إلى فقرة: جهاد رسالي
إن الحديث عن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) هو حديثٌ عن مدرسةٍ متكاملة في الوعي والجهاد والقيادة الإيمانية؛ فهي لم تكن مجرد شخصية تاريخية، بل كانت نبض الرسالة وروح الدفاع عن الحق. لقد جسّدت (عليها السلام) مفهوم الجهاد الرسالي بأبهى صوره؛ جهادًا لا ينحصر في ساحة القتال فقط، بل يمتد إلى ساحة الفكر والموقف والكلمة والثبات.
فكانت (عليها السلام) حاضرةً في قلب الأحداث السياسية والفكرية في العهد المدني، تدعم الدعوة الإسلامية بكل وعيٍ وشجاعة، وتواجه التحديات الداخلية والخارجية بحكمةٍ وإيمانٍ عميق. لم تتردد في نصرة الحق، بل جعلت من صوتها موقفًا ومن حضورها سلاحًا، حتى شهد التاريخ لها بمسيرة من التضحية والوعي والجهاد. ويكفي أنها شاركت في ميادين الجهاد كمَعركة أُحد، لتبرهن أن المرأة في الإسلام ليست على هامش الموقف، بل هي في صلب الرسالة والبناء.
لقد قدّمت (عليها السلام) نموذجًا للقيادة الرسالية التي تمزج بين الإيمان والعمل، بين الفكر والموقف، بين التضحية والصبر. فكانت بوعيها تُثبّت أركان الدعوة، وبمواقفها تُحيي ضمائر المؤمنين، وبصوتها تُعيد ميزان العدالة إلى نصابه. ولعل أعظم ما تركته لنا هو أن الجهاد ليس سيفًا فحسب، بل هو كلمة الحق حين يُخفت صوتها، وموقف العدل حين تشتد الفتن، وصبر الإيمان حين يطول الليل. هكذا كانت الزهراء (عليها السلام) جهادًا يمشي على الأرض… وعلَّمتنا كيف يكون الدفاع عن الرسالة أسلوب حياة.

تعليق