الاوشحة نص مسرحي
نوفل الفضل
الشخصيات
الشاب
صاحب الوشاح الأسود
صاحب الوشاح الأزرق
صاحب الوشاح الأحمر
رجل الدمع
رجل الحبر
أصوات وشخصيات تظهر وتختفي بحسب الحاجة
منطقة صحراوية تمتد إلى عمق مهجور ..شاب يتطوح من العطش فجأة يكتشف بئر ماء) )
الشاب : ماء
صوت : ماء
الشاب : منذ أول الماء ، احمل الظمأ فضاءات عطش لا يموت
الصوت : ماء
الشاب : عند العطش يصير القلب رملا ... كرمل هذا الرحيل
الصوت : كل مافي الأفق ماء ( خرير ماء )
الشاب : ( بلهفة ) وكأني اسمع خريرا ( بدهشة ) خرير نهر ؟
الصوت : الماء هديل الصحراء
الشاب : صرت أشم رائحة الماء .. اخرج يا ماء .. اخرج ( يضرب البئر بقدمه ) اخرج يا ماء ...(بيأس ) يبدو اني سأسرج مسيري ثانية احمل ميراثي الظامئ على هذه الأرض
صوت : سال دم النهر على هذه الأرض .
الشاب : ذبحوا النهر أيضاً ؟
الصوت : فراح يهرب من روافده ، ليمتطي تارة قساوة اللوم ، ويولج عمق الأرض تارة أخرى
الشاب: إني ابحث عن الماء
الصوت :ـ النهر أمامك .. خلفك .. بين جنبيك
( الشاب يتلفت عند كل صوب )
الشاب : النهر ؟
الصوت : نعم النهر .. يتوارى خجلا عند خطوتك
الشاب : لمّ؟
الصوت : لأن ارث العطش فيكم صار عويلا يفطر كبد السنين
الشاب : العطش..هوية .. تطل على رواء يديم هذا الانين
الصوت : تقدم
الشاب : ( يسير خطوة ),,
الصوت : انظر إلى النهر
الشاب : انه بئر .. لا ماء فيه
الصوت : تقرب إلى النهر
الشاب : هو بئر ماء
الصوت : هو الفرات
الشاب : الفرات يقبع في بئر وفي جوف الصحراء
الصوت : اقترب
الشاب : ( يقترب خطوات ... وإذا بعدة شخصيات تجلس على حافة البئر ، كل شخصية ترتدي لونا من الألوان على رأسها) )
الشاب : عجيب ... حقا هو نهر يجمع روافده ليتكور في شهقة بئر
( مع الشخصيات )
من انتم ؟
صاحب الوشاح باللون الأسود : نحن العديد من سكان ماء الفرات وبعض مكونات أخرى من دمع وحبر ، تحشدنا كي.....
الشاب : كي ماذا ؟
صاحب الوشاح باللون الأسود : جئنا لنهمي سيلا من دمع خجول .. عسانا نتدفق يوما على سواقي الحلم
صاحب الوشاح الأزرق :ـ كل لون قنديل رواء
صاحب الوشاح الأبيض : نحن النهر
الشاب : أي نهر هذا الذي يقبع في جعبة بئر .. أكاد لا اصدق ما أراه
صاحب الوشاح الأسود : كالقطاة غادرنا فضاءات الولاء إلى قحط الهجير
الشاب : هروب بشكل تأنيب الضمير
صاحب الوشاح الأحمر : قسوة جرح ، بل نزف أنين
صاحب الوشاح الأسود : ( يبكي)
صاحب الوشاح الأزرق : كل شيء مني أنا ... أنا الحياة
الشاب :ـ أنت إذن الفرات ؟
صوت جميع أصحاب الأوشحة : كلنا فرات ،
صاحب الوشاح الأسود: قبل ان تجتاحنا الجياد ،
صاحب الوشاح الأحمر : وقبل ان يهدر الدم الهاشمي على تلك البقاع
صاحب الوشاح الأبيض : جاءهم براية سلام عقروها دما
صاحب الوشاح الأزرق أهدروا الدم الهاشمي على وجه هذي الأرض
صاحب الوشاح الأحمر : قبل أن يذبح الصوت بسطوة العروش
الشاب : بعد ان جبن الفرات وخان ؟
