى نتيجة مهمة لمعنى مضموني واضح دون الاحتياج الى استشهادات لغوية أو ضخ تأويلات أسرية لتلميحات دلالية، وأنما قراءة النص قراءة صحيحة توصلنا الى أن إمامة أئمتنا مجعولة من قبل الله سبحانه وتعالى؛ فاللغة هنا أداة توصيل حملت فكرة دقيقة وواضحة ومفردة (جعلنا) تكشف لنا هوية الجاعل وماهية الجعل، وهو الذي نصبهم الى هداية الامة وقيادتها بعد رسول الله ص والنص القرآني نص غني بطبيعته حمال أوجه، تحطمت على قصديته ماسعى اليه الكثير من المتحدثين والفلاسفة من أجل صياغة معادلة التكافؤ بين الدال والمدلول؛ أي أن تلك الدلالات تتجلى عند اظهار المعنى ويجتهد المعنى الاستنتاجي لتكوين الامامة كمنصب إلهي كالنبوة، وكما لا تدخل الامة في تعيين النبي كذلك لا دخل للامة في تعيين الامام والنص القرآني واضح في هذا المعنى دلالة وتأويلا، والغموض التفسيري الذي يرتأيه البعض ماهو إلا ترسبات التأويلات السياسية...
    قال الله تعالى لداوود عليه السلام: (إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس) القراءة الصحيحة لهذا النص القرآني كما جاء في البحث يضعنا أمام الصورة المعبرة عن مفردة (فاحكم) لنجد أن النص يتكلم عبر اللغة موضحاً أن معنى الحكم بين الناس أي السلطة التشريعية مكونة على الامامة والخلافة والولاية، وجعل الحكومة كمفردة مرادفة للإمامة، ومثل هذه القراءة لاشك أنها ترتقي الى مستوى أكثر سموا في احتواء الجوهر المضموني، ويذهب سماحة السيد الميلاني الى تعميق المعنى المباشر عبراستدلال استشهادي نراه يحمل سمات المعادل الموضوعي حين أراد بعض رؤساء القبائل مقايضة بيعة النبي (ص) فقالوا: نبايعك على أن يكون الامر لنا من بعدك، فأجابهم:إن الامر بيد الله وليس بيدي لنتأمل الامكانات الكامنة خلف هذه المعادلة، والمتكون من الاستشهاد الرسالي، فنجد اولا أن رد النبي ص تجاوز متطلبات الظرف الزماني والمكاني، والذي يتوضح لنا أن ثمة احتياج عال الى معين أو ناصر ينصر النبي في تلك الظروف.
    ومن المؤكد أن مثل هذا الرد سينهي الكثير من الامال، ويجعل موقفها عدائياً ثم ننتقل الى مستوى توضيحي آخرمختلف لنتأمل قول الرسول (ص): (ليس الامر بيدي) حيث نصل الى قصدية المطلوب أن الامر بيد الله يضعه حيث يشاء، وهذا الامر يكشف قواعد الخلافة بعد حياةالنبي (ص) وبعد هذا نذهب باتجاه منحى آخر لنجد أن هذا التشخيص قد جاء حرفياً في سيرة ابن هشام وسيرة أبن كثير، واتفقا مع غيرهم من علماء السنة بأن أمر الامامة والخلافة والولاية العامة بعد رسول الله بيد الله سبحانه وتعالى لا بيد أحد ولا حتى بيد النبي نفسه ونلاحظ أن استشهادات الباحثين الشيعة بتلك السير تأتي وكأنها مسوغات مرور او محصنات فنية ضد أي قراءة ساذجة كسولة قد تهاجمهم مستقبلاً.
