بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}. في هذا اليوم -السابع والعشرين من شهر رجب - نلتقي، من خلال بعض الروايات، بذكرى الإسراء والمعراج، حسب روايات الأئمة من أهل البيت (ع)، بذكرى المبعث النبوي الشريف،
الرحمة الإلهية:
فالمبعث النبوي الشريف يمثل الرحمة الإلهية التي أفاضها الله على الكون كله من خلال إرساله رسوله، كما جاء في القرآن الكريم: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، فالرسول هو الرحمة في عقله وقلبه وكل حركته في الحياة، كان رحمة للذين آمنوا به وللذين واجهوه، لأن قلبه كان يفيض بالحب لله، ولذلك كان يفيض بالحب للناس، ويتألم للذين تمردوا عليه وكفروا به وواجهوه بكل الأساليب القاسية، لأنهم لم يكتشفوا الإيمان الذي جاء به، ولم يستضيئوا بالنور الذي أشرق منه، كان يتألم لهم كما يتألم الإنسان لأي شخص يهمه أمره، ولذلك تحدث الله تعالى عن هذه الحالة، وأراد له أن لا يقهر نفسه ويعذبها بذلك، فقال تعالى: {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات}، {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر}. إن الرسول(ص) لم يتألم من خلال ذاته لأنه لم يستطع أن يجعلهم من أتباعه، بل كان يتألم لإنسانيتهم أن تبقى في الظلام ولا تنفتح على النور، وكان يريد لكل إنسان أن يخرج من الظلمات إلى النور، وهذا هو سرّ القرآن وسر الرسالة:{قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين}.
الداعية الأنموذج:
لقد جاء النبي (ص) بالرسالة من أجل أن يتلو على الناس آيات الله، فكان يلاحقهم في كل المواقع التي يلتقي فيها بهم، بالموعظة والتعليم والتزكية، حتى أنه، كما تذكر بعض كتب السيرة، كان له عيون يخبرونه عن الناس الذين يأتون إلى مكة من وجوه العرب، ليذهب إليهم في بيوتهم، ويحدثهم عن الله وآياته، وعما يفتح لهم أبواب الهدى. كان يتحرك في أسواق مكة، وينادي بالناس وهم في أسواقهم ونواديهم: "قولوا لا إله إلا الله تفلحوا"، وكان يذهب إلى المسجد من أجل أن يصلي هناك، ومعه زوجته خديجة أم المؤمنين وابن عمه عليّ (ع)، فقد كانوا أول من صلى لله تعالى، وكان يعمل في الليل والنهار على أن يهدي المسلمين إلى الإسلام،حتى أنه كان يطلب من كل من أسلم، أن يهدي إلى الإسلام شخصاً آخر، وكان يوحي إليهم بأن مهمة المسلم ليست فقط في أن يكون مسلماً، بل بأن يكون أيضاً الداعية للإسلام.
التزكية وهداية الناس:
وهذه هي المهمة التي كانت وما زالت للإنسان المسلم، بأن يعيش همّ هداية الناس من أهله وأقربائه وأصدقائه، ليحدثهم عن الله وعن رسوله وعن الإسلام وعن الالتزام بالصلاة والصوم والحج وترك المحرمات وما إلى ذلك. {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم} يعمل على أن ينفذ إلى أعماقهم، من أجل أن يبث فيها طهارة الروح والقلب والإحساس والشعور، ليتحركوا في الواقع في طهارة السلوك. كان من مهمته(ص) أن يزكي الناس وينمي كل بواعث الخير في نفوسهم، حتى ينطلقوا في الحياة من موقع هذه الزكاة الروحية الفكرية العملية، وكان يعلمهم الكتاب والحكمة، لأنه لم يرد لهم أن يسمعوا القرآن وهو يتلوه فقط، بل أن يسمعوه ويتعلموه ويعوا معانيه ويعيشوها في أنفسهم. وهو أمر لا ينحصر بالجيل الذي كان مع رسول الله (ص)، بل يتعلق بكل أجيال المسلمين في كل زمان ومكان.
