تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد و آل محمد
في بيت صغير دافئ، كان هناك طفل اسمه سامي. يحب اللعب بالسيارات، وبناء القلاع من المكعبات، لكن أكثر شيء كان يحبه هو الجلوس أمام التلفاز. كان يظن أن التلفاز بوابة سحرية يدخل منها الأبطال ويخرج منها الشريرون.
وفي مساء هادئ، بينما كان سامي ينظر للشاشة بتركيز يشبه تركيز قطة تراقب فراشة، حدث شيء غريب. لمعت الشاشة فجأة، وتكوّر الضوء حوله، ثم… زُق! وجد سامي نفسه داخل عالم غريب يشبه ما يشاهده في التلفاز.
أول مكان هبط فيه كان “مدينة الحركات الخطرة”. الشوارع مليئة بأطفال يحاولون تقليد ما يشاهدونه. طفل يقفز من فوق سور، وآخر يقلّد بطلًا يركض بين السيارات، وثالث يمسك مكنسة كأنها سيف ويحارب الهواء.
اقترب سامي من ولد يقفز فوق الدرابزين وقال له: “لماذا تفعل هذا؟” ضحك الولد وقال بثقة:
“رأيت البطل أمس يفعلها… إذا هو قدر عليها، فأنا أقدر!”
لكن في اللحظة نفسها، انزلق الولد وسقط على كومة من الوسائد. ظهرت لوحة كبيرة فوق رأسه تقول: “لا تقلّد ما تراه… التلفاز تمثيل!”
ابتلع سامي ريقه. بدأ يفهم أن التلفاز ليس كما يبدو.
ثم انتقل إلى قرية أخرى اسمها “قرية العقول النائمة”. كل سكانها جلوس أمام شاشات ضخمة، لا يتحركون، لا يضحكون، ولا يبدعون. فقط يشاهدون حلقات انتهت منذ مئة سنة. كانوا يشبهون الروبوتات التي فقدت زر التشغيل.
سأل سامي عجوزًا جالسًا أمام شاشة ضخمة: “لماذا لا تقوم؟ لماذا لا تلعب؟” قال العجوز بصوت باهت: “نسيت… كنت أحب الرسم… لكني شاهدت التلفاز طويلاً حتى نامت أفكاري.”
شعر سامي بقلبه ينكمش مثل ورقة خريفية.
فجأة ظهر أمامه باب كبير مكتوب فوقه:
“باب العودة… لمن فهم الحكمة.”
اقترب سامي. انفتح الباب وأعادته موجة لطيفة إلى غرفته. كانت الشاشة أمامه، لكن هذه المرة لم تعد تبدو بوابة سحرية، بل مجرد صندوق يعرض أشياء ليست كلها مفيدة.
وقف سامي وقال بصوت يشعر انه أصبح أكبر: “أنا سأختار ما يفيدني… ولست نسخـة مما أراه.”
وأخذ مكعباته وصنع قلعة أجمل من كل القصص التي شاهدها.
ومن ذلك اليوم صار التلفاز ضيفًا صغيرًا، وليس سيدًا كبيرًا.