إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد



    قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ ۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ[1].

    سؤال مشوق من خلال ما تطرحه القصة والتطلع في اسرارها للوهلة الأولى، وهو ثمة رسل من الله تعالى حملت الى ابراهيم (عليه السلام) بشرى من الله تعالى؟
    من هم الرسل؟ أمر مجهول تماما!
    ثم ما هي البشرى؟ أمر مجهول أيضا!
    إلا أن القارئ يظل متطلعا إلى معرفة هذه البشرى كما إنه يظل متطلعا إلى معرفة حامليها رسل الله تعالى.
    ويزداد القارئ تشوقا حينما يواجه تبادل السلام بين الرسل وإبراهيم، ﴿قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ﴾.
    هذا النمط من التحية يحمل دلالة خاصة أبسط ما فيها أنها تفصح عم الحب، عن المسالمة، عن الطريقة التي تتلاقى من خلالها أحبّاء الله تعالى.
    لكن ماذا بعد ذلك؟ ابراهيم (عليه السلام) يجيء بعجل مشوي تكريما لضيوفه ﴿فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾، إلا أن الضيوف يمتنعون عن تناول الطعام وهذا هو عنصر فني جديد في القصة ألا وهو عنصر المفاجأة)!
    إذن، نحن الآن أمام عنصرين فنيين في القصة عنصري التشويق والمفاجأة.
    فالمفاجأة هي: أن الضيوف لم يتناولون الطعام، وهو أمر يستثير الدهشة لسبب واضح هو أن الضيوف الذين استهلوا مقابلتهم لإبراهيم بالسلام ﴿قَالُوا سَلَامًا﴾، وهي تحية الحب لماذا يمتنعون من تناول الطعام الذي يجسد بدوره تعبيرا عن الحب؟ هذا هو عنصر الدهشة في الموقف. إذن، لا بد أن يكون هؤلاء الضيوف من جنس آخر يختلف عن الجنس البشري، أو لا أقل لا بد ان يتميزوا بصفات خاصة تحملهم على عدم تناول ما هو مألوف في السلوك البشري.
    وفي ضوء هذا السلوك الذي يبدو غريبا على ابراهيم (عليه السلام) لا بد أن يتوجس خيفة من هؤلاء الضيوف الممتنعين عن تناول الطعام ﴿فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ﴾، الى الطعام ﴿نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾، طبيعيا، لا بد أن تمضي القصة من الآن فصاعدا بالكشف تدريجيا وهذا هو عنصر آخر في القصة عن ملابسات الموقف، لذلك عندما شاهدت رسل الله تعالى أن ابراهيم قد توجس خيفة منهم بادر الرسل قائلين ﴿قَالُوا لَا تَخَفْ﴾، لكن لابد أيضا من أن يبين هؤلاء الرسل حقيقة الموقف حتى لا يخاف ابراهيم.
    وهذا ما بدأت به القصة فعلا، حينما بدأت تكشف عن الخيوط الأولى للموقف، وذلك حينما قال الرسل مباشرة: ﴿إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ[2].
    فبدأ الآن عنصر التشويق والمفاجأة يتكشفان تدريجيا، ليبلورا حقيقة الموقف، متمثلة في أن الرسل قد جاءت والمهمة خاصة هي إنزال العذاب على قوم لوط.
    لكن ما هي علاقة ابراهيم بقوم لوط؟ وما علاقة البشرى التي قدمها الرسل بإبراهيم؟ وهذا يعني أن الموقف القصصي لا يزال ملفعا بالغموض الفني، فما إن بدأ الغموض الأول يتكشف، حتى بدأ الغموض الجديد في الموقف.
    وهذا ما يستخلصه القارئ دون أن تقول له بصورة مباشرة بأن «الرسل» هم «ملائكة» والملائكة لا تتناول الطعام البشري كما هو واضح.
    إذن: للمرة الجديدة نواجه عنصرا فنيا آخر هو: أن القصة تركت للقارئ بأن يستخلص بنفسه كون الرسل هم «ملائكة» بدليل أنهم جاءوا والمهمة من قبل الله تعالى لإنزال العذاب على قوم لوط، وهو يتم عادة من قبل الملائكة.
    وعليه نلاحظ النمو العضوي لهذه المواقف في القصة، مما يكشف ذلك عن مدى إحكام النص من حيث تلاحم موضوعاته بعضها مع الآخر.
    والسؤال الآخر لماذا ضحكت امرأة ابراهيم؟ ﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ[3]، القصة ساكتة عن توضيح السبب.
    قد يكون الضحك بسبب من تكشف الموقف لها حيث نتوقع بأن حزنها لعدم تناول الضيوف للطعام فلما عرفت أنهم رسل الله تعالى ضحكت بسبب من تكشف الموقف.
    وقد يكون السبب كما يذكر بعض المفسرين هو: اطمئنانها لسلامة لوط (عليه السلام) من العذاب الذي اخبرت به الملائكة ابراهيم (عليه السلام).

    [1] سورة هود، الآية: 69.
    [2] سورة هود، الآية: 70.
    [3] سورة هود، الآية: 71.

    التعديل الأخير تم بواسطة الاشتر; الساعة 09-11-2025, 03:40 PM.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X