قال العلامة المجلسي في كتابه بحار الانوار:
قال الشيخ الاديب أبو بكر بن عبد العزيز البستي بالاسانيد الصحاح أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لما رجع من وقعة الجمل كتب إليه معاوية بن أبي سفيان عليه اللعنة
بسم الله الرحمان الرحيم من عبد الله وابن عبد الله معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أما بعد فقد اتبعت ما يضرك وتركت ما ينفعك وخالفت كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وقد انتهى إلي ما فعلت بحواري رسول الله صلى الله عليه وآله طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة فو الله لارمينك بشهاب لا تطفيه المياه ولا تزعزعه الرياح إذا وقع وقب (1)، وإذا وقب ثقب ، وإذا ثقب نقب ، وإذا نقب التهب ، فلا تغرنك الجيوش واستعد للحرب فإني ملاقيك بجنود لا قبل لك بها والسلام.
بسم الله الرحمان الرحيم من عبد الله وابن عبد الله معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أما بعد فقد اتبعت ما يضرك وتركت ما ينفعك وخالفت كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وقد انتهى إلي ما فعلت بحواري رسول الله صلى الله عليه وآله طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة فو الله لارمينك بشهاب لا تطفيه المياه ولا تزعزعه الرياح إذا وقع وقب (1)، وإذا وقب ثقب ، وإذا ثقب نقب ، وإذا نقب التهب ، فلا تغرنك الجيوش واستعد للحرب فإني ملاقيك بجنود لا قبل لك بها والسلام.
فلما وصل الكتاب إلى أمير المؤمنين عليه السلام فكه وقرأه ودعى بدواة وقرطاس وكتب إليه.
(( بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله وابن عبده علي بن أبي طالب أخي رسول الله وابن عمه ووصيه ومغسله ومكفنه وقاضي دينه وزوج ابنته البتول وأبي سبطيه الحسن والحسين إلى معاوية بن أبي سفيان. أما بعد فإني أفنيت قومك يوم بدر وقتلت عمك وخالك وجدك والسيف الذي قتلتهم به معي يحمله ساعدي بثبات من صدري وقوة من بدني ونصرة من ربي كما جعله النبي صلى الله عليه وآله في كفي فو الله ما اخترت على الله ربا ولا على الاسلام دينا ولا على محمد نبيا ولا على السيف بدلا فبالغ من رأيك فاجتهد ولا تقصر فقد استحوذ عليك الشيطان واستفزك الجهل والطغيانوسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والسلام على من اتبع الهدى وخشي عواقب الردى ))
(( بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله وابن عبده علي بن أبي طالب أخي رسول الله وابن عمه ووصيه ومغسله ومكفنه وقاضي دينه وزوج ابنته البتول وأبي سبطيه الحسن والحسين إلى معاوية بن أبي سفيان. أما بعد فإني أفنيت قومك يوم بدر وقتلت عمك وخالك وجدك والسيف الذي قتلتهم به معي يحمله ساعدي بثبات من صدري وقوة من بدني ونصرة من ربي كما جعله النبي صلى الله عليه وآله في كفي فو الله ما اخترت على الله ربا ولا على الاسلام دينا ولا على محمد نبيا ولا على السيف بدلا فبالغ من رأيك فاجتهد ولا تقصر فقد استحوذ عليك الشيطان واستفزك الجهل والطغيانوسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والسلام على من اتبع الهدى وخشي عواقب الردى ))
ثم طوى الكتاب وختمه ودعى رجلا من أصحابه يقال له
الطرماح بن عدي بن حاتم الطائي
وكان رجلا جسيما طويلا أديبا لبيبا فصيحا لسنا متكلما لا يكل لسانه ولا يعيى عن الجواب فعممه بعمامته ودعى له بجمل بازل وثيق فائق أحمر فسوى راحلته ووجهه إلى دمشق
فقال له: يا طرماح انطلق بكتابي هذا إلى معاوية بن أبي سفيان وخذ الجواب. فأخذ الطرماح الكتاب وكور بعمامته وركب مطيته وانطلق حتى دخل دمشق فسأل عن دار الامارة فلما وصل إلى الباب قال له الحجاب : من بغيتك ؟
قال: أريد أصحاب الامير أولا ثم الامير ثانيا
فقالوا له: من تريد منهم ؟
قال: أريد جعشما وجرولا ومجاشعا وباقعا - وكان أراد أبا الاعور السلمي وأبا هريرة الدوسي وعمرو بن العاص ومروان بن الحكم -
فقالوا: هم بباب الخضراء يتنزهون في بستان. فانطلق وسار حتى أشرف على ذلك الموضع فإذا قوم ببابه فقالوا: جاءنا أعرابي بدوي دوين إلى السماء تعالوا نستهزئ به فلما وقف عليهم قالوا: يا أعرابي هل عندك من السماء خبر ؟
فقال: بلى الله تعالى في السماء وملك الموت في الهواء وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب في القفاء فاستعدوا لما ينزل عليكم من البلاء يا أهل الشقاوة والشقاء.
