تويت
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾[1].
﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾، سجودا جامعا لأبويه مع إخوته وكما رأى في المنام ﴿أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾، والسؤال أتراهم سجدوا له سجودهم لله؟ وذلك من المحرمات القطعية الأولية في كافة الشرائع الإلهية! أم سجدوا له كعادة عائدة إلى سنة الفراعنة حيث كانوا يسجدون لهم؟ وليس يوسف عليه السلام فرعونا يسجد له كما لفرعون! وليس يعقوب عليه السلام يساير طقوس الشرك! أم سجدوا له احتراما لديه دون عبودية وعبادة؟ وسجدة الاحترام لغير الله اخترام لساحة الله وتسوية بالله: ﴿تَاللهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[2]! ثم الوالد النبي كيف يحترم ولده لحد السجود، ولو جاز أن يسجد أحد لأحد لكان يوسف هو الذي يسجد لأبويه لعظم حرمة الوالدين! أم كان يوسف قبلة لهم في ذلك السجود دون عبودية ولا احترام؟ وسجود القبلة سجود إليها، لا سجود لها وهنا ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾! ثم القبلة توقيفية وليست فوضى جزاف، ولكل شرعة قبلة يشرعها الله! أو كما ورد عَنْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: ((أَمَّا سُجُودُ يَعْقُوبَ وَوُلْدِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُوسُفَ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ طَاعَةً لِلّهِ وَتَحِيَّةً لِيُوسُفَ، كَمَا كَانَ اَلسُّجُودُ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ لآِدَمَ، كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ طَاعَةً لِلّهِ وَتَحِيَّةً لآِدَمَ، فَسَجَدَ يَعْقُوبُ وَوُلْدُهُ وَيُوسُفُ مَعَهُمْ شُكْراً لِلّهِ لاِجْتِمَاعِ شَمْلِهِمْ أَلاَ تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ فِي شُكْرِهِ ذَلِكَ اَلْوَقْتَ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ اَلْمُلْكِ))[3] ؟ فكما إن آدم كان مسجودا له شكرا لله، لا مسجودا له عبادة له واحتراما كما لله، كذلك يوسف كان مسجودا له شكرا دون عبادة أو احترام، لا سيما إذا كان ساجدا معهم! أترى بعد أن يوسف انتقص من حرمة أبويه أن «دخله عز الملك فلم ينزل إليه» حتى يجزي بانقطاع النبوة عن نسله؟ وقد استقبلهما إلى خارج مصر وقال ما قال وفعل ما فعل بحرمتهم وكرامتهم! أو تراه لم يترجل لأبيه حين لقياه وقد ترجل له أبوه؟ تركل وترجل ذلك الترجل المدسوس الذي يمس من كرامة النبوة! ففي ذلك الإيواء كل مراحل التكريم والتعظيم، ومن ثم: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾، تكملة له وتتميم! فكيف يقال: ﴿أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ﴾[4]؟! ولم تزدده عزة الملك إلا تواضعا وتواطئا.
ولئن دخله عز الملك لا سمح الله فلم ينزل إليه ولم يترجل فهل يستحق بذلك انقطاع النبوة عن نسله؟ ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾[5]، لو كان هناك وزر! وهل كان وزره المفترى أوزر من وزر لاوي أخيه الأكبر وقد شاركهم في استلابه عن أبيه، حيث يجعل الله النبوة في نسله شكرا لما نهاهم عن قتله، ولأنه لم يبرح الأرض حتى يأذن له أبوه! ولئن كان مشكور، فكيف إذا يشكر هو دون يوسف، فتقطع النبوة من نسله وتوضع في نسل أخيه الأكبر لاوي وكيف يفترى على الصديق أنه ترك الإحسان إلى أبويه أو أهانهما، تركا لأعم الواجبات وأهمها أمام الوالدين! ثم انتسال النبوة من صلب دون صلب لا يفضّل الأول تنديدا بالآخر، فهل كان في انتسال الإمامة من صلب الحسين (عليه السلام) تفضيلا له على أخيه الحسن، وتنديدا بالحسن «والحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا».
وبعد ذلك كله كيف تنتزع النبوة المقدرة في نسل عنه وهو تخطئة في التكوين والتشريع معا.
إن هذه إلا خرافات إسرائيلية اختلقت في أحاديثنا بأيدي الجعل والتجديف، فلتضرب بعرض الحائط لمخالفتها لكتاب الله وضرورات من دين الله.
[1] سورة يوسف، الآية: 100.
[2] سورة الشعراء، الآيتان: 97 – 98.
[3] وسائل الشيعة، ج 6، ص 387.
[4] سورة البقرة، الآية: 206.
[5] سورة فاطر، الآية: 18.