تعلم الحكمة:
ولعل مشكلة المسلمين في كل مواقعهم أنهم لا يعطون الاهتمام الكافي للقرآن الكريم؛ حفظاً وتلاوة وتعلماً. ومن هنا، تقع على العلماء مسؤولية توجيه الناس للاهتمام بكتاب الله، وعلى الناس أن يثيروا الاهتمام في أنفسهم في ذلك كله.. ولقد أراد النبي (ص) أن يعلّم المسلمين الحكمة، والحكمة هي أن يكون لك عقل يزن الأمور ويقيسها ويخطط لها، بحيث يضع الشيء في مواضعه، أن تضع الكلمة في موضعها، وتحرك الخطوة في طريقها الطبيعي، لأن الله تعالى يريد للناس أن يكونوا الحكماء في أفكارهم، لكي لا يفكروا إلا بالحق والخير وما يصلح أنفسهم ويصلح الناس، ولا يتكلموا أو يتحركوا إلا بالحكمة، وأن يزكوا أنفسهم، لأنهم بذلك يبتعدون عن الضلال الذي كانوا فيه، عندما كانوا يعيشون في خرافة الوثنية والأساطير، ويتحركون بالعصبية وفي خط الشهوات، فلم تكن هناك حكمة في انتماءاتهم ومعاملاتهم وعلاقاتهم، حتى جاء النبي (ص) ليعلمهّم الناس الحكمة، كما يعلّمهم القرآن.
الانفتاح على الحق والعدل:
وأراد الله تعالى لرسوله أن ينطلق في دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يجادل الناس بالتي هي أحسن، وأن يقول الكلمة الأحسن، كما أراد له أن يعرّف الناس كيف يعيشون حياتهم وينفتحون عليها، فلا يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل ويدلوا بها إلى الحكّام ليأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم، وأن ينفتحوا على كل ما يحقق العدل في حياتهم، بحيث يتحرك الإنسان في بيته وفي السوق والنادي وفي المجتمع كله، في الاجتماع والسياسة والاقتصاد، ليكون الإنسان العادل الذي يعطي لكل ذي حق حقه، ولا يغمط أحداً حقه، بحيث لا يحتاج إلى قوة الدولة من أجل أن يعطي الحق لأصحابه، بل ينفتح على إيمانه وربه، ليحاسب نفسه بنفسه، وليعظ نفسه بنفسه، وليوجه نفسه إلى إعطاء الناس حقوقهم، سواء كان حقاً مادياً أو معنوياً.
إن الإسلام هو رحمة الله التي أنزلها على رسوله ليبلّغها لنا، فعلينا أن ننطلق من ذكرى مولد الإسلام في بعثة الرسول (ص)، لنجعل حياتنا الثقافية والاجتماعية والسياسية والفردية كلّها حياة إسلامية، بحيث نتحرك مع حدود الله، ولا نتجاوزها في أيّ موقع من المواقع.
الإسراء المعجزة:
وعندما نقف أمام ذكرى الإسراء، فإننا نستوحي من ذلك قدرة الله والمعجزة التي حصلت للنبي (ص)، حيث أسرى الله تعالى به من مكة إلى بيت المقدس، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، في ساعة واحدة أو أقل من الساعة، مما لا يمكن اجتيازه في ذلك الوقت إلاّ بأيام كثيرة، وكان ذلك الإسراء مظهراً لقدرة الله تعالى الله، وكرامة منه لنبيه (ص)، إذ أراد له تعالى في هذا الإسراء، أن ينفتح على آياته في الأرض، وعلى كل النبوات والرسالات، حيث جاء في السيرة، بأن الله جمع له الأنبياء وصلّى بهم في بيت المقدس، ومن ذلك انطلقت قداسة بيت المقدس إسلامياً، كما انطلقت في خط الرسالات. وقد أراد الله تعالى للمسجدين الحرام والأقصى الذين انطلقا من موقع النبوة، أن يتواصلا في خط كل الرسالات، وأن يتعاونا في رعاية الرسالة والانفتاح على الله، و أن يعيش فيهما المؤمنون الدعاة إليه والعاملون في سبيله، لا الذين يعادون الله ورسوله والناس كافة ويقتلون النبيين بغير حق.