قالوا: من أين أقبلت ؟
قال: من عند حر تقي نقي زكي مؤمن رضي مرضي.
فقالوا: وأي شئ تريد ؟
فقال: أريد هذا الدعي الردي المنافق المردي الذي تزعمون أنه أميركم فعلموا أنه رسول أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى معاوية
فقالوا: هو في هذا الوقت مشغول.
قال: بماذا بوعد أو وعيد ؟
قالوا: لا ولكنه يشاور أصحابه فيما يلقيه غدا
قال: فسحقا له وبعدا.
فكتبوا إلى معاوية بخبره: أما بعد فقد ورد من عند علي بن أبي طالب رجل أعرابي بدوي فصيح لسن طلق ذلق يتكلم فلا يكل ويطيل فلا يمل فأعد لكلامه جوابا بالغا ولا تكن عنه غافلا ولا ساهيا والسلام.
فلما علم الطرماح بذلك أناخ راحلته ونزل عنها وعقلها وجلس مع القوم الذين يتحدثون.
فلما بلغ الخبر إلى معاوية أمر ابنه يزيد أن يخرج ويضرب المصاف (2) على باب داره فخرج يزيد وكان على وجهه أثر ضربة فإذا تكلم كان جهير الصوت فأمر بضرب المصاف ففعلوا ذلك وقالوا للطرماح: هل لك أن تدخل على باب أمير المؤمنين
فقال: لهذا جئت وبه أمرت فقام إليه ومشى فلما رأى أصحاب المصاف وعليهم ثياب سود
فقال: من هؤلاء القوم كأنهم زبانية لالك على ضيق المسالك
فلما دنى من يزيد نظر إليه فقال: من هذا الميشوم ابن الميشوم الواسع الحلقوم المضروب على الخرطوم ؟ !
فقالوا: مه يا أعرابي ابن الملك يزيد
فقال: ومن يزيد لا زاد الله مزاده ولا بلغه مراده ومن أبوه ؟ كانا قدما غائصين في بحر الجلافة واليوم استويا على سرير الخلافة فسمع [يزيد] ذلك واستشاط وهم بقتله غضبا ثم كره أن يحدث دون إذن أبيه فلم يقتله خوفا منه وكظم غيظه وخبا ناره وسلم عليه فقال:
يا أعرابي إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام
فقال: سلامه معي من الكوفة
فقال يزيد: سلني عما شئت فقد أمرني أمير المؤمنين بقضاء حاجتك
فقال: حاجتي إليه أن يقوم من مقامه حتى يجلس من هو أولى منه بهذا الامر ! !
قال: فماذا تريد آنفا
قال: الدخول عليه
فأمر برفع الحجاب وأدخله إلى معاوية وصواحبه.
