إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مسرحية : حين رأيت الحسين ناهض الخياط

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مسرحية : حين رأيت الحسين ناهض الخياط


    مسرحية : حين رأيت الحسين
    ناهض الخياط
    ( غرفة ذات جدران بيضاء / يمثل ( السايك ) خلفيتها ليساعدنا على تصوير المشاهد التي يتعذر تجسيدها على المسرح / على جانب السايك مكتبة ،قربها منضدة للكتابة ، فوقها مزهرية وسرا حية ماء وكأس / على جداري الغرفة لوحتان تجريديتان لألوان مزهرة / موسيقى شهر زار / الكاتب يسحب كتابا من المكتبة ، ثم يجلس خلف المنضدة ليقرأ ه / تظهر على الكاتب علائم النعاس / يضع رأسه على المنضدة ويغفو / إنارة زرقاء / موسيقى حالمة ) .
    الممثل :ـ ( وهو يستيقظ من غفوته / إنارة )
    الله ّ كم جميلاً هو الحسين ، وبهياً كالبدر في سماء صافية ! وها هو عطره الذكي يملأ غرفتي ! إن روحي ترفرف الآن بألف جناح ، لقد رأيته يمر من هنا وعيناه صوب أفق بعيد ، لم يكلمني ، ولكنه ابتسم لي ، فأحسست بسمو روحه ، وعلمه ، وشجاعته ، فنالني من سخائه شيء كثير ، وها أنا اشعر بأنني اخترق الزمان ، فتجيبني أحداثه عن الحقيقة ، وحيرة لأسئلهُ 0 لقد فتح عيني على أعدائه وهم يعودون ثانية بأقنعة وأردية تخفي تحتها الجريمة والغش والزور والاحتيال .
    ( ينهض الكاتب من بين الحضور في القاعة ويصعد إلى خشبة المسرح )
    الكاتب :ـ ما هذا ! ماذا تقول ! لقد خرجت عن النص يا صاحبي ! وتقول ما يعرّضنا إلى الخطر ، فأنت تقول : لقد فتح عيني على أعدائه وهم يعودون ثانية ، وكذا وكذا وكذا ، إنه خط احمر ، وما أكثر الخطوط الحمراء الآن !
    الممثل :ـ وما معنى قولك ، وتجيبني إحداثه عن الحقيقة ، وحيرة الأسئلة ؟
    الكاتب :ـ كلام عام ، ولا تخصيص فيه ، فلا يتخذونه دليلاً ضدنا
    الممثل :ـ ومعنى هذا سنتوقف عند مديح الحسين ، وأحداث مقتله ، ثم البكاء واللطم عليه ، ولعنه قاتليه . ألم يطلب الحسين من أهله ، وهو عالم بمقتله ، الا يخدشوا عليه الخدود ، ويشقوا الجيوب 0 أما لعنة قاتليه فليست أقسى عليهم من النار ، وهم وقودها خالدين 0 لقد كان الحسين يزف أبناء النبوة إلى أعراس