وأراد الله لرسوله، كما جاء في كتب السيرة، في روايات السنّة والشيعة، أن يصعد به إلى السماء صعوداً حسّياً لا صعوداً روحياً، ليطّلع على السماء وما فيها.
الاستجابة لله وللرسول:
إننا عندما نقف في ذكرى الإسراء والمعراج، وهما مظهران لقدرة الله وكرامة رسوله (ص)، علينا أن ننفتح على الله تعالى في ما أكرم به رسوله، وننفتح عليه في مظهر القدرة الغيبية التي توحي لنا بأن نؤمن بالغيب، لأن الله تعالى هو المهيمن على الغيب كما هو المهيمن على الشهود.
وعندما تلتقي ذكرى الإسراء والمعراج، وهما منطلقان من قلب النبوّة، مع ذكرى النبوة في يوم المبعث، فإن ذلك يحمّلنا مسؤولية أن نعمل على أساس الاستجابة لله وللرسول إذا دعانا إلى ما يحيينا، ولنكون العاملين بالإسلام في كل حكم شرعي، بحيث إذا دعينا إلى حكم الله ورسوله، أن لا نعرض عنه لنتحرك خط الطاغوت. كما علينا أن نربي أولادنا على الإسلام، وأن نعيش همه تماماً كإبراهيم (ع)، الذي كان يدعو الله تعالى: {واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام}، {ربِّ اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي}، بحيث يفكر الإنسان بتعميق في الجانب الديني عند أهله وأولاده، كما يفكر بالجانب التعليمي والمادي لهم، ليجعلهم يعيشون عمق الإسلام وآفاقه، لأن الإنسان إذا خسر إسلامه خسر الدنيا والآخرة، والله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}.
إن الإسلام أمانة الله والرسول في أعناقنا، وعلينا أن نؤدي إلى الله والرسول أمانتهما، في العمل بالإسلام والدعوة إليه، {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}. في هذا اليوم -السابع والعشرين من شهر رجب - نلتقي، من خلال بعض الروايات، بذكرى الإسراء والمعراج، حسب روايات الأئمة من أهل البيت (ع)، بذكرى المبعث النبوي الشريف،
الرحمة الإلهية:
فالمبعث النبوي الشريف يمثل الرحمة الإلهية التي أفاضها الله على الكون كله من خلال إرساله رسوله، كما جاء في القرآن الكريم: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، فالرسول هو الرحمة في عقله وقلبه وكل حركته في الحياة، كان رحمة للذين آمنوا به وللذين واجهوه، لأن قلبه كان يفيض بالحب لله، ولذلك كان يفيض بالحب للناس، ويتألم للذين تمردوا عليه وكفروا به وواجهوه بكل الأساليب القاسية، لأنهم لم يكتشفوا الإيمان الذي جاء به، ولم يستضيئوا بالنور الذي أشرق منه، كان يتألم لهم كما يتألم الإنسان لأي شخص يهمه أمره، ولذلك تحدث الله تعالى عن هذه الحالة، وأراد له أن لا يقهر نفسه ويعذبها بذلك، فقال تعالى: {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات}، {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر}. إن الرسول(ص) لم يتألم من خلال ذاته لأنه لم يستطع أن يجعلهم من أتباعه، بل كان يتألم لإنسانيتهم أن تبقى في الظلام ولا تنفتح على النور، وكان يريد لكل إنسان أن يخرج من الظلمات إلى النور، وهذا هو سرّ القرآن وسر الرسالة:{قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين}.
