هو العباس ابن أمير المؤمنين عليه السلام أشرق نوره في اليوم الرابع من شهر شعبان المعظم سنة (26)هـ، وقد امتلأ البيت العلوي
بالسرور والحبور لولادة هذا المولود الذي سيكون له شأن عظيم، قد ابتهج به والده أمير المؤمنين عليه السلام وأقام مراسيم الولادة،
فأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى وتصدّق بوزن شعره على الفقراء وعقّ عنه، وكانت فرحة السيدة زينب عليها السلام بهذا المولود
لا توصف، وقد سألت أباها عن سبب هذا التعلّق الشديد به، فأجابها بما معناه أنه سيكون كفيلها وحاميها، ولكنهما سيفترقان،
فسألته عليه السلام هل سيتركها هو أم هي من تتركه؟ فاخبرها بأنها ستتركه على رمضاء كربلاء، وهكذا فقد نشأ الإمام العباس عليه السلام
في بيت كان مهبط جبرائيل والملائكة، تحوطه الأنوار الإلهية من كلّ جانب، تربى في حجر أمير المؤمنين عليه السلام
وسقاه من علمه وأخلاقه، وعاش مع جامعتين للعلوم الإلهية تفيضان بالتعاليم الحقة والرقي به إلى أوج العظمة،
الإمامين الهُمامين الحسن والحسين عليهما السلام ينهل من علمهما الذي علّمهما رسول الله صلى الله عليه واله،
وكانت ترعاه عقيلة الهاشميين وهي العالمة غير المعلّمة، وكانت أمّه أم البنين عليها السلام تُربيه على إجلال أخويه وطاعتهما،
وبعد فقد حوى أبو الفضل من صفاء النفس والجبلة الطيبة والعنصر الزاكي ما يفتح له أبوابا من العلم ويوقفه على كنوز المعرفة،
وعليه فقد أبت ذاته المقدسة إلا أن تكون متجلية بأنوار العلوم والفضائل، وقد جاء عن المعصومين عليهم السلام: "إن العباس زُقّ العلم زقاً".(1)
..............................
(1) العباس بن علي (السيد عبد الرزاق المقرّم)، ص99.
غيداء عبد الحسين/ جامعة بابل
تم نشره في رياض الزهراء العدد71
تعليق