فلما دخل الطرماح وهو متنعل قالوا له: اخلع نعليك فالتفت يمينا وشمالا ثم قال:
هذا رب الواد المقدس فأخلع نعلي فنظر فإذا هو معاوية قاعد على السرير مع قواعده وخاصته ومثل بين يديه خدمه
فقال: السلام عليك أيها الملك العاصي فقرب إليه عمرو بن العاص فقال:
ويحك يا أعرابي
ما منعك أن تدعوه بأمير المؤمنين ؟
فقال الاعرابي: ثكلتك أمك يا أحمق نحن المؤمنون فمن أمره علينا بالخلافة.
فقال معاوية: ما معك يا أعرابي ؟
فقال: كتاب مختوم من إمام معصوم
فقال: ناولنيه.
قال: أكره أن أطأ بساطك.
قال: ناوله وزيري هذا عمرو بن العاص.
فقال: هيهات هيهات ظلم الامير وخان الوزير.
فقال: ناوله ولدي هذا وأشار إلى يزيد.
فقال: ما نرضى بإبليس فكيف بأولاده ؟
فقال: ناوله مملوكي هذا وأشارإلى غلام له قائم على رأسه. فقال الاعرابي:
مملوك اشتريته [من] غير حل وتستعمله في غير حق ! !
قال: ويحك يا أعرابي فما الحيلة وكيف نأخذ الكتاب ؟
فقال الاعرابي: أن تقوم من مقامك وتأخذه بيدك على غير كره منك فإنه كتاب رجل كريم وسيد عليم وحبر حليم بالمؤمنين رؤوف رحيم. فلما سمع منه معاوية وثب من مكانه وأخذ منه الكتاب بغضب وفكه وقرأه ووضعه تحت ركبتيه ثم قال:
كيف خلفت أبا الحسن والحسين ؟
قال: خلفته بحمد الله كالبدر الطالع حواليه أصحابه كالنجوم الثواقب اللوامع إذا أمرهم بأمر ابتدروا إليه وإذا نهاهم عن شئ لم يتجاسروا عليه وهو من بأسه يا معاوية في تجلد بطل شجاع سيد سميدع (3) إن لقي جيشا هزمه وأراده وإن لقي قرنا سلبه وأفناه وإن لقي عدوا قتله وجزاه.
فقال له: يا طرماح انطلق بكتابي هذا إلى معاوية بن أبي سفيان وخذ الجواب. فأخذ الطرماح الكتاب وكور بعمامته وركب مطيته وانطلق حتى دخل دمشق فسأل عن دار الامارة فلما وصل إلى الباب قال له الحجاب : من بغيتك ؟
قال: أريد أصحاب الامير أولا ثم الامير ثانيا
فقالوا له: من تريد منهم ؟
قال: أريد جعشما وجرولا ومجاشعا وباقعا - وكان أراد أبا الاعور السلمي وأبا هريرة الدوسي وعمرو بن العاص ومروان بن الحكم -
فقالوا: هم بباب الخضراء يتنزهون في بستان. فانطلق وسار حتى أشرف على ذلك الموضع فإذا قوم ببابه فقالوا: جاءنا أعرابي بدوي دوين إلى السماء تعالوا نستهزئ به فلما وقف عليهم قالوا: يا أعرابي هل عندك من السماء خبر ؟
فقال: بلى الله تعالى في السماء وملك الموت في الهواء وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب في القفاء فاستعدوا لما ينزل عليكم من البلاء يا أهل الشقاوة والشقاء.
قالوا: من أين أقبلت ؟
قال: من عند حر تقي نقي زكي مؤمن رضي مرضي.
فقالوا: وأي شئ تريد ؟
فقال: أريد هذا الدعي الردي المنافق المردي الذي تزعمون أنه أميركم فعلموا أنه رسول أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى معاوية
فقالوا: هو في هذا الوقت مشغول.
قال: بماذا بوعد أو وعيد ؟
قالوا: لا ولكنه يشاور أصحابه فيما يلقيه غدا
قال: فسحقا له وبعدا.