    شهادتهم مهللين مكبرين مستبشرين ، حتى تساقطوا واحداً واحدا كما تتساقط الشهب في ليلة حالكة ، ثم صال بعدهم وهو يصيح (أما والله ، لا أجيبهم شيئا مما يريدون ، حتى ألقى الله ، و أنا مخضب بدمي ) وصار له ما اراد ، حتى قال فيه احد مقاتليه ( والله ما رأيت أحدا مكسورا قط ، قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه اربط جأشا ولا أمضى جَنانا سنه ، ولا أجرأ مُقدماً ) .
    الكاتب :ـ اعرف ذلك فالمؤمنون لا يبكون ولا يستعطفون، فهل رأيتَ ضياء يبكي؟ والحسين قمر الليل الحالك، وأصحابه النجوم ، أما نحن المستضعفين الساكنين ، فدموعنا تطهّر نفوسنا ، وتطيّب جراحنا من سياط الظالمين ، وأعرف أن قاتليه وصمة خزي وعار في جبين الحياة ، وهم في جهنم خالدون .
    أما الحقيقة فليست صورة معلقة في إطارها على الجدار ، بل هي رؤيا العقول النيرة ، وهي الصورة التي يرسمها الزمن بألوانه المبهجة ، لتشيع الحب والخير والسلام ، إنها أبدا انتصار المظلوم على الظالم ، و المستَغَل على من يمص دمه ، ويهدر كرامته ، وهي من يجيبنا على الأسئلة .
    الممثل :ـ فلماذا لا نكشف عن رؤيانا ، ونطلق الأسئلة !
    الكاتب :ـ شريطة أن نعرف متى وكيف ، كما نعرف الرفيق قبل الخطوة الأولى على الطريق .
    الممثل :ـ أو لم نعرف متى وكيف ، ومن هو الرفيق ؟
    الكاتب :ـ نعم ! و لا نعرف ايضاً كيف نحدد الطريق . فما زالت عيوننا معصوبة بأوهامنا ، وأسماعنا مرهونة بغواياتنا ، لأن جهاد النفس لمّا ينتهِ بعدُ في ضمائرنا ، وهذا ما بينه الرسول الكريم بعد فتح مكة ، وسقوط أصنامها ، فما أن نقله تعالى وصحبَه إلى جواره ، حتى تنادى رغاءُ القوافل ، وأصوات حداتها ، وتجارها ، وكهان أصنامها ، ( موسيقى شهرزاد ) ليغدو الجهاد تقاتلا على السلطة ، وتكالباً على المال ، والنفوذ ، سوى نخبة من المؤمنين الصادقين ظلت متمسكة بنهج الرسالة ، ودعاتها المخلصين لها ، وهم يرددون قول الرسالة : ( الناس سواسية كأسنان المشط ) ، ويصيح مسؤولها :
    لوغرق جمل في نهر الفرات ، لخفت الله أن يسألني عنه يوم القيامة ) ثم يقول صوتها : ( والله لأن
    أبيتنّ على حسَك السَعدان مصفّدا , أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله ُ يومَ القيامة ِ ظالما لبعض العباد ,
    وغاصبا لشئ من الحُطام ) و قوله : ( يابني ! إجعل نفسك ميزانا في ما بينك وبين غيرك ، فاحبب
    لأخيك ما تحب لنفسك ، واكره له ما تكره لها ، ولا تظلمُْ ، كما لاتحب أن
    تُظلم..)( موسيقى شهرزاد ) ثم جاء من مسح بالرسالة كرسي عرشه ، وأبواب خزائنه صارخا ( لا خبرجاء ولا
    وحيٌ نزل ) لتغدو الرسالة حكما موروثا لأبنائه ، ولمن سلب الحكم بعدهم من الظالمين ، والفاتحين 0
    ( موسقى شهرزاد )
    الممثل : ـ ليقع مبزان العدالة بيد الطغاة العتاة ، وتنتصب ( اللات ) ثانية بهيئة حاكم أحمق غدار جهول ، أشاع
    الفرقة والأرهاب والموت والحروب ( يعرض على السايك مشهد للإعدامات والمقابر الجماعية )
    الكاتب : ـ حتى بات الرجل يخشى من أخيه ، والمرأة من جارتها ، والطفل من دميته ، و لا يجد المرء قوت يومه ، ليستر به عرضه ، وجسده ! ( موسيقى شهرزاد ) 0 ثم يصبح اسم الله تكبيرة على فم المجرمين !
    ( تعرض على السايك مشاهد للإرهابيين الذباحين تفجير المنازل ودور العبادات الحقول والأنهار المجففة صورة طفل يشرب الماء من حنفية معطلة ، يرافقه صوت ( إقطع ْنزاع القوم يا حرملة ) تتلاشى الصورة بانفجار جماهير متظاهرة في فضاء أحمر مجرد من علامات المكان )
    الممثل : أمعلمَ الثوار إن نضالهم بك يقتدي والثائرون كثار
    من كل بيت فيه يصرخ جائع وبكل أرض تستباح ديار
    وبكل حقل فيه يزرع آمِلٌ أملا فيرزح في الحقول بوار
    وتبيده أنّى تفتّحَ غرزُها نار ويستوفي الوجود دمار
    حتى غدت فينا النفوس مريضة شوها يدفع خطوها الدينار
    صوت : - ماذا تنتظر ، ياابن سعد ، إسحقهم ، ثم جزّ رؤوسهم ، وعلقها على الرماح !
    ( إضاءة )
    الكاتب : ـ ونجهل ما سيأتي به غدنا ! لقد كان عليّ حين رأيت الحسين في حلمي أن أسأله ، لكن ابتسامته وهيبته أوقفتني ، وهو يشير بيده مبتورة الأصبع إلى أفق بدا لي حينها ملبدا بالغيوم والضباب 0 .
    الممثل : ـ أما يتجلى لك الآن شيئ من رؤياك ، عما تجيئ به أيامنا القادمة ؟ ومن رآهم فقد رأى !