صاحب الوشاح الأحمر : .. الفرات .. ما خان ابدا ، هذا هو دمه المسفوك اقرأه فيّ ، وانظر الى ما تحتويني من جراح
الشاب:ـ خان .. وإلا كيف لهذا الماء ان يذرف عطشا
صاحب الوشاح الأحمر : انا كبد الماء ... نزفت دما منذ عطش الرضيع ،
صاحب الوشاح الأبيض : انا عطش الرضيع
صاحب الوشاح الأزرق : أحاطوا زرقتي الصافية بجيش يحمل تجاعيد الخراب
صاحب الوشاح الأبيض : ظللوا الفضاء بحقد ، كي لايعثر ظامىء على سطوع الماء
صاحب الوشاح الأحمر : احمراري بعض دمه الذي راح يعانق السماء
وأنا كنت اصرخ لحظتها يا لعبد الله الرضيع ، سيدي الرضيع ، واصرخ في وجه من قتلوه لم قتلتم البراءة في هذي الأرض
، وأروح اغرق في ذاتي ... أختنق ... أمد يدي لأنهض .. تواريت لأني أدركت أن ألف حرملة يمط سهام جشع على مديات القربة... الرقبة.. الماء
الشاب : اختلطت علي الامور من أنتم
صاحب الوشاح الاحمر : انا قطرة ماء أشعلت نوارة القلب في نبض حنين ، حملت فاتحة الوقت ـ ونبض الجرح ، كيف يقتل الحسين عطشانا ؟
الشاب :ـ الم يكن باستطاعة هذا البوح الحزين ان يحمل غصة ماءه ويركض إلى الحسين عليه السلام
صاحب الوشاح الأبيض : كيف لمقل الماء أن تبصر الورد وهو يسحق تحت سنابك الحقد
صاحب الوشاح الأسود : هو الإنسان .. إذا خان يحمل الضياع بين ثنايا أوهامه ، و ليسأل أي وجه يحمله .. بل اي قلب ينبض في حومة الغدر والفتك والجشع المهين
الشاب : سواد يغطي الوجه والقلب ... سواد العقل وخطابات سراب ، وارتحال يائس نحو مدن التبرير .. ايها الفرات خنت ـ اذ خذلت الحسين وها هم صغارك يسرفون في الرحيل
صاحب الوشاح الاسود : نحن لبسنا الحزن خطوات قبل عوالم الفرات
الشاب : منذ متى تحملون الدمعة الراعفة وانحناءات هذا العويل
صاحب الوشاح الاسود: منذ تاه الدليلان .. اذ حملت شرقات الرمل ... هذا السبيل .... خطوات مسلم بن عقيل ، كنت انا الماء وكنت الرواء الغاص بدمعته عند حشرجة الجراح
الشاب :ـ انتم كنتم هناك ؟
صاحب الوشاح الازرق :ـ انا كنت هناك حين صاح سيدي مسلم بن عقيل
( يظهر المشهد أو من الممكن الاستعاضة بالأصوات )
مسلم بن عقيل : اسقوني ماءا
مسلم بن عمرو : والله لاتذوق منه قطرة ابدا حتى تذوق الحميم
مسلم بن عقيل : ما اغلظ قلبك .... انت يا ابن باهلة اولى يالحميم والخلود في نار جهنم
صاحب الوشاح الازرق : ناداني حينها عمارة بن عقبة لآتي مولاي مسلم وانا في وسط قدح وحين صرت بين ثناياه
صاحب الوشاح الاحمر : امتلأ بي الكاس وانا اعبر مملكة الدمع اليه ..
سيدي مسلم بن عقيل فداك ماء الكون كله .. واذا بي احمل ثناياه
الشاب : لكن يبقى سفر الفرات يلوح بابتهالات الجراح
صاحب الوشاح الازرق :ـ قبل الفرات كنا في ذي حسم
الشاب : اين ؟
صاحب الوشاح الازرق :ـ لقد قابل هناك جيش الحر بالف فارس ..
اشار الى الماء سيد الشهداء الحسين عليه السلام وهو يقول
صوت الحسين (ع) :ـ اسقوا القوم ماءً
الشاب : عند الفرات يموت الكلام ...