    تكوينات البعد اللغوي تأخذنا الى دلالات الحدث مقرونة بظرفي (زمان ـ مكان) لتكشف المعنى النصي والتفسيري ( الكشف والاظهار) وتوضيح معنى الآية عند الاستشهادات القرآنية وتوضيح الشأن والقصة والسبب الذي نزلت فيه ومحاولة فهم النص... مع ادراك المساحة التأويلية لكشف دواخل المعنى الحقيقي لجوهر الامامة والخلافة والولاية العامة بعد رسول الله ص وانما هي شآن رباني بيد الله لابيد احد وقد بين القرآن الكريم ان النبي (ص) يبلغ من قبل الله ولاينصب (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته...) وتظهرالمساحة المفتوحة للمدى التأويلي الذي يبين انتقال النص الى مستوى دلالي يعتمد على الامكانات الكامنة فيه والتي اضمرها النص فالزمان عند خروج النبي (ص) من منى عند قفوره الى المدينة المنورة والمكان غدير خم ـ وامر التبليغ هو امامة امير المؤمنين علي بن ابي طالب وولايته من بعده.
    نجد ان النص القرآني محصن فنيا ضد القراءات السطحية الكسولة، فهو غير مستعد للاستلام السهل ليعطي المعنى هيبة الادراك وتعتبر من المسائل الفنية... وقد كانت الولاية ضمن سياقات التبليغ، واردف السيد (علي الميلاني) قائمة من المفسرين السنة من الذين شهدوا على ان التبليغ كان معدا لامامة علي بن ابي طالب عليه السلام .. كتفسير الطبري، وأبن ابي حاتم، وابن مردويه، وابي نعيم الاصفهاني، والواحدي، وابن عساكر، والاسيوطي، والشوكاني... وغيرهم من اعلام التفسير وادراكا لمبدأ التعليق الذي يضيف التوثيق غنى ودلالة؛ أقرن السيد الميلاني تلك الاستشهادات بالمصادر التي ستكون قريبة عن مستوى من مستويات القراءة ربط مفاهيم تأثيرية؛ المستند النصي الاستشهادي موقع عن عدد من كبار الصحابة، ورواه عن عبد الله بن عباس، وعن عبد الله بن مسعود، وعن ابي سعيد الخدري والتفسير العلمي الذي يدرس الواقع المتحرك بطبيعته كمعنى من المعاني النصية المحتملة والممكنة وفضاء يتسع لعدة اجتهادات ...عبد الله بن مسعود يقول كنا نقرأ على عهد رسول الله (يا أيها الرسول بلّغ ما انزل اليك من ربك أن عليا مولى المؤمنين).
    ومثل هذا التشخيص الجريء يحتاج الى شواهد تاريخية موثوقة كي لا تفرض قراءة ما او فهما ما على التفسير المعلن كمعنى وحيد؛ السيد الباحث لايقول بهذا المعروض النصي لكن ينقله بأمانة والغاية المعنى المراد؛ الدر المنثور ينقل لنا عملية تحريف القرآن، إذ ورد في نصوصهم وفي رواياتهم عبد الله بن مسعود يقول: كنا نقرأ على عهد رسول الله ـ والنص المستشهد به معلوم كمرجع سني موثوق ويعتبر من المورد لتجلي المعنى في عرفهم... ويثير استجابة ادراكية بأن المسلمين اجمعوا على ضرورة وجود الامام علي (ع) بعد رسول الله ليتولى امورهم الدينية الدنيوية، وعندما يخاطب النص البحثي الجانب العقلي الادراكي عند المتلقي سيعتمد على البرهان كي يؤثر التأثير المناسب من حيث موائمة قيم استدلالية انتقائية توصل بنى المعنى الى ابراز الجوهر.. المواد المؤلفة لصورة المعنى المبني وسماحة السيد الميلاني يحمل الغاية الأسمى معرفة الباري عز وجل وطاعته وعبادته؛ لقد سأل رجل الحسين عليه السلام مامعرفة الله؟ فأجاب: معرفة اهل كل زمان امامهم الذي تجب عليهم طاعته، فيصبح المعنى اكثر وقعا، نتيجة تكون اكثر محصلة، وأفضل تاثيرا، لكونها معاني معلقة بادراك ذهني مقرون بمتعلقات وجدانية ولذلك نجد السيد المؤلف راح يستحضر الشواهد القرآنية، ليعزز حضور اكثر من معنى يصب في صالح المستوى الادراكي ـ الاستشهاد الحسيني يعطينا اليقين الواضح في معرفة الله تعالى ـ وقد اضفى هذا الاستشهاد قدرة هائلة على التأثير وعلى الايحاء بمعنى ان مثل هذا الامام تجب طاعته بقوله تعالى: (أطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الأمر منكم) نجد هناك مساحة واسعة تركت للمتلقي في المحور البحثي يناسب وجوده اكتسابا وتفهما وتواصلا معرفيا سيتوضح عنه ان شأن الامام من بعد النبي شأن النبي (ص) من عدا النبوة واستشهد بقوله تعالى ( من يطع الرسول فقد اطاع الله ـ ) لنصل الى المعنى المؤول من اطاع الامام الحق اطاع الله ـ واستشهد معززا قوله بآية قرآنية ( يهدون بإمرنا وهذا يدلنا على كشف مدلول آخر ان أهم وظيفة من وظائف الامام واهمها الهداية بعد ان كانت وظيفة النبي الانذار والابلاغ ـ وهذا يأخذنا نحو مديات أخرى إذ ذيلت الآية بقوله تعالى: (انما انت منذر وكل قوم هاد) يضيف السيد الباحث الكم الاستشهادي كمرجع نصي يدعم المغزى وهذه قدرة منتجة على التواصل... روى الحاكم النيشابوري والطبري وفي تفسير الطبراني بمعجمه والهيثمي والاسيوطي والبغدادي وغيرهم ان النبي (ص) انا المنذر وعلي الهاد ـ يا علي بك يهدي المهتدون من بعدي) ثم يتبنى غبطة نصية بمثابة دعم توثيقي يبين السمات الحية في الموضوع بشهادة الفريقين ان الخطاب يظهر ان الهداية منوطة بالامام او الامامة المنصوبة من قبل الله تعالى و يستلهم السيد الباحث مضمون الزيارة كسند داعم للمضمون ـ (السلام على الائمة الدعاة قادة الهداة والسادة الولاة) المعرفة بعد رسول الله للامام ونستنتج من تجربة القراءة عملية التقارب الاستدلالي؛ اذ ينبهنا الباحث لنتأمل اثناء زيارة الحسين عليه السلام: (ودعوت الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) فيتجلى النص البحثي في اظهار صورة المعنى المستخلصة من الوقائع والاحاديث (استخلاص المعاني) كمعنى قول الرسول (ص): (من لم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية) نجد ان السيد الباحث يسعى الى تنويع هذه الاستشهادات والاكثار بها لقرب المفاهيم وتفتح قنوات المعنى ـ كما نجد في قوله تعالى (وَجَعَلنا مِنْهُمْ أَئِمَّة يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) وهذا يبين مديات الاختبار وماهية الصبر المتعلقة به ليعتبر استحضار هذا الصبر والاستشهاد به من المنبهات التي حركت ذهنية التلقي نحو الكثير من الاسئلة عن ماهية هذا الصبر، نوعه، زمنه، اثاره، ابعاده، وقصة التحمل...؟ ومن ثم موقع الصبر من عملية الاختبار؛ إذ يرى السيد الباحث انه لابد من دراسة هذه النقطة وهي عنده شديدة الاهمية لكونها إحدى المميزات المهمة للائمة وهذه الدلالات المتنوعة هي التي شكلت خاصية المسعى البحثي... ليصل السيد الباحث عبر مفردة الصبر الى مفردة اخرى ميزة اخرى شخصها الامام علي عليه السلام: (لو كشف لي الغطاء ما ازددت إلا يقينا) فنجد هنا دخول غير مباشر على جميع متعلقات المواصفات، فهذه القدوة الامامية تكونت من قوة اليقين...
