إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

زكاة الفطرة 5 : يشترط في وجوب زكاة الفطرة عدم الاغماء

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • زكاة الفطرة 5 : يشترط في وجوب زكاة الفطرة عدم الاغماء


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين حبيب إله العالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين.

    اللهم صلِّ على محمدٍ وآل محمدٍ وعجِّل فرجهم الشريف.



    الشرط الثاني: عدم الإغماء في وجوب زكاة الفطرة
    بعد أن تبيّن في الشرط الأول أنّ التكليف مشروط بعدم الصِّبا والجنون، ينتقل المصنّف رحمه الله إلى الشرط الثاني، وهو عدم الإغماء، فيقول:

    “فلا تجب زكاة الفطرة على من أهلّ عليه شوال وهو مغمى عليه”.

    المطلب الأول: بيان المراد من شرط عدم الإغماء

    يُستفاد من عبارة المصنّف أنّ شرط عدم الإغماء يتحقق عند حلول وقت الوجوب، أي عند إهلال هلال شوال وغروب شمس ليلة العيد.

    فإذا كان المكلف مغمى عليه حين حلول وقت الوجوب، سقط عنه وجوب زكاة الفطرة، ولا يشترط أن يكون الإغماء مستوعباً لجميع وقت الفطرة، بل يكفي أن يكون مغمى عليه عند حلول الهلال.


    المطلب الثاني: آراء العلماء في المسألة

    1. رأي المشهور
    ذهب المشهور من الفقهاء إلى أنّه إذا أهلّ هلال شوال على المكلّف وهو مغمى عليه، سقط عنه وجوب الفطرة.

    وهذا ما صرّح به المصنّف رضوان الله عليه، وهو رأي مشهور بين الأصحاب، وقد أقرّه جمع من المحققين.

    2. رأي صاحب المدارك
    يقول صاحب المدارك رحمه الله:
    “هذا الحكم مقطوعٌ به في كلام الأصحاب، وقد ذكره العلّامة وغيره مجرداً عن الدليل”.

    أي إنّ المسألة مسلمة بين العلماء إلى حدٍّ لا يحتاج إلى إقامة دليلٍ لفظي عليها، وكأنها من القضايا الإجماعية أو التسالمية في الفقه الإمامي.

    3. رأي صاحب الجواهر
    علّق صاحب الجواهر على كلام صاحب الشرائع بقوله:

    “ولا خلاف أجده فيه”.
    فهو يقرّر أن الحكم مجمعٌ عليه بلا خلاف بين الأصحاب، وأنه قضية مسلّمة فقهياً.

    4. رأي السيد الحكيم والسيد الخوئي

    نقل السيد الحكيم في المستمسك هذا التسالم فقال:
    “بلا خلاف أجده فيه، بل في المدارك أنه مقطوع به في كلام الأصحاب، وكذا في الجواهر”.

    وكذلك صرّح السيد الخوئي رحمه الله:
    “وقد ذكر غير واحدٍ أن هذا الحكم متسالم عليه”.


    المطلب الثالث: مناقشة الإطلاق في كلماتهم

    صاحب المدارك وإن أقرّ بالتسالم، إلا أنه قيّد الحكم بقوله:
    “نعم، لو كان الإغماء مستوعباً لوقت الوجوب اتّجه ذلك”.
    أي إنّ سقوط الوجوب إنّما يصحّ إذا استوعب الإغماء وقت الوجوب كلّه، أي من حلول الهلال إلى صلاة العيد.

    أما إذا لم يستوعب الإغماء تمام الوقت، بل كان لحظةً أو بعض الليل، فقد لا يكون الحكم مسلَّماً في سقوط الوجوب.
    وصاحب المستند أيضاً وافقه على هذا التفصيل، فقال:
    “ولا تجب على المغمى عليه إذا استوعب الإغماء وقت الوجوب، لعدم توجّه الخطاب إليه”.
    فهو يرى أن عدم توجه الخطاب حين الوجوب يوجب سقوط التكليف.

    المطلب الرابع: مناقشة صاحب الجواهر للمدارك
    ناقش صاحب الجواهر هذا التقييد، قائلاً إنّ الأصل في المكلف أنّه مشمول لعمومات التكاليف الشرعية، التي تشمل العالم والجاهل والساهي والغافل والنائم وغيرهم،

    فما دام هذا المكلف بالغاً عاقلاً حراً واجداً لبقية الشرائط، فلا وجه لسقوط التكليف عنه بمجرد الإغماء اللحظي عند الهلال، لأنّ أدلة الوجوب عامة وشاملة.
    ثم قال:
    “بعد ظهور الأدلة في اعتبار حصول الشرائط عند الهلال، فإذا كانت الشرائط موجودة، فلا معنى لنفي الوجوب بالأصل”.
    أي إنّ المانع من التكليف هو فقدان الشرائط حال الإهلال، فإذا كانت باقية فالأصل بقاء الوجوب.
    المطلب الخامس: تحليل السيد الحكيم ومناقشة المبنى

    ناقش السيد الحكيم صاحب الجواهر قائلاً:

    إنّ الكلام في أن عدم الإغماء هل هو شرط للتكليف، أو أنّ الإغماء مانع من توجه الخطاب، فهنا احتمالان:

    1. إن قلنا إنّ عدم الإغماء شرط من شروط التكليف كالعقل والبلوغ والحرية، فلا معنى للقول بأنّه واجد للشرائط مع وجود الإغماء.