عند الفرات الكل مات .. لاماء ... لاحياة سوى هذا النبض الحسيني
( مع الماء ) كيف صبرت يا ماء وفي قلب الحسين يلهب عطشا لايرحم
صاحب الوشاح الازرق : بعث عمرو بن سعد .. عمرو بن الحجاج على خمسمائة فارس ... نزلوا الشريعة وحالوا بيننا وبين الحسين عليه السلام
الحجاج :ـ إياكم أن تسقوا الحسين قطرة منه
صاحب الوشاح الأحمر : أدميت النواظر بكاءً وأنا أرى سيدي علي الأكبر عليه السلام ... وحين يطوي الأزمنة تحت احتراق الحلم الأسمى ... الانتماء بلاد
علي بن الحسين عليه السلام :ـ يا أبتي العطش قد قتلني
صاحب الوشاح الأزرق : يرتطم رأسي بحجر ـ فاصحو على دمعتي .. حين اسمع الحسين يناديه
الحسين عليه السلام : ما أسرع الملتقى بجدك ليسقيك بكأسه الأوفى شربة لاتظمأ بعدها أبدا
ً
صاحب الوشاح الأسود : كنت امني النفس ... أن اقفز من النهر لحلقه العطشان ... أرطب صبره الندي ... وإذا بعبد الله بن منقذ العبدلي
يسقيه دما بسهم في الحلق ليوقف نبض الرواء
الشاب : في صومعة هذا الجرح .. الكل شهود ... الظهيرة وقطرات الدمع وقطرات الحبر ... فرأيت أشلاء الماء
صاحب الوشاح الأزرق : وحين جلس أبو الفضل العباس على النهر ليشرب ، رمى الماء مواساة لسيده الحسين عليه السلام ، ومن يومها فقد الماء طعمه ولونه ورائحته
صاحب الوشاح الأحمر : في فضاءات كل جرح هناك ستجد مساحة واسعة للنحيب .... آه ... وأنا أرى سيدي الحسين يسير على لهب كبد يذبحه العطش
صاحب الوشاح الأسود : رباه رماه الحصين بسهم وقع في فمه
هم حاصروا الفرات كي يظمأ الرواء
ولكي يقتل ابن بنت رسول الله عطشانا .. قفزوا على دينهم وعانقوا أبار بدر بالفرات.
الشاب : لهيب يسعر في قاع التفاصيل
صاحب الوشاح الأحمر : رأيت رأساً مذبوحا وهو يرتل آيات الصبر
صاحب الوشاح الأسود : يا حسيناه
صاحب الوشاح الأحمر : وهنا رأيت الأكوان تمد كفوف الأمان وملاذ الخائفين والعطاشى والمذبوحين
رجل الدمع : انا الدمع الذي انهمرت من العيون .. أنا وجع القلوب صرت مرايا أنين .. اختلطت بالماء أو الماء هو الذي اختلط بالدمع
الشاب : الدمع لسان وموقف وضمير
رجل الدمع : ما نفعي اذا لم انهض في عيون تجود بالرؤى والمصير .. ليرتقي بي العالم المستنير .. يد تبني وتمسح الدمع ويد تتوقى الطعنات وهي تصافح
ويد يشح بها فتجود .. أنا الدمع تسير بي إقدام تروم المسير لتنمو سنابك الوداد ..أنا بذور كل سخاء عظيم
الشاب : مازلت غير قادر على التخلص من حيرتي ، ما الذي حشد الفرات في بؤر مركونة في صحراء
صاحب الوشاح الأحمر : علّ جرحي ينسل من رحم البيد وعسى ليلي يرتق لي النسيان .. أنا حملت نزف القلوب منذ عطش الحسين عليه السلام
صاحب الوشاح الأزرق : أنا الحلم .. الحياة .. وبعض لوني سماء
حين اعطش يغمرني الرضيع المذبوح لأنهض ثانية ... .. علني اسقي أهل البيت عليهم السلام الذين جاءوا من اجل أن يعم العالم الخير والعافية والرواء
لكني أبقى بعضا من سر هذا الوجود
الشاب : سر هذا الوجود ؟
صاحب الوشاح الأزرق : لأن الحياة خير وشر ومن غيري لا وجود لكم
الشاب : انحني لقامة السؤال .... وأزف حزني جسرا يمتد إلى حقيقة هذا الوجود المبارك بالزهو ... لمّ خذلتم ابن خير البرية وتركتموه يقتل عطشانا حتى أوشكت الأرض أن تميد بكل ظهيرة أدمنت الكسوف
صاحب الوشاح الأزرق : ولهذا تنكرت لذاتي كنهر وأدمنت المكوث تحت أقدام قمر الهاشميين .. واليوم ها أنا أجوب البراري دون غفران .. ابحث عن عفو يعمر لي الرواء .. ابحث عن عباس يحمل قربته ليسقيني من هذا الرواء .
الذي ظنه البعض عطشا في كربلاء .. انا الماء العطشان ولذلك جئت ابتلع التراب
.
