مما لا شك فيه أن ظاهرة الاغتراب الناتجة عن هجرة موطن الآباء والأجداد إلى الدول الأمريكية والأوروبية وغيرها من الظواهر الملفتة في عالمنا الإسلامي، ولها أسبابها المتعددة وأبرزها السياسية والاجتماعية والإقتصادية والدراسية، ولسنا الآن بصد تحليل هذه الظاهرة على أهميتها، وسوف نقصر كلامنا في الإجابة عن استفسار الإخوة حول أحد آثار تلك الظاهرة وهو (زواج الشباب المغترب من فتيات أهل البلدان الاغترابية التي يتواجد فيها الإخوة).
في البداية نقول إن كل شعب وكل أمة لها تاريخها وحضارتها وثقافتها ولها أيضاً عاداتها وتقاليدها الخاصة بها، ومن الطبيعي أن الإنسان هو ابن المجتمع الذي ينتمي إليه ويعيش فيه فيتأثر كما يؤثر في ذلك الوسط الذي تربى فيه واندمجت في نفسه حضارة شعبه وأمته بما تضمه من ثقافة وعادات وتقاليد تميزه عن غيره من أهل الشعوب والأمم الأخرى في العالم. من هذا المنطلق، عندما يهاجر الشاب المسلم المطبوع على الثقافة الإسلامية والمتبع لتقاليد وعادات الأمة الإسلامية سوف يجد نفسه في عالم غريب عنه، وبعيد عنه في التوجهات والرؤى والأهداف وأنماط العلامات الإجتماعية وغير ذلك. ولهذا فإن حالة التأقلم مع ذلك المجتمع الغريب قد تأخذ فترات طويلة أو قصيرة وقد لا يحصل التأقلم نتيجة التربية التي كان المهاجر قد تربى عليها في البلد المنتمي اليه أساساً. ولهذا نلمس أن غير المتدينين من أبناء الأمة الإسلامية بما أنهم لا يراعون أحكام الإسلام ولا يهتمون كثيراً لهذه الناحية الأساسية للحفاظ على شخصيتهم المستقلة سرعان ما تجرهم أجواء تلك البلاد بما فيها من انفلات أخلاقي واجتماعي، وقد لا يجدون أنفسهم غرباء جداً عن أبناء تلك البلاد، وإن ظلوا يعيشون الحنان والشوق إلى بلادهم الأصلية ويقيمون العلاقات مع أبناء بلدهم هناك. لكن المشكلة هي عند الشباب المتدين والملتزم الذي يريد أن يحفظ توجهاته الدينية والأخلاقية والاجتماعية في مجتمع لا يقيم وزناً لهذه الأمور ويرى فيها تناقضاً مع الحرية الفردية والشخصية القائم عليها المجتمع الغربي بشكل عام. وسوف نعرض بعض المسائل قبل استخلاص الجواب الذي نرى فيه الحل الأنسب للشباب الملتزم المغترب والمهاجر لأرضه وأهله، وهي:

تعليق