بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على اعدائهم الى قيام يوم الدين
البحث المرتَّب في شرط الغِنى في زكاة الفطرة
المقدمة
هذا البحث يتناول الشرط الرابع من شروط زكاة الفطرة، وهو شرط الغِنى.
يظهر من كلمات الأصحاب وجود شهرة عظيمة بل ادِّعاء إجماع على هذا الشرط، كما نقله صاحب الجواهر وغيره، وكذلك في المستمسك للسيد الحكيم، وغيرهم من الفقهاء.
وفي مقابل هذه الشهرة، نُسب إلى ابن الجنيد القول بوجوب زكاة الفطرة على من يملك قوت يومه وليلته إذا كان قادراً على دفع مقدار الفطرة، وهذا خلاف المشهور.
كما نقل الشيخ الطوسي في الخلاف أنّ هذا القول منسوب إلى كثير من الأصحاب.
المقام الأول: بيان القولين في تحديد الغِنى
القول الأول: المشهور
زكاة الفطرة لا تجب إلا على الغني، والغني هو:
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على اعدائهم الى قيام يوم الدين
البحث المرتَّب في شرط الغِنى في زكاة الفطرة
المقدمة
هذا البحث يتناول الشرط الرابع من شروط زكاة الفطرة، وهو شرط الغِنى.
يظهر من كلمات الأصحاب وجود شهرة عظيمة بل ادِّعاء إجماع على هذا الشرط، كما نقله صاحب الجواهر وغيره، وكذلك في المستمسك للسيد الحكيم، وغيرهم من الفقهاء.
وفي مقابل هذه الشهرة، نُسب إلى ابن الجنيد القول بوجوب زكاة الفطرة على من يملك قوت يومه وليلته إذا كان قادراً على دفع مقدار الفطرة، وهذا خلاف المشهور.
كما نقل الشيخ الطوسي في الخلاف أنّ هذا القول منسوب إلى كثير من الأصحاب.
المقام الأول: بيان القولين في تحديد الغِنى
القول الأول: المشهور
زكاة الفطرة لا تجب إلا على الغني، والغني هو:
- من يملك قوت سنته لنفسه وعياله.
- زائدًا على مقدار الدَّين وما يقابله من المستثنيات.
- سواء كان هذا الملك فعلًا أو قوّةً.
ومن كان مَدينًا يجب أن يكون قادراً على أداء ديونه، لأن الدَّين من المؤنة.
فإذا تحقّق هذا كلّه، كان غنيًّا وتجب عليه الفطرة.
إذن:
الضابط = امتلاك مؤونة السنة + القدرة على أداء الديون + القدرة على دفع الفطرة.
القول الثاني: رأي ابن الجنيد
يكفي أن يكون قادراً على:
- مؤونة يومه وليلته فقط،
- ومعه مقدار زائد يخرج منه الفطرة.
وهذا خلاف المشهور.
المقام الثاني: مدى ثبوت الشهرة أو الإجماع عند التحقيق:
المقام الثاني: مدى ثبوت الشهرة أو الإجماع عند التحقيق:
- الإجماع غير محرَز؛ لوجود معارض قوي ـ وهو ابن الجنيد ـ بل الشيخ الطوسي نسب القول لعدد من الأصحاب.
- ومع ذلك: صاحب الجواهر جزم بوجود الإجماع، وقال إن نقل ابن الجنيد يُحمل على أنّه يقصد قوت اليوم والليلة في طول السنة، لا ليوم واحد فقط.
غير أننا لا نستطيع الجزم بالإجماع، فيلزم الرجوع إلى الأدلة الروائية.
المقام الثالث: البحث في الروايات
الروايات في الباب على قسمين:
القسم الأول: روايات تُفيد مبنى المشهور
وهي الروايات التي تدل على أن من كان فقيرًا (آخِذًا للزكاة) لا تجب عليه الفطرة، مما يعني أن المعيار هو الغنى الشرعي.
