إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العلاج الروحي في سورة القيامة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العلاج الروحي في سورة القيامة



    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد

    سورة القيامة رحلة علاجية للنفس من الخوف، والشك، والاضطراب، لتصل إلى اليقين والطمأنينة.
    إنها تنقل الإنسان من الغرور بالدنيا إلى صفاء البصيرة، ومن نسيان الله إلى حضور القلب بين يديه.

    قال الإمام علي عليه السلام:

    «رحم الله امرأً تفكر فاعتبر، واعتبر فأبصر»
    (نهج البلاغة، الحكمة 133)
    وسورة القيامة هي من أعظم ما يوقظ هذا البصر القلبي.



    المحور الأول: النفس اللوّامة طريق العلاج

    قال تعالى:

    {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}
    (القيامة: 1–2)



    في بداية السورة، يذكّرنا الله أنّ العلاج يبدأ من النفس اللوّامة — تلك النفس التي تلوم صاحبها على التقصير، لا لتُضعفه، بل لتُعيده إلى الله.
    قال الإمام الصادق عليه السلام:

    «ما من مؤمن إلا وله نفسٌ لوّامة، تلومه على كل خيرٍ تركه، أو شرٍّ فعله»
    (الكافي، ج 2، ص 454)



    إذن، الشعور بالندم ليس ضعفًا، بل هو أول دواءٍ للروح، كما قال الإمام علي عليه السلام:

    «الندم على الشرّ يوجب تركه»
    (غرر الحكم)



    فالذي يريد أن يشفى من الذنب أو الغفلة، يبدأ من الإصغاء لصوت نفسه اللوّامة.


    المحور الثاني :معالجة الغرور بالدنيا ونسيان الآخرة

    قال تعالى:

    {يَقُولُ الْإِنسَانُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ}
    (القيامة: 6)



    الروح المريضة هي التي تُنكر القيامة عمليًا، لا بلسانها فقط، بل بانشغالها بالدنيا وكأنها الخالدة فيها.
    العلاج هنا كما تشير السورة، هو تذكير النفس باليقين بلقاء الله، فهو دواء الغفلة.

    قال الإمام الحسين عليه السلام في دعاء عرفة:

    «إلهي، ماذا وجد من فقدك؟ وماذا فقد من وجدك؟»
    أي أنّ ذكر الله ولقائه هو العلاج الحقيقي للقلق والضياع الوجودي.



    المحور الثالث: دواء الاطمئنان بالله

    قال تعالى:

    {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة}
    (القيامة: 22–23)



    النضارة هنا ليست نضارة الجسد، بل نضارة الروح المطمئنة بلقاء ربها.
    النظر إلى الله هنا بمعنى القرب، والرضا، والأنس بنوره.
    قال الإمام زين العابدين عليه السلام:

    «اللهم ارزقني النظر إلى وجهك الكريم، نظرًا أزداد به حبًا لك»
    (الصحيفة السجادية، الدعاء 47)



    فالعلاج الكامل للنفس أن تنتقل من الخوف من الله إلى الأنس بالله، ومن رهبة الحساب إلى راحة اللقاء.


    المحور الرابع: شفاء الروح بالإيمان بالقدرة الإلهية

    قال تعالى:

    {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَه * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَه}
    (القيامة: 3–4)



    هذه الآية تُعلّم النفس أن العلاج من الشك واليأس هو تذكّر قدرة الله المطلقة.
    فمن آمن بقدرة الله على إحياء العظام، لن ييأس من شفاء قلبه مهما اشتد ظلامه.

    قال الإمام علي عليه السلام:

    «من عرف قدرته، لم يعجز عن إصلاح نفسه»
    (غرر الحكم)




    المحور الخامس: دواء اللسان والقلب في قوله تعالى

    {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَه}
    (القيامة: 16–17)



    في ظاهرها نزلت بالنبي ﷺ حين كان يعجّل بتلقّي الوحي،
    لكن معناها الروحي يشمل كل مؤمن يريد الإصلاح بسرعة دون صبر.
    الله يقول له: اهدأ، دعنا نحن نتم العمل فيك.
    فالعجلة في التغيير النفسي تُعيق العلاج.
    والدواء هو السكينة، والثقة بتدبير الله.



    سورة القيامة تُقدّم علاجًا روحيًا شاملًا:

    1. لوم النفس بلا قسوة — طريق التوبة.


    2. تذكّر القيامة — علاج الغفلة.


    3. اليقين بالقدرة الإلهية — دواء الشك واليأس.


    4. السكينة مع الله — راحة الروح.



    قال الإمام علي عليه السلام:

    «داوِ قلبك بالتفكر في أمر الآخرة»
    (نهج البلاغة، الحكمة 349)



المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X