إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ ۚ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ[1].

    في حال أراد الأنسان أن يثبت شيئا غامضا مع إمكانية إنكاره من الطرف المقابل يلتجأ الى أساليب تبعد احتمال كون الأمر مخططا له من قبل لذا قام النبي يوسف (عليه السلام):
    ﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ﴾، أي أن يوسف عليه السلام بدأ تفتيش متاع وأحمال اخوته قبل أن يفتش عن الصواع في أمتعة أخيه بنيامين، تضليلا لإخوته عن أن يظنّوا أن الأمر مفتعل فيما لو فتش رحل أخيه أولا ووجده فيه فتّش أمتعتهم فلم يجد شيئا ﴿ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ﴾، أي وجد الصواع في الأكياس المحمّلة على بعيره.
    وقد أنّث الضمير في: استخرجها، ليشير به الى السقاية المؤنثة لفظا ولو كان سبحانه قد سمّاها مرة سقاية ومرة صواعا.
    وقيل إنه لمّا وجدها مع بنيامين أقبل عليه إخوته يقولون: فضحتنا وسوّدت وجوهنا! متى أخذت هذا الصاع‌؟ فقال: وضع هذا الصاع في رحلي، الذي وضع الدراهم في رحالكم، وما أنا بسارق.
    ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾، دبّرنا مكيدة لطيفة لعبدنا يوسف، ونحن علّمناه إياها كما أشرنا إلى ذلك سابقا فإن هذا العمل منه كان بإذن الله تعالى وبوحي منه لتبدأ مرحلة التفريج عن يعقوب (عليه السلام) ومثلها كان جواب إخوة يوسف حينما ألهموا أن يقولوا إن السارق يؤخذ في شرعنا، ليتسنّى ليوسف أخذ أخيه بقولهم وحكمهم، ولئلا يقولوا: إن الملك ظلمنا بأخذ أخينا أو بحبسه على الأقل.
    وقد ورد عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: ((اَلتَّقِيَّةُ مِنْ دِينِ اَللهِ قُلْتُ مِنْ دِينِ اَللهِ قَالَ إِي وَاَللهِ مِنْ دِينِ اَللهِ وَلَقَدْ قَالَ يُوسُفُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ ﴿أَيَّتُهَا اَلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ﴾، وَاَللهِ مَا كَانُوا سَرَقُوا شَيْئاً وَلَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾، وَاَللهِ مَا كَانَ سَقِيماً))
    [2].
    أما في دين الملك فكان يضرب السارق بالسوط ثم يغرّمه ضعف ما سرقه لا أن يستعبده ويسترقّه ﴿مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ﴾، أي أنه لم يكن ليحقّ ليوسف أن يأخذ أخاه إليه ويستبقيه عنده في شرع ملك مصر والحال هو قصاصه وتغريمه فقط.
    ﴿إِلَّا أَن يَشَاءَ اللهُ﴾، إلاّ في حال أنّ الله تعالى يريد القضاء في هذه الواقعة بشكل يخوّل يوسف أخذ أخيه لمصلحة اقتضت ذلك في المقام، وعليه صدر حكم ملك مصر وجرى على غير شرعه وتمّ الظاهر الذي يبتغيه يوسف عليه السلام لأنه على شرع أبيه يعقوب عليه السلام وهو الذي أجراه في واقع الأمر.
    أما لفظ الكيد فمعناه المكر والحيلة والخدعة، وهي كلّها محال في حقه سبحانه وتعالى لأنها من الأوصاف المذمومة، ولكنها في بعض الموارد تنسب إليه وتعني حسن التدبير للمخرج من المآزق المستعصية، وتحمل على غايات وأغراض مفيدة ولا تحمل على بداياتها.
    والمراد بالكيد هنا فضلا عمّا قلنا هو إلقاء الإنسان من حيث لا يشعر في مكروه عنده ولا سبيل له في دفعه؛ وذلك من أجل تحقيق مصالح تكمن وراء إيقاعه في ذلك المكروه.
    وهكذا شاء الله سبحانه أن يكشف ليوسف طريقا لأخذ أخيه بفتوى بقية إخوته وعقّب جلّ وعلا على هذه النعمة بقوله الكريم: ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ﴾، نرفع من نريد بالعلم والحكمة والتأييد كما رفعناه بالمرتبة والمقام والأحكام وبتأويل الرؤيا وبالنجاة من جميع المهالك والنصر في سائر المسالك ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾، أي أن إخوة يوسف هم علماء فعلا وفضلاء؛ إلاّ أن يوسف كان أعلم منهم وأعرف، والله وحده هو الذي ليس فوقه عليم.
    علما أنه تعالى عالم بالذات بجميع مخلوقاته، لا أنه عالم بعلم قديم زائد على ذاته المقدّسة قائم بها قيام الصفة بموصوفها، فإنه لو كان كذا، ليمكن أن نتصوّر فوقه عالما.



    [1] سورة يوسف، الآية: 76.
    [2] الكافي، ج 2، ص 217.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X