تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
الدنيا زائلة، تُغرينا بلذّاتها وتُنسينا أحيانًا حقيقة الوجود.
لكن الله سبحانه في كتابه العظيم يُعيدنا إلى جوهر الإنسان المؤمن حين يقول:
﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾
(البقرة: ٢٤٥)
(البقرة: ٢٤٥)
كأنّ الله جلّ جلاله يطلب منكم التقديم ثم منه انه يكرمُكم بلا حدود.
تخيّل أن المَلك العظيم يطلب منك شيئًا ليُعطيك مقابله أبد الآبدين!
🕊️ معنى "قَدِّموا لله"
القرآن لم يقل "اعملوا لأنفسكم" فحسب، بل قال:
﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ﴾
(البقرة: ١١٠)
(البقرة: ١١٠)
أي أن ما تُقدّمه لله هو في الحقيقة رصيدٌ لك، لا يضيع، بل يُحفَظ في حسابٍ سماويّ لا يُنقص أبدًا.
أن تُقدّم لله يعني:
- أن تُقدّم وقتك في طاعةٍ لا في لهوٍ.
- أن تُقدّم مالك في عونِ محتاجٍ لا في إسرافٍ وبذخ.
- أن تُقدّم عفوك بدل الانتقام.
- أن تُقدّم قلبك نقيًّا خالصًا له لا تشوبه الأنانيات.
- 💫 روح العطاء عند أهل البيت عليهم السلام
لقد جسّد آل محمد (عليهم السلام) هذا المعنى بأبهى صوره.
حين نزل قوله تعالى:
﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾
(الإنسان: ٨)
(الإنسان: ٨)
كان الإمام عليّ وفاطمة والحسنان (عليهم السلام) صائمين ثلاثة أيام،
وكلّ يوم عند الإفطار يُقدّمون طعامهم القليل لله، لا رياءً ولا طلبًا لثناءٍ، بل قائلين:
﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا﴾
هذا هو القدوة الإلهية في التقديم:
أن تُعطي دون انتظار المقابل، أن تعمل لله لا لأحدٍ سواه.
🌸 كيف نقدّم لله في حياتنا اليومية؟
التقديم ليس في المال فقط، بل في كل لحظة من حياتك:
- قدّم لله قلبًا راضيًا مهما اشتدّ البلاء، فالرِّضا عبادة الأنبياء.
- قدّم لله وقتًا خاصًّا، ولو دقائق قبل النوم، تناجيه بصدق وتقول: يا رب، هذا الوقت لك.
- قدّم لله صدقةً عن نيةٍ طيبة، لا تنتظر أن يراك أحد.
- قدّم لله صبرك على من آذاك، فتكون من أهل الحِلم الذين أحبّهم الله.
- قدّم لله إحسانك إلى أهلك، فهو القائل: "خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي" (عن النبي صلى الله عليه وآله).
🌷 القبول الإلهي
ليس المهم أن تُقدّم كثيرًا، بل أن تُقدّم بإخلاص.
الإمام الصادق عليه السلام يقول:
"إنّ الله لا ينظر إلى كثرة عملك، ولكن ينظر إلى ما خلص فيه وجهُك له."
فقد تكون صدقة صغيرة، أو دعوة في السرّ، أعظم من آلاف الأعمال إذا صَدرت من قلبٍ صادق.
🌿 أذن عندما يرحل الإنسان إلى الآخرة، يتذكّر ما قدّم:
﴿يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ مَا سَعَى﴾ (النازعات: ٣٥)
هناك فقط، يعرف قيمة كل لحظة قضاها في سبيل الله،
كل صدقة، كل كلمة طيبة، كل دمعة خاشعة، كل نيةٍ صافية.
فلتكن حياتنا عنوانها:
قدّم لله، ولا تنتظر من الدنيا ردّ الجميل.
فهو وحده الكريم الذي لا يُضيع عمل المحسنين.