رجل الدمع : انا الوديع الذي كنت في نجوى كل دعاء .. احمل افق كل وجع .. كنت لحظتها في كل مكان كنت في عين مولاي سيد الشهداء الحسين عليه السلام
الشاب : ماذا كنت تفعل هناك ، وتلك الشجاعة ما تركت سبيلا لقطرة دمع
رجل الدمع : كنت هناك لأكثر من مرة حتى ظننت اني ساسكن عينيه!!
الشاب : لأكثر من مر ة ؟
رجل الدمع حين أراد الحسين أن يخرج .. لحقته سكينة تعلقت بثوبه
سكينة : ( تقبل يديه ورجليه ) دعني اتزود من النظر اليك ... هذا وداع لا تلاقي بعده
الحسين (ع) : يبكي بكاء شديدا ....
( سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي
) منك البكاء إذا الحمام دهاني
رجل الدمع :ـ وحين وقف على جسد أخيه العباس فرآه صريعا مع قربة محترقة وكل من يديه مطروحة في طرف .. فحينئذ تطافرت من عينيه كالمطر
الحسين عليه السلام : الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي .. وشمت بي عدوي
رجل الدمع : حين وقف على جسد القاسم عليه السلام رضيضاً بحوافر الخيل ... كنت هناك ..
الحسين (ع) : يعز والله على عمك ان تدعوه فلا يجيبك
رجل الدمع : وكنت في عين الحسين عليه السلام حين برز ولده علي الأكبر .. أرخى عينيه وأخذ شيبته بيده .. رفع رأسه ودعا ربه
الحسين (ع) : بني علي ، على الدنيا بعدك العفا
الشاب : وفي عين النبع الزينبي ؟
رجل الدمع : كنت هناك أدخل أعماق القلب .. احمل أجنحة الصبر يافعا ... أطلع من عينيها .. وأنا ارتقي شموخ الكون المزدهي بصبرها المحمدي
الشاب : من أي الجراح كنت تطلع ؟
رجل الدمع : كنت انبض كما القلوب .. ولي براءة لا تضاهيها براءة كالتي هي في عين عبد الله الرضيع
الشاب : كنت هناك .. أيضاً ؟
رجل الدمع : كنت في الخشوع وعند فيافي الخوف وعند ضفاف الأمل وعند حدقات النجاة ... لم أكن ذات يوم عند أهل البيت عليهم السلام انكسارا ... كنت احمل نفسي لأنفر من عين الصغار عساي أصير عبرة للقساة ... لكن لا قلب يحتوي ذرة رحمة ويفعل ما فعلوا
الشاب : كل الوان الماء هنا توحدت
رجل الحبر : وأنا هنا....
كنت أذوب في ملامح كل قرطاس .. احمل القلب نبضا اسطره على الورق
الشاب : أنت أيضاً خنت في قراطيس أقوام شاءت أن تهادن التواريخ
رجل الحبر : أنا رهين اليد التي تكتب ... اتعب كثيرا حين يمتلكني أهل الدس والتضليل .. ابكي وأنا أراهم يتحدثون عن الضمير وهم قتلوا الضمير في الطف وما زالوا يقتلونه كل يوم .. افرح والله كثيرا وأقوم اختال فرحا حين أصير بين يدي أهل الطهر والتأمل والتدبير ..
يسرني حين اكتب عن سير الائمة والمصلحين وملامح النداء وتتحد بكل كيانات الدمع والماء وعرق المجاهدين
الشاب : بعد واقعة الطف سطع الاثر بهيا ثائرا ... لتمطر السماء وثوبا وصحوة .. الطف رواء حارب ضفاف أدمغة اعتراها الذبول ... فزاغت الابصار وحاربت خير ابن بنت رسول الله
الماء : كنا هناك
صاحب الوشاح الأحمر : أنا دم الأرض .. حين سالت حزنا على قبر الهدى وهو يذبح تحت سطوة المحاريث
صوت المتوكل : أدرسوا القبر وأجروا عليه الماء كي يموت
صاحب الوشاح الأسود : حملنا الحزن جبينا لايركع لمذلة
المتوكل : اغرقوا القبر
صاحب الوشاح الأزرق : فوق هذا الثرى رفعنا قامة الماء .. لنعمّر الفراغ سدا لا ينهار .. باسم الله صرنا جدارا يمنع الواهين من مصادرة هوية الأرض
صرنا جدار ماء كي لا يمس احد قبر سيدي الحسين بسوء
الشاب : إذن انتم توحدتم ووحدتم النوايا .. كل الألوان لو امتزجت لصار اللون لون محبة وسلام
ليتوحد الجميع كي نكون نحن ديمومة ثورة الحسين عليه السلام