اختَلَّ مِيزَانُ الصَّبرِ

[كادر المجلة]

وقفتُ على صفحة الدجى أعاتبُ الرياح على جبين الروح سيّرت الفؤاد..
لعلّ طيف الذكريات يشفي الكدر وأُحلّق..
لأكنس غباراً تحت حفيف الزائر, وأضعه في صرّة الشّفاء..
أجمع الهواء المحيط بكَ في قوارير المختبر..
عباسُ أظنّها نفدت..
غريبٌ تعلّقي بتفاصيلك، لا لم يزعجني ذلك, لكنه يغرقني..
والغرق في فضائل التفاصيل اكتساب زاد ونيل وسام..
لكنه مؤلمٌ لعاشقٍ أبعدته جغرافيا الحدود, وأختام القنصليات السّود..
خريف حلّ باكراً، غطّى قبوي، فحجبتْ أوراقه الصُّفر ضياء القمر..
وكَسرُ القاعدة هنا جائز وحاصل..
فالقمر متى كان مركزاً للضياء, علمتَ أنّ خطى أبي الفضل تلوح بالأفق..
فسارعتُ لأدوّن بالدموع صحيفة عتابٍ مرير..
وأرسم برمش العين حلماً, لسجدة العتبة في حرمكَ..
لكن أبجديّة الأدب خانتني، وهواية الفنّ نبذتني، فعزفُ الوتر مريرٌ أمام سموّ المقام..
لم أستلم دعوة للحضور هذا العام، أنسيتَ حروفي، أم حُذف الاسم من سجلات الشّرف.. أم عباس غادر لسُوحِ الوغى..؟
لكن هناك ما أود البوح به، وقد همست به في أمنية الخلود..
ولأسبابٍ الكفيلُ يعقِلُها، أطلقَ سراحي بعدها..
مع ترحيلٍ استمرّ طويلاً لدرجة الاختناق..
إن كنتَ تدري ضعفي، لِمَ أخليتَ سبيلي لأضيع بين هياكل الظلام والضلال..؟
أجل أُقرُّ في هذه السطور، أنني لم أحفظ العهد لراية القدس التي حُملت..
أنني لم أُقدّر العفو الصادر عن رأفة حامي الظعينة..
لكنّك تبقى نبض سمائي، وأنا المنتظِرة حكم الاستدعاء..
لأقف خلف الأبواب، وأحلم بدوائي عند الضّريح..
فقد اختلّ ميزان الصبر عندي..
وبتّ تائهة بين الأزقة وأوراق الخريف..
أبحثُ عن قصاصة الروح التي سرقتها ألسنة اللّهبِ واتجاهات الريح..
وجلُّ ما أدركه في ظلمتي أنّ الشوق قد بلغ الحدّ يا كربلاء..
فأعيدي إليّ جهاز التحكّم ببسمتي، بدمعتي، بوجعي، بألمي..
لأموت أو أحيا، لا فرق عندي..
لكن الحكم مع وقف التنفيذ, بات يؤلمني..

بقلم مدى حسين محمد/ لبنان

تم نشره في رياض الزهراء العدد95