    نجد الدهشة احيانا في تفسير الموروث التاريخي نفسه في قيمة السيرة المحمدية الصحيحة حيث العمق المعنوي الذي ينجلي بعيدا الى اسوار الحجابات القسرية التي تعرض لها... رحب النبي (ص) بالحسين عليه السلام: مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السموات والارض... فاستغرب أبي بن كعب الذي كان حاضرا وسمع الترحاب فراح يسأل:ـ كيف يكون زين السموات والارض غيرك يا رسول الله؟ فأجابه: والذي بعثني بالحق نبيا ان الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الارض، فانه مكتوب على يمين العرش: (الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة) فبدأ بدراسة الدلالات الكثيرة التي يحتويها هذا الحديث وتحليل فقراته... فالدلالة الأولى في اطلاق الكنية (أبا عبد الله) فنجد ان الرسول (ص) يستقبل الحسين عليه السلام بكنيته، وهذا يدل على قيم الاحترام... والدلالة الثانية اطلاق اللقب (زين السموات والارض) ونجد ان تأمل هذا الدلائل بمثل هذه الدقة لابد ان يسمى اتقانا تأمليا يكشف ابعاد النص فكريا وجماليا من خلال تعميق الدلالات... والدلالة الثالثة والتي تعنى بالقسم: (والذي بعثني بالحق نبيا...) والنبي (ص) لايحتاج الى مثل هذا القسم، لكنه ود ان يؤكدها لذهنية المتلقي المستقبلي.. هناك استخدام امثل لطاقة اللغة فمثلا لو لاحظنا مفهوم الدلالة الرابعة: (ان الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الارض ) اي ان مانعرفه عن الحسين هو قليل بالنسبة لمقامه عند اهل السماء، فقد عرفوه، ولايعني انهم عرفوه بكامل فضيلته وحقيقته؛ فأهل السماء ايضا لم يعرفوا كل حقيقة الحسين عليه السلام...
    أعتقد ان التأمل في العمق النصي موهبة تستوقف كل اشارة وعلامة ودلالة لتزيد المعنى ثراء لدرجة يصبح تحريضا ادراكيا خلاقا... اما الدلالة الخامسة تكمن في عبارة (مكتوب في يمين العرش) قد يظن البعض ان عبارة (يمين العرش) من العبارات الصريحة، والتي تأخذ بالتفسير الآني والمباشر والبسيط، وتجعل مهمة القراءة هنا مهمة نمطية مشغولة بنمطية الإستقبال. لكن سماحة السيد المؤلف يسأل ما معنى (المكتوب في يمين العرش)؟ ثمة قصور ذهني عام عند الانسان لايستطيع تصور المدركات الغيبية ليفهم هذه الدلالة الرسالية المستندة على حكمة ربانية... هي تجليات لابد ان تأخذنا نحو كم احتمالي ـ والاحتمال القوي الذي يراه سماحة السيد (الميلاني) هو ان يكون كناية ـ طاقة كاملة مستمدة من قوة المعنى الخفي، وتلك الكتابة ايضا لها مفهوم المعرفة والتوحيد، وان يكون الحسين عليه السلام من اركان هذه المعرفة ـ رؤيا خلاقة نافذة تتواصل مع امكانية المطلق وتصور هيئته في ذلك العالم ـ والدلالة السادسة تكمن في بنية الحديث (الحسين مصباح هدى وسفينة النجاة).