الداعية الأنموذج:
لقد جاء النبي (ص) بالرسالة من أجل أن يتلو على الناس آيات الله، فكان يلاحقهم في كل المواقع التي يلتقي فيها بهم، بالموعظة والتعليم والتزكية، حتى أنه، كما تذكر بعض كتب السيرة، كان له عيون يخبرونه عن الناس الذين يأتون إلى مكة من وجوه العرب، ليذهب إليهم في بيوتهم، ويحدثهم عن الله وآياته، وعما يفتح لهم أبواب الهدى. كان يتحرك في أسواق مكة، وينادي بالناس وهم في أسواقهم ونواديهم: "قولوا لا إله إلا الله تفلحوا"، وكان يذهب إلى المسجد من أجل أن يصلي هناك، ومعه زوجته خديجة أم المؤمنين وابن عمه عليّ (ع)، فقد كانوا أول من صلى لله تعالى، وكان يعمل في الليل والنهار على أن يهدي المسلمين إلى الإسلام،حتى أنه كان يطلب من كل من أسلم، أن يهدي إلى الإسلام شخصاً آخر، وكان يوحي إليهم بأن مهمة المسلم ليست فقط في أن يكون مسلماً، بل بأن يكون أيضاً الداعية للإسلام.
التزكية وهداية الناس:
وهذه هي المهمة التي كانت وما زالت للإنسان المسلم، بأن يعيش همّ هداية الناس من أهله وأقربائه وأصدقائه، ليحدثهم عن الله وعن رسوله وعن الإسلام وعن الالتزام بالصلاة والصوم والحج وترك المحرمات وما إلى ذلك. {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم} يعمل على أن ينفذ إلى أعماقهم، من أجل أن يبث فيها طهارة الروح والقلب والإحساس والشعور، ليتحركوا في الواقع في طهارة السلوك. كان من مهمته(ص) أن يزكي الناس وينمي كل بواعث الخير في نفوسهم، حتى ينطلقوا في الحياة من موقع هذه الزكاة الروحية الفكرية العملية، وكان يعلمهم الكتاب والحكمة، لأنه لم يرد لهم أن يسمعوا القرآن وهو يتلوه فقط، بل أن يسمعوه ويتعلموه ويعوا معانيه ويعيشوها في أنفسهم. وهو أمر لا ينحصر بالجيل الذي كان مع رسول الله (ص)، بل يتعلق بكل أجيال المسلمين في كل زمان ومكان.
تعلم الحكمة:
ولعل مشكلة المسلمين في كل مواقعهم أنهم لا يعطون الاهتمام الكافي للقرآن الكريم؛ حفظاً وتلاوة وتعلماً. ومن هنا، تقع على العلماء مسؤولية توجيه الناس للاهتمام بكتاب الله، وعلى الناس أن يثيروا الاهتمام في أنفسهم في ذلك كله.. ولقد أراد النبي (ص) أن يعلّم المسلمين الحكمة، والحكمة هي أن يكون لك عقل يزن الأمور ويقيسها ويخطط لها، بحيث يضع الشيء في مواضعه، أن تضع الكلمة في موضعها، وتحرك الخطوة في طريقها الطبيعي، لأن الله تعالى يريد للناس أن يكونوا الحكماء في أفكارهم، لكي لا يفكروا إلا بالحق والخير وما يصلح أنفسهم ويصلح الناس، ولا يتكلموا أو يتحركوا إلا بالحكمة، وأن يزكوا أنفسهم، لأنهم بذلك يبتعدون عن الضلال الذي كانوا فيه، عندما كانوا يعيشون في خرافة الوثنية والأساطير، ويتحركون بالعصبية وفي خط الشهوات، فلم تكن هناك حكمة في انتماءاتهم ومعاملاتهم وعلاقاتهم، حتى جاء النبي (ص) ليعلمهّم الناس الحكمة، كما يعلّمهم القرآن.
الانفتاح على الحق والعدل:
وأراد الله تعالى لرسوله أن ينطلق في دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يجادل الناس بالتي هي أحسن، وأن يقول الكلمة الأحسن، كما أراد له أن يعرّف الناس كيف يعيشون حياتهم وينفتحون عليها، فلا يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل ويدلوا بها إلى الحكّام ليأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم، وأن ينفتحوا على كل ما يحقق العدل في حياتهم، بحيث يتحرك الإنسان في بيته وفي السوق والنادي وفي المجتمع كله، في الاجتماع والسياسة والاقتصاد، ليكون الإنسان العادل الذي يعطي لكل ذي حق حقه، ولا يغمط أحداً حقه، بحيث لا يحتاج إلى قوة الدولة من أجل أن يعطي الحق لأصحابه، بل ينفتح على إيمانه وربه، ليحاسب نفسه بنفسه، وليعظ نفسه بنفسه، وليوجه نفسه إلى إعطاء الناس حقوقهم، سواء كان حقاً مادياً أو معنوياً.