1. صحيحة الحلبي
سُئل الإمام:
رجل يأخذ من الزكاة، هل عليه صدقة الفطرة؟
قال: لا.
السياق يدل على أن “الأخذ من الزكاة” بمعنى الفقير، لا آخذ سهم سبيل الله أو المؤلفة.
فالرواية صريحة في أن الفقير لا تجب عليه الفطرة.
2. معتبرة إسحاق بن عمار
قال: قلتُ لأبي إبراهيم (عليه السلام):
أعلى الرجل المحتاج صدقة الفطرة؟
قال: ليس عليه فطرة.
السيد الخوئي اعتمدها واعتبر “المحتاج” = الفقير، وإن كان حمل الاحتياج على الفقر الشرعي فيه مناقشة، لأن لفظ “محتاج” أعمّ.
لكنه يؤيّد المشهور.
3. رواية إسماعيل بن سهل
«من أخذ من الزكاة فليس عليه فطرة».
مع أنها ضعيفة السند بإسماعيل بن سهل، لكنها تؤيّد الاتجاه العام.
4. رواية المقنعة عن الإمام (عليه السلام)
«تحرم الزكاة على من عنده قوت السنة، وتجب الفطرة على من عنده قوت السنة».
وإن كانت ضعيفة، لكنها صريحة في المطلوب، فتُستعمل للتأييد.
القسم الثاني: روايات تُعارض المشهور ظاهراً
1. رواية الفضيل بن يسار
«أمّا من قبل زكاة المال فإن عليه زكاة الفطرة…»
ظاهرها:
أن من يقبل الزكاة (وهو الفقير) عليه فطرة.
وهذا يخالف الروايات السابقة.
لكن سندها الأول فيه إسماعيل بن سهل وهو ضعيف.
غير أنّ الشيخ الطوسي روى نفس المضمون بسند آخر صحيح:
عن علي بن الحسن بن فضّال، عن إبراهيم بن هاشم، عن حماد، عن حريز، عن زرارة.
فهي رواية معتبرة من حيث السند.
2. روايات أخرى تدعم هذا القسم
مثل:
المقام الثالث: البحث في الروايات
الروايات في الباب على قسمين:
القسم الأول: روايات تُفيد مبنى المشهور
وهي الروايات التي تدل على أن من كان فقيرًا (آخِذًا للزكاة) لا تجب عليه الفطرة، مما يعني أن المعيار هو الغنى الشرعي.
1. صحيحة الحلبي
سُئل الإمام:
رجل يأخذ من الزكاة، هل عليه صدقة الفطرة؟
قال: لا.
السياق يدل على أن “الأخذ من الزكاة” بمعنى الفقير، لا آخذ سهم سبيل الله أو المؤلفة.
فالرواية صريحة في أن الفقير لا تجب عليه الفطرة.
2. معتبرة إسحاق بن عمار
قال: قلتُ لأبي إبراهيم (عليه السلام):
أعلى الرجل المحتاج صدقة الفطرة؟
قال: ليس عليه فطرة.
السيد الخوئي اعتمدها واعتبر “المحتاج” = الفقير، وإن كان حمل الاحتياج على الفقر الشرعي فيه مناقشة، لأن لفظ “محتاج” أعمّ.
لكنه يؤيّد المشهور.
3. رواية إسماعيل بن سهل
«من أخذ من الزكاة فليس عليه فطرة».
مع أنها ضعيفة السند بإسماعيل بن سهل، لكنها تؤيّد الاتجاه العام.
4. رواية المقنعة عن الإمام (عليه السلام)
«تحرم الزكاة على من عنده قوت السنة، وتجب الفطرة على من عنده قوت السنة».
وإن كانت ضعيفة، لكنها صريحة في المطلوب، فتُستعمل للتأييد.
القسم الثاني: روايات تُعارض المشهور ظاهراً
1. رواية الفضيل بن يسار
«أمّا من قبل زكاة المال فإن عليه زكاة الفطرة…»
ظاهرها:
أن من يقبل الزكاة (وهو الفقير) عليه فطرة.