فكتبوا إلى معاوية بخبره: أما بعد فقد ورد من عند علي بن أبي طالب رجل أعرابي بدوي فصيح لسن طلق ذلق يتكلم فلا يكل ويطيل فلا يمل فأعد لكلامه جوابا بالغا ولا تكن عنه غافلا ولا ساهيا والسلام.
فلما علم الطرماح بذلك أناخ راحلته ونزل عنها وعقلها وجلس مع القوم الذين يتحدثون.
فلما بلغ الخبر إلى معاوية أمر ابنه يزيد أن يخرج ويضرب المصاف (2) على باب داره فخرج يزيد وكان على وجهه أثر ضربة فإذا تكلم كان جهير الصوت فأمر بضرب المصاف ففعلوا ذلك وقالوا للطرماح: هل لك أن تدخل على باب أمير المؤمنين
فقال: لهذا جئت وبه أمرت فقام إليه ومشى فلما رأى أصحاب المصاف وعليهم ثياب سود
فقال: من هؤلاء القوم كأنهم زبانية لالك على ضيق المسالك
فلما دنى من يزيد نظر إليه فقال: من هذا الميشوم ابن الميشوم الواسع الحلقوم المضروب على الخرطوم ؟ !
فقالوا: مه يا أعرابي ابن الملك يزيد
فقال: ومن يزيد لا زاد الله مزاده ولا بلغه مراده ومن أبوه ؟ كانا قدما غائصين في بحر الجلافة واليوم استويا على سرير الخلافة فسمع [يزيد] ذلك واستشاط وهم بقتله غضبا ثم كره أن يحدث دون إذن أبيه فلم يقتله خوفا منه وكظم غيظه وخبا ناره وسلم عليه فقال:
يا أعرابي إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام
فقال: سلامه معي من الكوفة
فقال يزيد: سلني عما شئت فقد أمرني أمير المؤمنين بقضاء حاجتك
فقال: حاجتي إليه أن يقوم من مقامه حتى يجلس من هو أولى منه بهذا الامر ! !
قال: فماذا تريد آنفا
قال: الدخول عليه
فأمر برفع الحجاب وأدخله إلى معاوية وصواحبه.
فلما دخل الطرماح وهو متنعل قالوا له: اخلع نعليك فالتفت يمينا وشمالا ثم قال:
هذا رب الواد المقدس فأخلع نعلي فنظر فإذا هو معاوية قاعد على السرير مع قواعده وخاصته ومثل بين يديه خدمه
فقال: السلام عليك أيها الملك العاصي فقرب إليه عمرو بن العاص فقال:
ويحك يا أعرابي
ما منعك أن تدعوه بأمير المؤمنين ؟
فقال الاعرابي: ثكلتك أمك يا أحمق نحن المؤمنون فمن أمره علينا بالخلافة.
فقال معاوية: ما معك يا أعرابي ؟
فقال: كتاب مختوم من إمام معصوم
فقال: ناولنيه.
قال: أكره أن أطأ بساطك.
قال: ناوله وزيري هذا عمرو بن العاص.
فقال: هيهات هيهات ظلم الامير وخان الوزير.
فقال: ناوله ولدي هذا وأشار إلى يزيد.
فقال: ما نرضى بإبليس فكيف بأولاده ؟
فقال: ناوله مملوكي هذا وأشارإلى غلام له قائم على رأسه. فقال الاعرابي:
مملوك اشتريته [من] غير حل وتستعمله في غير حق ! !
قال: ويحك يا أعرابي فما الحيلة وكيف نأخذ الكتاب ؟
فقال الاعرابي: أن تقوم من مقامك وتأخذه بيدك على غير كره منك فإنه كتاب رجل كريم وسيد عليم وحبر حليم بالمؤمنين رؤوف رحيم. فلما سمع منه معاوية وثب من مكانه وأخذ منه الكتاب بغضب وفكه وقرأه ووضعه تحت ركبتيه ثم قال:
كيف خلفت أبا الحسن والحسين ؟
قال: خلفته بحمد الله كالبدر الطالع حواليه أصحابه كالنجوم الثواقب اللوامع إذا أمرهم بأمر ابتدروا إليه وإذا نهاهم عن شئ لم يتجاسروا عليه وهو من بأسه يا معاوية في تجلد بطل شجاع سيد سميدع (3) إن لقي جيشا هزمه وأراده وإن لقي قرنا سلبه وأفناه وإن لقي عدوا قتله وجزاه.
