🌿 القلب المتوكل: حين تستمد التربية مددها من السماء

[يازهراء]

---

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد

"وَأَعِنِّي عَلَى مَا يَنْزِلُ بِي مِنْ مُهِمَّاتِ الأُمُورِ"

كم هو جميل أن يتذكر المربّي، خاصة الأم، أن التربية ليست مجرّد قوانين وانضباطات، بل رحلة روحية بين الأرض والسماء.
في كل لحظة حيرة، وفي كل عثرة، يفتح الدعاء بابًا للنجاة، ويعيد للقلب توازنه، كأنّ الله يقول له:

"أنا معك، لا تخف، لا تحزن، سلني أعنك".

---

🌸 ١. التربية عمل قلبي قبل أن تكون عملاً تربويًا


قال الله تعالى:

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ۝ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾
(طه: 25–26)

هذه كانت أول كلمات موسى عليه السلام حين كُلّف بمهمة عظيمة.
وكأنّ الله يعلّم المربين من خلاله أن البداية ليست بالقوانين، بل بصفاء الصدر واتصال القلب بالله.

فحين يضيق صدر الأم أو الأب من تصرفات الطفل، أو يعجزان عن ضبطه، فليتذكرا:

أن الاتساع الداخلي لا يُكتسب من الكتب، بل من الدعاء.

---

🌿 ٢. الدعاء جسر القوة بين المربي وربه


قال أمير المؤمنين عليه السلام:

"عليك بالدعاء فإنّ فيه شفاءً من كل داءٍ، وهو دواء كل بلاءٍ."
📚 (نهج البلاغة، الحكمة ٣٠٠)

كل تربية يرافقها تعب وصبر، وقد لا ينجح المربي دومًا في الموازنة بين الحزم والرحمة.
لكن حين يرفع يديه ويقول:

"يا رب، أعني على نفسي قبل أولادي"
فإنّ الله يفتح له بصيرة يرى بها الخير فيهم رغم التعب، ويرى في صبره عبادةً خفية.

---

🌼 ٣. تربية القلوب تحتاج مددًا إلهيًا دائمًا


قال الإمام زين العابدين عليه السلام في دعائه عند المهمات:

"اللهم صلِّ على محمد وآله، وأعنّي على ما ينزل بي من مهمات الأمور، وادفع عني كل مكروه، ونجني من كل غم."
📚 (الصحيفة السجادية، الدعاء ٣٥)

هنا يعلّمنا الإمام أن المربي لا يعتمد على ذكائه أو تجاربه فقط، بل يطلب من الله أن يعينه على المهمّات — لأنّ التربية من أعظم المهمات، فهي بناء إنسان.

---

🌺 ٤. حين تستمد الأم المدد من الله، تتحول تربيتها إلى عبادة


قال الإمام الصادق عليه السلام:

"من شغل نفسه بإصلاح نفسه عن عيوب الناس، أصلح الله له أمره، ومن شغل نفسه بإصلاح ولده رزقه الله البرّ به."
📚 (الكافي، ج٢، ص٤٥٢)

حين تصح نية الأم في التربية وتستعين بالله، تصبح كل نظرة رحيمة، وكل كلمة صبر، عبادة مكتوبة في صحيفتها.

---

🌹 ٥. التربية والتوكل طريق الاطمئنان


قال الله تعالى:

﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾
(الطلاق: 3)

من يربي أبناءه وهو متوكل على الله، لا يعيش القلق الدائم، لأنّه يعرف أن الهداية والهداية القلبية ليست بيده وحده، بل بيد الله.
هو يؤدي ما عليه، ويترك الثمرة لله، مطمئنًا أن الله لا يضيع تعب القلوب الصادقة.

---

🌻 خلاصة


التربية الناجحة ليست في ضبط السلوك فحسب، بل في زرع النور في القلوب، وهذا لا يكون إلا بقلبٍ متصل بالله.
فكل دعاء يهمس به المربي في خلوته، يفتح للبيت بركة، ويهيئ القلوب الصغيرة لتتلقى الخير دون أن يشعروا.

فليكن شعارنا في طريق التربية:

🌷 "اللهم أعنّي على ما ينزل بي من مهمات الأمور، واعظم مهمة تربية الأطفال تربية سليمة ."