إن الإسلام هو رحمة الله التي أنزلها على رسوله ليبلّغها لنا، فعلينا أن ننطلق من ذكرى مولد الإسلام في بعثة الرسول (ص)، لنجعل حياتنا الثقافية والاجتماعية والسياسية والفردية كلّها حياة إسلامية، بحيث نتحرك مع حدود الله، ولا نتجاوزها في أيّ موقع من المواقع.
الإسراء المعجزة:
وعندما نقف أمام ذكرى الإسراء، فإننا نستوحي من ذلك قدرة الله والمعجزة التي حصلت للنبي (ص)، حيث أسرى الله تعالى به من مكة إلى بيت المقدس، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، في ساعة واحدة أو أقل من الساعة، مما لا يمكن اجتيازه في ذلك الوقت إلاّ بأيام كثيرة، وكان ذلك الإسراء مظهراً لقدرة الله تعالى الله، وكرامة منه لنبيه (ص)، إذ أراد له تعالى في هذا الإسراء، أن ينفتح على آياته في الأرض، وعلى كل النبوات والرسالات، حيث جاء في السيرة، بأن الله جمع له الأنبياء وصلّى بهم في بيت المقدس، ومن ذلك انطلقت قداسة بيت المقدس إسلامياً، كما انطلقت في خط الرسالات. وقد أراد الله تعالى للمسجدين الحرام والأقصى الذين انطلقا من موقع النبوة، أن يتواصلا في خط كل الرسالات، وأن يتعاونا في رعاية الرسالة والانفتاح على الله، و أن يعيش فيهما المؤمنون الدعاة إليه والعاملون في سبيله، لا الذين يعادون الله ورسوله والناس كافة ويقتلون النبيين بغير حق.
وأراد الله لرسوله، كما جاء في كتب السيرة، في روايات السنّة والشيعة، أن يصعد به إلى السماء صعوداً حسّياً لا صعوداً روحياً، ليطّلع على السماء وما فيها.
الاستجابة لله وللرسول:
إننا عندما نقف في ذكرى الإسراء والمعراج، وهما مظهران لقدرة الله وكرامة رسوله (ص)، علينا أن ننفتح على الله تعالى في ما أكرم به رسوله، وننفتح عليه في مظهر القدرة الغيبية التي توحي لنا بأن نؤمن بالغيب، لأن الله تعالى هو المهيمن على الغيب كما هو المهيمن على الشهود.
وعندما تلتقي ذكرى الإسراء والمعراج، وهما منطلقان من قلب النبوّة، مع ذكرى النبوة في يوم المبعث، فإن ذلك يحمّلنا مسؤولية أن نعمل على أساس الاستجابة لله وللرسول إذا دعانا إلى ما يحيينا، ولنكون العاملين بالإسلام في كل حكم شرعي، بحيث إذا دعينا إلى حكم الله ورسوله، أن لا نعرض عنه لنتحرك خط الطاغوت. كما علينا أن نربي أولادنا على الإسلام، وأن نعيش همه تماماً كإبراهيم (ع)، الذي كان يدعو الله تعالى: {واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام}، {ربِّ اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي}، بحيث يفكر الإنسان بتعميق في الجانب الديني عند أهله وأولاده، كما يفكر بالجانب التعليمي والمادي لهم، ليجعلهم يعيشون عمق الإسلام وآفاقه، لأن الإنسان إذا خسر إسلامه خسر الدنيا والآخرة، والله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}.
إن الإسلام أمانة الله والرسول في أعناقنا، وعلينا أن نؤدي إلى الله والرسول أمانتهما، في العمل بالإسلام والدعوة إليه، {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}.
تعليق