    الكاتب : ـ نعم ، أرى وأسمع ! ولكنني أخشى أن أشيع اليأس والخوف في النفوس ، بما رأيت من بروق ، وما سمعت من رعود ،
    كما يتناهى لسمعي رغاء القوافل ، وأصوات حداتها وأوامر تجارها ، كما هي قبل قرون ، وهم يحملون لمكة أصنامها التي حطمها المؤمنون .
    الممثل : لتنتفخ الحقائب ، وتعلو زرائب الجياع بين الحزن والقبور، حيث يدوّي صوت الحقيقة الهادر( من أين لك هذا!)
    فتصدّه ( اللات ) بأحفادها ، وما يحتشد معهم من الفاسدين والمنافقين ، والقتلة المأجورين ، والمزايدين على أعراضهم ، وما توارثوه من جهالاتهم ، ليسقطوا الراية التي انطلقت مرفرفة بدمائها منذ يوم الطفوف !
    الكاتب : - وهي تمضي خفاقة إلى أفقها !
    الممثل : - ومتى تصل ؟
    الكاتب : - ذلك في الغيب ، يا صاحبي ! لكنها سوف تصل ! لأنها راية المستضعفين الذين سيملؤون الأرض
    عدلا وسلاما ولوبعد حين !
    الممثل : - أما كان عليك أن تسأل الحسين حين رأيته في حلمك عن لون أيامنا القادمة !
    الكاتب : - ولكن كما قلت لك ، بهرتني هيبته ، وجمال طلعته ، وتلك اليد الدامية ، وهو يشير بها نحو أفق بعيد !
    الممثل : - وذلك ما أحسست به ، وأنا أمثل ما رأيته في حلمك ، عسى أن تراه ثانية لتسأله !
    الكاتب : - نعم ، لا بد أن أراه !( يطرق مفكرا ، ثم يلتفت إلى المكتبة ) هناك رأيته في عالم الفكر العظيم ، في
    الكتاب الذي خطه ملاك ضمير جاهدَ النفس صابرا ومحتسبا ، فصحّت رؤياه ورؤيته !
    ( تعتيم إنارة زرقاء الممثل غاف وراء منضدته موسقى مناسبة ) .
    صوت : - ( لاأعطيهم بيدي إعطاء العبيد ، ولا أقر إقرار الذليل ) .
    ( ينهض الممثل وهوفي غفوته )
    الممثل : - يا ليتنا كنا معكم ، فنفوز فوزا عظيما !
    صوت : - أتريد أن تكون معنا حقا ؟
    الممثل : - نعم ، يا سيدي ! ( موسيقى شهرزاد )
    صوت : - وهل فزْتَ بجهاد نفسك ؟
    الممثل : - ما زلت أجاهد يا سيدي !
    الصوت :- وهل صرت حاكما ؟ ووضعت العدالة بين يديك ، فجنح للباطل ميزانها ؟
    الممثل :- لا..يا سيدي !
    الصوت :- وهل صرت وزيرا ؟ وخنت ما ائتمنك الناس عليه ؟
    الممثل :ـ لا يا سيدي !
    الصوت :ـ هل أنت مدين لأحد ؟
    الممثل :ـ لا ياسيدي ! إن لم أكن دائناً !
    الصوت :ـ وهل سخّرت فكرك وقلمك لغير الحقيقة وأنصارها ، أو أسكتْه خوفاً من الجوع والموت والسجون ، فأعطيتهم بيدك إعطاء العبيد ، وأقررت إقرارالذليل ؟
    الممثل :ـ ما فعلت ذلك أبدا ، وحق إيمانك وإعجاز صبرك وشجاعتك !
    الصوت :ـ إذن .. كن معنا !
    الممثل :ـ كيف يا سيدي ! ؟
    ( إنارة يستيقظ الممثل من غفوتهِ موسيقى مناسبة ) نعم ، يا سيدي ! نعم ، سأكون معكم ، ولكن قد بعُد ما بيننا وبين يوم الطفوف !
    ( ينهض الكاتب من القاعة ، ويصعد إلى المسرح )
    الكاتب :ـ لا .. ليس بعيداً عنا يوم الطفوف ! وها هو ماثل في أيامنا هذه ، حيث يسفح المجرمون دماءنا ، ويفجرون بيوتنا ومعابدنا ، ويجففون حقولنا وأنهارنا ، ويمزقون أوصال شعبنا بأمر الشيطان وإتباعه من الطغاة العتاة ، غير مبالين بعويل نسائنا وصراخ أطفالنا ، ويردون على أصواتنا بالرصاص !
    الممثل :ـ او ما نقدر عليهم ؟
    الكاتب :ـ بلى .. نقدرُ !
    لأن الحسين بأعماقنا شعلة ًٌ
    وأغنية ٌ حرة ٌ
    يرددها الثائرون
    إلى إن تصير الحياة سلاماً وحباً
    يوطد أركانها العادلون
    الممثل :ـ حتى إذا دار الزمان وأقلعت أمم ٌ
    ودالت بعدها أقطارُ
    وروى الرواة وكل مجدٍ ماثلٍ
    في الأرض تكشف سره الأخبار

    فإذا الحسين يشع ضوء جبينهِ
    وسناهُ ما دار الزمان نهارُ
    الكاتب :ـ ( وهو يشير إلى السايك المضاء بالأخضر موسيقى مناسبة )
    ذلك هو الأفق الأخضر ، ربيع الحياة الأبدي للفقراء ، والمستضعفين ، والمؤمنين الصادقين!
    الممثل :ـ نعم ! إنه الأفق الذي رأيت الحسين يشير إليه مبتسماً ، إنه أفقنا ، فدعنا إليه نسير !
    الكاتب : ـ دعنا نسير !
    ( يلتفتان الى الجمهور في القاعة )
    الممثل والكاتب :ـ من يسير معنا !
    أصوات : - نحن نسير !
    ( يتجهان الى السايك الأخضر ويختفيان في داخله )
    ( انتهى )



المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X