    2. وإن قلنا إنّ الإغماء عذرٌ طارئ يمنع من الفعلية لا من أصل التكليف، فيكون أشبه بالنوم الطويل، فحينئذٍ يمكن أن يقال بسقوط الوجوب فقط لا سقوط أصل الحكم.

    المطلب السادس: جهات البحث
    ينبغي أن يقع البحث في أربع جهات رئيسة:

    الجهة الأولى: الدليل على الحكم
    ما هو الدليل على سقوط الوجوب عن المغمى عليه؟
    ذكر الأصحاب الحكم بلا دليل، ولكن يمكن استكشاف مستنداتهم من خلال:

    1. الأصل العملي:
    عند الشك في التكليف يُرجع إلى أصالة البراءة العقلية والشرعية، طبقاً لقاعدة “قبح العقاب بلا بيان”.
    فإذا لم يثبت الدليل على الوجوب حال الإغماء، فالأصل هو البراءة من التكليف.

    2. الإجماع أو التسالم:

    وهو ما أشار إليه الأصحاب، حتى صرّح به صاحب الجواهر وصاحب المدارك والسيد الحكيم والسيد الخوئي، فالحكم متسالم عليه، وهذا التسالم يورث الاطمئنان بصدوره عن المعصوم عليه السلام.

    3. النصوص والروايات:

    وإن لم تكن صريحة في باب الإغماء، إلا أنّ بعض الروايات الدالة على تحديد وقت الوجوب يمكن أن يستفاد منها بالملازمة.

    المطلب السابع: الروايات المحتملة في الباب

    1. صحيحة العيص بن القاسم
    “سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفطرة، متى هي؟ فقال: قبل الصلاة يوم الفطر”.
    يُستفاد منها أنّ وقت الوجوب قبل صلاة العيد، فإذا كان المكلف غير واعٍ ولا قادرٍ على النية والعمل في هذا الوقت، استحال توجيه الخطاب إليه.

    2. صحيحة معاوية بن عمار
    “سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مولودٍ وُلد ليلة الفطر، عليه فطرة؟ قال: لا، قد خرج الشهر”.
    وفيها دلالة على أن الوجوب يتعلق بمن أدرك الشهر السابق، أي شهر رمضان، وهو شاهد على أن زكاة الفطرة تتمّة لصيام رمضان، وليست مرتبطة بمجرد حلول الهلال فحسب.
    فمن لم يُدرك الشهر إدراكاً شعورياً (كالنائم أو المغمى عليه) لا يتوجّه إليه الخطاب بالفعل.

    المطلب الثامن: مناقشة الروايات
    هذه الروايات وإن كانت ظاهرة في بيان وقت الوجوب، إلا أن الاستدلال بها على شرط عدم الإغماء غير تام، لأنها لا تتعرض لحالة المكلف المغمى عليه صراحةً،
    بل غايتها تحديد الزمن، لا موضوع المكلف.
    لذا يبقى الاعتماد على الإجماع والتسالم أقوى من الاستدلال بالنصوص في المقام.

    المطلب التاسع: حدود الإجماع ومدى إطلاقه
    بما أن الإجماع هنا دليل لبّي لا لفظي، فإنه يؤخذ بالقدر المتيقَّن منه، والقدر المتيقن هو ما إذا استوعب الإغماء تمام وقت الوجوب،

    أما مجرد الإغماء اللحظي أو الطارئ عند الهلال فلا يثبت فيه الإجماع، فيبقى في محلّ الإشكال.

    المطلب العاشر: ما أفاده المتأخرون
    ما ذكره المتأخرون من أمثال:

    • صاحب المدارك،

    • وصاحب المستند،

    • والسيد الخوئي،

    • والسيد الحكيم،
    هو الأقوى، لأنهم فرّقوا بين الإغماء المستوعب لجميع الوقت فيسقط معه الوجوب، وبين الإغماء الجزئي فلا يسقط به التكليف.

    أما إطلاق كلام المشهور السابقين بالسقوط مطلقاً، فلا يخلو من إشكال.


    المطلب الحادي عشر: تنبيه في طبيعة الإغماء

    قد يُستدل أيضاً على سقوط التكليف عن المغمى عليه بفقدان الإدراك والعقل، إذ إنّ الإغماء حالة أشدّ من النوم، بل أشبه بالجنون المؤقت،

    وفيها فقدانٌ تامٌّ للوعي والشعور، فلا يُعقل توجّه الخطاب التكليفي إليه حينئذٍ، كما لا يتوجّه إلى المجنون.
    النتيجة
    يتلخّص من مجموع ما تقدم:

    1. إنّ شرط عدم الإغماء من الشروط المعتبرة في وجوب زكاة الفطرة.

    2. إنّ الإجماع والتسالم هو الدليل الأقوى في إثبات الحكم.

    3. إنّ سقوط الوجوب يتحقّق إذا استوعب الإغماء تمام وقت الوجوب، أما الإغماء الجزئي فمحلّ تردّد.

    4. إنّ الإغماء بحكم فقدان العقل المؤقت، فيلحق بالمجنون من حيث عدم توجّه الخطاب.

    5. ما أفاده المتأخرون هو الأقرب إلى التحقيق والاتزان، بخلاف إطلاق المشهور المتقدمين.



المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X