وهذا يخالف الروايات السابقة.
لكن سندها الأول فيه إسماعيل بن سهل وهو ضعيف.
غير أنّ الشيخ الطوسي روى نفس المضمون بسند آخر صحيح:
عن علي بن الحسن بن فضّال، عن إبراهيم بن هاشم، عن حماد، عن حريز، عن زرارة.
فهي رواية معتبرة من حيث السند.
2. روايات أخرى تدعم هذا القسم
مثل:
- صحيحة زرارة: «الفقير الذي يُتصدّق عليه هل عليه صدقة الفطرة؟ قال: نعم…»
- ورواية إسحاق بن عمار في تدوير زكاة الفطرة بين العيال
لكن لا قائل بوجوب هذه الروايات، فلم يعمل بها أحد من الفقهاء، حتى ابن الجنيد نفسه لم يلتزم بهذه التفاصيل.
المقام الرابع: الجمع بين الطائفتين
لا يمكن حمل الروايات على تقييد الكم، لأنّ الرجل واحد:
المقام الرابع: الجمع بين الطائفتين
لا يمكن حمل الروايات على تقييد الكم، لأنّ الرجل واحد:
- مرة: «ليس عليه فطرة»
- ومرة: «عليه فطرة»
ولا يمكن أن يكون نفس الشخص غنياً وفقيراً في آن واحد.
إذن يتعيّن الجمع من جهة الكيف:
النتيجة
إذن يتعيّن الجمع من جهة الكيف:
النتيجة
- روايات النفي محمولة على نفي الوجوب.
- روايات الإثبات محمولة على الاستحباب، لا الوجوب.
فالفقير لا تجب عليه الفطرة، لكن يستحب له أن يدفع شيئًا مما يُتصدّق عليه به.
وهذا هو الجمع المتعيّن عرفاً، وقد اعتمده جمهور المحققين.
المقام الخامس: ماذا عن رأي ابن الجنيد؟
ابن الجنيد:
وهذا هو الجمع المتعيّن عرفاً، وقد اعتمده جمهور المحققين.
المقام الخامس: ماذا عن رأي ابن الجنيد؟
ابن الجنيد:
- لم يُعمل بالروايات التي ظاهرها الوجوب على الفقير.
- ولم يذكر رواية تدل على أن الملاك هو «قوت اليوم والليلة».
لذلك قال السيد الحكيم:
رأي ابن الجنيد لا دليل عليه من الروايات، بل مخالف لها.
وربما حمله صاحب الجواهر على أنه يقصد قوت اليوم والليلة في طول السنة، ليوافق المشهور.
الخلاصة العلمية
رأي ابن الجنيد لا دليل عليه من الروايات، بل مخالف لها.
وربما حمله صاحب الجواهر على أنه يقصد قوت اليوم والليلة في طول السنة، ليوافق المشهور.
الخلاصة العلمية
- الإجماع غير محرَز، لكن المشهور قوي.
- هناك طائفة معتبرة من الروايات تدل بوضوح على أن:
- الفقير (الآخذ للزكاة) لا تجب عليه الفطرة.
- الطائفة الأخرى التي توهم الوجوب على الفقير:
- إمّا ضعيفة،
- أو معتبرة لكنها تحمل على الاستحباب جمعًا بين الأدلة.
- إذن الملاك الواقعي هو:
امتلاك قوت السنة مع سداد الديون والقدرة على النفقة = غِنى = وجوب الفطرة.
أما من لا يملك قوت السنة فهو:- فقير = لا تجب عليه الفطرة، ويستحب له الإخراج إن أمكن.
الخاتمة
وبهذا يتضح أن مبنى المشهور هو الأقوى دليلاً، وأنّ ما نسب إلى ابن الجنيد غير منسجم مع ظاهر الروايات، ولا مع مباني الفقهاء.