    وقد وردت في بعض القراءات (مصباح هاد) فقد حاول السيد الباحث يقرن فاعلية (القراءة... التلقي) بما عليه الارسال الثاني النص البحثي ليضع المتلقي امام واقع النص الاول (الحديث) ليزيد من درجة استيعابه، ويجعل تذوقه الجمالي كونه استخدم انتقادات تنسيقية تتوائم مع مفهوم الحديث، لتكون سندا دائما للايضاح: (لولا الحسين لماعرف الله وعبد، ولولا الحسين لما اهتدى الناس وما نجت الامة من الهلاك) ولكلا الاشارتين اكثر من مرجع نصي يهيء المعنى الكلي.. قضية التدوين البحثي لم يعد موقوفا على نقل احداث وتواريخ وتدوينات موثقة من حواشي بل في عملية امتلاك الحس النقدي البعض منه يتحرر الى شكل انطباعات والبعض الاخر الى فكر تحليلي يستند الى الخزين المعرفي الثقافي يجمع مجمل التجارب والأحداث ويعيد صياغتها.. بناء صورة جديدة تتوسع وغالبا ماتجتاز محدودية النص الوصفي، تصبح توصيفات موضوعية تنطوي على كلي يرتقي بالادراك الى مستوى تأويلي ادراكي مضموني ـ مما يضفي على البحث تواصلا روحيا ووجدانيا.. قرب لنا سماحة السيد الباحث بهذا المعنى مفهوم الشراكة.. ارهاب معاوية للناس وأخذ البيعة منهم لأبنه يزيد تجعله شريكا لجميع افعاله وحتى قضية قتل الحسين في العراق كانت بتخطيط معاوية، ولذلك يتحمل غلاة الحجاز والكوفة مسؤولية قتل الحسين.. لو تأملنا التأريخ لوجدنا ان ثمة اجراءات طبقت في مدن الكوفة وقراها تثبت ان لادور لأتباع أهل البيت في الكوفة، ولا في قتل الامام الحسين ع بل هي قضية أموية حفلت بها الخوارج المتواجدون في الكوفة، ولهذا منعت السلطات تدوين واقعة الطف ونقل تفاصيلها، فلم نعثر على كتب مؤلفة في المقتل الحسيني من الرواة القدامى الا القليل، فيكون المنقذ الوحيد هو اللجوء الى الاعتماد على القرائن والشواهد واستنباط الأمور من خلال الأخبار.
    هناك اذن مساحة اشتغال واسعة تبعد التدوين البحثي عن النمطية، وفي نفس المجال ايضا حاول الأمويون التعتيم على الواقعة كي لاتنقل احداثها الى العالم، وكي لاتتحدث الأجيال عن قدسية المقتول ووحشية القاتل؛ البعض اليوم يشكك في تلاوة الرأس الشريف للقرآن الكريم، بينما يروي الخبر (ابن عساكر) ويقول السيد الباحث: هناك من لايصدق ان وحشية جند آل امية تصل حد أخذ القرط من أذن بنات رسول الله ص ويذكرها الحافظ الذهبي. والبعض الآخر ينكر عملية سحق الخيول لجسد الحسين الشريف واسماء الخيالة موجودة مدونة...
    وهذا يعني لنا ان غرائبية الواقع التاريخي جعل العقول تعجز عن التصديق... المشكلة تترتب على ماهية الأحكام فهل تكمن قيمة المصداقية بما يصدقه العقل فقط بالمستساغ منها، وما لايحتمله العقل ينكر، تبقى الواقعة بنوعيها الأحداث والرموز السلبية والاحداث والرموز الايجابية تشكل الكثير من الخرق للناموس الطبيعي؛ فالايجاب له كراماته. وقد حدثت في الطف كرامات كثيرة مذهلة والسلب له تجاوزات بات لايصدقها العقل... فلماذا الى الآن يصدر البعض ممن يفترض ان يكون من اهل اليقين انطباعات تائهة بينما سياسيو المذاهب الأخرى من العلماء يتعاملون مع الواقعة بفن زرع الريبة وحداثوية الشك ويتفنون بمهارة الطعن.. المعارضة ـ الدس ـ التحريض ـ الأحكام المزاجية فمنهم من يرى شرعية حكومة يزيد وعلى هذا يصبح الخروج على حكمه حراما؛ فلذلك كان يوم عاشوراء عندهم عيدا من الأعياد، وهناك من قال ان الحسين شهيد لايمكن ان يعزى بل يبارك هي مجرد تبريرات، وهناك من منع البراءة من قتلة الحسين على احتمال التوبة... ويتسائل سماحة السيد علي الميلاني في بحثه الجاد... اذا كانوا هم يهتمون لحفظ ماء وجه القتلة فلماذا لانهتم لحفظ هذه الواقعة... فلسفة الشعائر الحسينية هي اقامة الشعائر للاعلان عن مظلومية أهل البيت (ع) ولتأكيد ايماني يصر على رفع لواء النصرة عاليا ويقينا ان بحثا بهذه الحركة يعد احتراما لعقلية المتلقي وايمانا بحتمية الواقعة كفعل خالد يتنامى عبر الأزمنة.
    علي حسين الخباز​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X