إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ[1].

    ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ﴾، علّه من نفس ﴿الر﴾، حيث أحكمت آياته في مثل هذه الحروف الرمزية، ثم فصّلت في مفصلات الآيات للناس، وفصلت بوحي خاص لرسول الناس. كما وأنه كل القرآن حيث أحكمت آياته ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ
    [2]، ثم فصلت ليلة القدر للرسول (صلى الله عليه وآله) ومن ثم فصلت في القرآن المفصل كله، وكل ذلك ﴿مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾، إحكاما وتفصيلا، دون تدخّل حتى للرسول (صلى الله عليه وآله) في أي إحكام أو تفصيل، كما وأحكمت في متشابهات ثم فصلت بمحكمات، فقد أحكمت آياته في نبرات، ثم فصلت بآيات أخرى، وأحكمت معرفيا ثم فصلت علميا وعقليا على مر الزمن، فإن للقرآن آيات متشابهات يفسرها الزمن، إذا فلا إحكام في القرآن ألا وهو مفصل من قبل الرحمن الرحيم ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ[3].
    ﴿ثُمَّ﴾، هنا تراخي تفصيل الكتاب عن إحكامه فتراخ أول: هو منذ الأزل حتى ليلة القدر، وتراخ ثان: هو طيلة رسالة الوحي منذ ليلة القدر وهي ثلاث وعشرون سنة، ثم هناك تفصيل آخر على مدار الزمن وتقدّمه حيث تتجدد معارف من الذكر الحكيم لم تكن تعرف من محكم الكتاب على تفصيله، ومن ثم تفصيل آية بآية أخرى حيث القرآن يفسر بعضه بعضا وينطق بعضه على بعض، ثم تفصيل القرآن بالسنة لمكان ﴿لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ
    [4].
    فلا تفصيل حقيقي للقرآن إلاّ ﴿مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾، مما يحصر تفسير القرآن بنفسه، ومنه تفسيره بالسنة حيث أمرنا باتباعها ولكنها لا تعرف إلاّ بموافقة القرآن، دون أية حاجة إلى تفسير وتفصيل من عند غير الله، فكما أن أصل كتاب القانون الرباني منه، كذلك التبصرات له فصلا، فقد يفسر الوحي نفسه كتابا وسنة، فكما أن الحكيم الخبير يفصّل محكم القرآن تدوينا، وحيا وما أشبه، كذلك يفصله تكوينيا على مدار تقدم الكشوفات والاختراعات، وتقدم العقليات التي توضّح ما أحكم من الذكر الحكيم، فحركات الأرض ودورانها، وانعكاسات الأعمال بأصواتها وصورها، والجاذبية العامة بملابساتها، وتقدم هذه الكرة الأرضية على سائر الكرات بسماواتها، ووجود دواب في السماوات كما في الأرض وما أشبهها من عشرات ومئات، هي من التفصيلات التكوينية لما احكم في الذكر الحكيم.
    ومن أحكم الإحكام في القرآن الذي يليه التفصيل هو التوحيد الذي يحلق على كافة موضوعاته ومواضعه، فإنه الموضوع الوحيد الذي يحول حوله كل تفصيل، بارزا في أصوله وفروعه، عقيدية وأحكامية وقصصية وسواها من تفاصيل الكتاب.
    فقد ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ﴾، في حكيم التوحيد الحق وحق التوحيد، ﴿ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾، في تفصيله مهما اختلفت المظاهر التوحيدية فيها، فكلمة «لا إِلهَ‌ إِلاَّ اَللّٰهُ‌» المحكمة الحكيمة هي مفصّلة في كافة محتوياته دون إبقاء، مما يربط بينها برباط حكيم عميم، دون انفلات عنها وإن بآية من آية، ف‍ ﴿ثُمَّ﴾، إذا لا تعني التراخي في ذلك التفصيل، مهما عنته فيما سبق من تفصيل، فهي تعنيهما كما يعني الإحكام والتفصيل كل هذه الاحكام والتفاصيل.
    أجل، فلقد ﴿أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾، بكل معاني الاحكام الحكيمة المناسبة للتفصيل الفضيل، فجاءت قوية البناء، دقيقة الدلالة، ظاهرة المدلول، كل كلمة فيها، وكل حركة إعرابية ونقطة، وكل ترتيبة وتركيبة، هي فيها مقصودة، وكل إيماءة وإشارة لمّاعة ذات هدف، متناسقة منسّقة بإحكام التوحيد الذي يربط بين تفاصيلها، والتفصيل الوحيد الذي لا يمكن إلاّ ﴿مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾، وذلك الإحكام بذلك التفصيل يعنيان: ﴿أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ ۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ
    [5]. ذلك، وإذا عني من ﴿كِتَابٌ﴾، هنا كتاب التوحيد بوجهه الخاص أم والعام المحلّق على القرآن كله فقد أحكمت آياته في أم الكتاب قبل كل كتاب، ثم في الفطر والعقول، ثم في كتابات الوحي وسائر الآيات الآفاقية، وكل مرحلة تالية هي تفصيل لما قبلها.

    [1] سورة هود، الآية: 1.
    [2] سورة الزخرف، الآية: 4.
    [3] سورة الرحمن الآية: 13.
    [4] سورة النساء، الآية: 105.
    [5] سورة هود، الآية: 2.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X