إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المادة والطاقة: قراءة إبستمولوجية في تطوّر المفهومين بين الفيزياء والفلسفة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المادة والطاقة: قراءة إبستمولوجية في تطوّر المفهومين بين الفيزياء والفلسفة


    شكّلت ثنائية المادة و الطاقة أحد المحاور الجوهرية التي دار حولها التفكير العلمي والفلسفي عبر العصور. وحتى مطلع القرن العشرين وتحديدًا قبل عام 1905 كانت الفيزياء الكلاسيكية تستند إلى مبدئين مستقلين: حفظ المادة و حفظ الطاقة، باعتبار أن المادة جوهر قائم بذاته، وأن الطاقة ظاهرة أخرى مباينة لها في الهوية والماهية.

    أولًا: مفهوم المادة بين الفيزياء والفلسفة :
    كان التصور الفيزيائي القديم للمادة مساوقًا للجسم المحسوس، وبذلك التقت الفيزياء مع الخطّ العريض للفلسفة القديمة التي عرّفت المادة بأنها جوهر ممتد ذو أبعاد ثلاثة. فالمادة بهذا المعنى كيان متعين، يشغل حيّزًا، وله قابلية للانقسام والحركة.
    وعلى خلاف ذلك، كان الفلاسفة يشيرون إلى أن المادة ليست متقوّمة بأعراضها، بل هي أصل قابل لأن تلبسه صور متنوّعة. ومن هنا نشأ البحث الفلسفي حول طبيعتها، وهل هي متكثّفة أو متخلخلة، وما إذا كان الفراغ يتخلل أجزاءها أو لا.

    ثانيًا: مفهوم الطاقة وموقعها الأنطولوجي :
    أمّا الطاقة فكانت في الفيزياء القديمة تُعدّ مفهومًا جامعًا لأشكال متعددة، كالطاقة الحرارية، والضوئية، والحركية، والمختزنة. ورغم تعدد هذه الأصناف، فقد اعتُبرت جميعها أحداثًا أو عمليات ترتبط بالمادة ارتباطًا مباشرًا.
    وفي الفلسفة، لم تُعدّ الطاقة جوهرًا مستقلًا، بل عرضًا من أعراض الجسم، تندرج تحت مقولة «أن يفعل». فصدور الفعل عن الشيء كالطيّ، والتحريك، والتسخين هو صفة من صفاته، لا كيان قائم بذاته.

    نظرية صدر المتألّهين: الطاقة كوجه من وجوه «القوة» :
    يميل صدر المتألّهين الشيرازي إلى إعادة تفسير الظواهر الفعلية بما يرجعها إلى «القوة» الكامنة في المادة الفلسفية. فالمادة عنده ليست جوهرًا سالبًا، بل تحمل في ذاتها قوة تتكامل مع جوهر «الصورة» لتكوين ماهية الجسم. وهذه القراءة تنقل الطاقة من كونها «عرضًا» إلى كونها تجلّيًا لجوهر أصيل هو «القوة»، مما يضفي عليها بُعدًا وجوديًا أعمق.
    على الرغم من تأكيد الملاصدرا أن تركيب المادة والصورة تركيب اتحادي لا انضمامي، إلا أن وجود جوهرين في باطن الجسم يشير إلى نوع من الثنائية الأنطولوجية التي لا يمكن إنكارها بالكامل.

    ثنائية الجسم الكثيف والجسم اللطيف :
    طرحت الفلسفة القديمة ثنائية أخرى قريبة من ثنائية المادة والطاقة، هي ثنائية الجسم الكثيف و الجسم اللطيف. وقد قورنت الأولى بالمادة، والثانية بالطاقة. ودار الخلاف حول ما إذا كانت الأجسام متخلخلة بحيث تتخلل الطاقة فراغاتها الداخلية، أو متكاثفة بحيث يمتنع دخول جسم في جسم آخر.
    وذهب بعض المفكرين إلى أن أصل الطاقة هو «النار»، التي اعتُبرت ضمن العناصر الأربعة المؤسسة للوجود الطبيعي بحسب الفلسفات القديمة. ومن هنا جاءت المقاربة الحديثة التي تؤول ثنائية «التراب والنار» في القرآن إلى ثنائية «المادة والطاقة»، نظرًا لكون الإنسان خُلق من تراب، والجان خُلق من نار.

    القرآن وفلسفة الثنائيات: الإنسان والجن مثالًا
    تُعد ثنائية الإنس والجن من أبرز الثنائيات في البناء الكوني، إذ يشترك الطرفان في الحرية والاختيار والتكليف، ولذلك سمّاهما القرآن «الثقلين» في قوله تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ﴾.
    وقد ناقش الفلاسفة والمفسرون احتجاج إبليس بقوله: «أنا خيرٌ منه، خلقتني من نار وخلقته من طين»، وبيّن صدر المتألّهين أن في هذا الاستدلال أربع عشرة مغالطة، مما يشير إلى عمق القراءة الفلسفية للثنائية.
    تأويل التخلخل والتكاثف
    يمكن فهم مفهومي التخلخل و التكاثف بمنظار وجودي حديث:
    التخلخل: انبساط في بُنى الجسم، يظهر بوضوح في «الجسم اللطيف» أو ما يعادل الطاقة.
    التكاثف: انقباض في أجزاء الجسم، يدل على درجة أعلى من التماسك المادي.
    وعلى مستوى الفهم الإبستمولوجي، يمكن القول إن هذين المفهومين يحاولان تفسير درجات الوجود بين الكثافة واللطافة، بين ما يشغل حيّزًا محسوسًا وما يصدر فعلاً دون أن يتمتع بالامتداد ذاته.

    ------
    منقول
    أين استقرت بك النوى

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم ص​ل على محمد وآل محمد
    جزاكم الله خيرا
    مع شكرنا وتقديرنا لحسن ما تنشرون

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X