إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ[1].

    و ﴿لَوْلَا﴾، تكون للحث على الحرص والترغيب على المدخول إذا دخل في الاستقبال أو ما بمعناه، وهنا كذلك يكون المراد تحريص اهل مكة ومن شابههم بالإيمان قبل حلول العذاب، أي ألا يكون ايمان اهل القرية في موقع ينفعهم ايمانهم، أي قبل حلول العذاب، ولو ابقيناها على الظاهر من الدخول على الماضي فيكون للتوبيخ.
    وإن اهل القرى لمَ لمْ يؤمنوا في مقام كان ايمانهم نافعا لهم؟ يكون لأجل تأثير ذلك التوبيخ في الموجودين حتى يتعظوا، وإلا فلا فائدة في لوم من مات بالعذاب ولا يكون باقيا حتى يستمع اللوم، وعلى التقديرين فالغرض نصيحة الموجودين، وأن من يؤمن فليؤمن، حيث لا ينفعه ايمانه ﴿إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ﴾، أي لكن قوم يونس ﴿لَمَّا آمَنُواكَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ﴾.
    وقد ورد عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((إِنَّ للهِ عَزَّ وَجَلَّ رِيَاحُ رَحْمَةٍ وَرِيَاحُ عَذَابٍ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَ اَلرِّيَاحَ مِنَ اَلْعَذَابِ رَحْمَةً فَعَلَ، قَالَ: وَلَنْ يَجْعَلَ اَلرَّحْمَةَ مِنَ اَلرِّيحِ عَذَاباً قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَرْحَمْ قَوْماً قَطُّ أَطَاعُوهُ فَكَانَتْ طَاعَتُهُمْ إِيَّاهُ وَبَالاً عَلَيْهِمْ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ تَحَوُّلِهِمْ عَنْ طَاعَتِهِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِقَوْمِ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا رَحِمَهُمُ اَللهُ بَعْدَ مَا قَدْ كَانَ قَدَّرَ عَلَيْهِمُ اَلْعَذَابَ وَقَضَاهُ، ثُمَّ تَدَارَكَهُمْ بِرَحْمَتِهِ فَجَعَلَ اَلْعَذَابَ اَلْمُقَدَّرَ عَلَيْهِمْ رَحْمَةً، فَصَرَفَهُ عَنْهُمْ وَقَدْ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِمْ وَغَشِيَهُمْ، وَذَلِكَ لَمَّا آمَنُوا بِهِ وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ))
    [2].
    وبلحاظ لفظ الكشف، يتراءى أن امرهم مخصوص لهم، وأن ايمانهم قد نفعهم بعد حلول العذاب، ولكن لما يكون فيض الله عاما، والترجيح من غير مرجح باطلا فالمراد أن نفس العذاب، لم يشاهد، بل الشروع في المقدمات شوهد.
    وبعبارة اخرى كان داعيهم للإيمان نورانية النفس، وندامتها الحقيقية، ولم يكن الداعي الخوف محضا، حتى يرجعوا من ندامتهم بمجرد رفع البلاء، ولذلك بقوا على ايمانهم بعد زوال العذاب لذا دفع منهم العذاب، وبقوا الى اجلهم.
    ولو علم الله بصلاح ايمان كل من في الارض على نحو الاطلاق، لآمن كل من في الارض، إلا إنه علم بصلاح الايمان الاختياري المسبوق بالعلم والارادة حتى يكون مع الحب ولي من يؤمن به وشائقا للوصول اليه، فلا يؤمن إلا من كان كذلك ومحض العلم الذي يجتمع مع النقيض لا يكون ايمانا ﴿أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ
    [3]، كرها، مع أنه لا صلاح، فيه أي لا تفعل ذلك، فإنه لا اكراه في الدين.
    ولما أن تمام الممكنات تنتهي امرها الى الواجب، ومن جملتها الايمان، فإيمان كل نفس يكون بإذن الله في تأثير العلة الوسيطة في تحقق الايمان، وهذا الاذن إنما يكون في مورد حصول الاستعداد، بأن يرى شوق من يؤمن الى الايمان، كما أن وصول الرجس وهو الكفر على غير المتعقلين للشوق الى الله المنكرين لحصول الحب اليه.
    وقل للكفار انظروا الى الآيات الآفاقية، ولكن الحجج العقلية والحسية والانذار لا تفيد لمن غلبه الهوى، والغضب، والشيطنة، ولأجلها لا يؤمنون.
    وهل ينتظرون العذاب‌؟ قل فانتظروا وإنا ايضا من المنتظرين، فعذبهم الله بالسيف والذل مضافا الى عذاب الاخرة، وبعد الانتظار، ومضىّ مقدار من الزمان، ننجى الرسل والمؤمنين، أي شأننا ذلك، والزمان غير مأخوذ وغير ملحوظ في فعل الله، لإحاطته بالزمان وفوقه، والنجاة.
    أما في الدنيا والاخرة مثل نجاة نبينا صلّى الله عليه وآله وموسى وابراهيم ونوح عليهم السّلام مع المؤمنين، بل وعيسى عليه السّلام أو في خصوص الاخرة.
    وقل إن كنتم شاكين في طريقتي وديني، فاعلموا أني لا اعبد اصنامكم، وما تدعون من دون الله، واعبد الله الواجد لكل كمال، وهو الواحد المتوحد، كما أن البراهين دالة عليه، واعبد من يقبضكم جميعا، ويتوفاكم وينقلكم من الملك الى الملكوت الايسر وآمن به.


    [1] سورة يونس، الآية: 98.
    [2] الكافي، ج 8، ص 92.
    [3] سورة يونس، الآية: 99.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X