يحلّ علينا شهر شعبان، وهو شهر شريف ومبارك، تكثر فيه أفراح آل محمد صلوات الله عليهم، ففي اليوم الثالث منه وُلد الإمام الحسين
عليه السلام ريحانة الرسول صلى الله عليه واله، وتتجدّد في ليلة النصف منه ذكرى ولادة صاحب العصر والزمان الإمام
الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف، وهي ليلة مباركة زادها الله شرفاً وعظمة بولادة مخلّص البشريّة الموعود,
واعتاد المؤمنون في مختلف بقاع الأرض على إحيائها بالعبادة والتهجّد لما ثبت لديهم من أنها الليلة الثانية في الفضل بعد ليلة القدر،
وانتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة جديدة في طريقة إحياء هذه الليلة، إذ يتجمع ثلة من الشباب،
ويأخذون بالسير في بعض الشوارع والأزقّة، ويقومون بحركات شبه بهلوانية، حريصين على التصفيق بأيديهم،
مردّدين بعض الكلمات بطريقة شبيهة بالغناء، وبعضهم الأخر مشغول بإشعال الألعاب الناريّة أو إشعال الشموع وإطفائها،
متلذّذين بحالة اللهو التي أمسوا عليها, كأنهم يسيرون في هذه الشوارع والأزقة وحدهم، متناسين آداب الطريق،
بعيدين كلّ البعد عن الهويّة الإسلاميّة الصحيحة، غافلين عن الآية الكريمة: ) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ )/ (المؤمنون:3)،
كأنهم أغراب في هذه البلاد الإسلاميّة، ينتاب الناظر إليهم حالة من الخوف والذعر!
هل هؤلاء حقاً يمثّلون الشباب المسلم؟ وهل هذه الليلة لها من الفضل كما ورد عن أهل البيت عليهم السلام؟
إذ ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قال: سُئل الباقر عليه السلام عن فضل ليلة النصف من شعبان؟ فقال عليه السلام:
هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر, فيها يمنح الله العباد فضله, ويغفر لهم بمنّه, فاجتهدوا في القربة إلى الله فيها,
فإنها ليلة آلى الله على نفسه أن لا يردّ فيها سائلاً له فيها ما لم يسأله معصية, وإنها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء
ما جعل ليلة القدر لنبيّنا صلى الله عليه واله، فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله.."(1).
فيا شباب الغد وأمل الأمّة الإسلاميّة، عليكم بوقفة تأمل صغيرة في كيفية تعبيركم عن فرحكم وسروركم
بولادة صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف في هذه الليلة، ولنعمل جميعاً كباراً وصغاراً على
إحياء هذه الليلة بما فيه منفعة للدنيا والآخرة، ولنتذكر أن أبسط حقوق إمام زماننا علينا في هذه الليلة
إدخال السعادة إلى قلبه الشريف الحزين بتطريز صحيفة أعمالنا بالأعمال الصالحة، والتهجّد، والثناء على الله عز وجل،
والدعاء له بالفرج العاجل، ولنكن خير معين له في دولة الحق المنتظرة.
................................
(1) وسائل الشيعة: ج8، ص107.
وفاء عمر المسعودي
تم نشره في رياض الزهراء العدد 95
تعليق