قال معاوية: كيف خلفت الحسن والحسين ؟
قال: خلفتهما بحمد الله شابين نقيين تقيين زكيين عفيفين صحيحين سيدين طيبين فاضلين عاقلين عالمين مصلحين في الدنيا والآخرة.
فسكت معاوية ساعة
فقال: ما أفصحك يا اعرابي ؟
قال: لو بلغت باب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لوجدت الادباء الفصحاء البلغاء الفقهاء النجباء الاتقياء الاصفياء ولرأيت رجالا سيماهم في وجوههم من أثر السجود حتى إذا استعرت نار الوغى قذفوا بأنفسهم في تلك الشعل لابسين القلوب على مدارعهم قائمين ليلهم صائمين نهارهم لا تأخذهم في الله ولا في ولي الله علي لومة لائم فإذا أنت يا معاوية رأيتهم على هذه الحال غرقت في بحر عميق لا تنجو من لجته.
فقال عمرو بن العاص لمعاوية سرا: هذا رجل أعرابي بدوي لو أرضيته بالمال لتكلم فيك بخير.
فقال معاوية: يا أعرابي ما تقول في الجائزة أتأخذها مني أم لا ؟
قال: بل آخذها فو الله أنا أريد استقباض روحك من جسدك فكيف باستقباض مالك من خزانتك فأمر له بعشرة آلاف درهم ثم قال:
أتحب أن أزيدك ؟
قال: زد فإنك لا تعطيه من مال أبيك وإن الله تعالى ولي من يزيد
قال: أعطوه عشرين ألفا
قال الطرماح: اجعلها وترا فإن الله تعالى هو الوتر ويحب الوتر
قال: أعطوه ثلاثين ألفا فمد الطرماح بصره إلى إيراده فأبطأ عليه ساعة
فقال: يا ملك تستهزئ بي على فراشك ؟
فقال: لماذا يا أعرابي ؟
قال: إنك أمرت لي بجائزة لا أراها ولا تراها فإنها بمنزلة الريح التي تهب من قلل الجبال ! !
فأحضر المال ووضع بين يدي الطرماح فلما قبض المال سكت ولم يتكلم بشئ.
[ف] قال عمرو بن العاص: يا أعرابي كيف ترى جائزة أمير المؤمنين
فقال الاعرابي: هذا مال المسلمين من خزانة رب العالمين أخذه عبد من عباد الله الصالحين. فالتفت معاوية إلى كاتبه
وقال: اكتب جوابه فو الله لقد أظلمت الدنيا علي وما لي طاقة فأخذ الكاتب القرطاس فكتب.
قال: خلفتهما بحمد الله شابين نقيين تقيين زكيين عفيفين صحيحين سيدين طيبين فاضلين عاقلين عالمين مصلحين في الدنيا والآخرة.
فسكت معاوية ساعة
فقال: ما أفصحك يا اعرابي ؟
قال: لو بلغت باب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لوجدت الادباء الفصحاء البلغاء الفقهاء النجباء الاتقياء الاصفياء ولرأيت رجالا سيماهم في وجوههم من أثر السجود حتى إذا استعرت نار الوغى قذفوا بأنفسهم في تلك الشعل لابسين القلوب على مدارعهم قائمين ليلهم صائمين نهارهم لا تأخذهم في الله ولا في ولي الله علي لومة لائم فإذا أنت يا معاوية رأيتهم على هذه الحال غرقت في بحر عميق لا تنجو من لجته.
فقال عمرو بن العاص لمعاوية سرا: هذا رجل أعرابي بدوي لو أرضيته بالمال لتكلم فيك بخير.
فقال معاوية: يا أعرابي ما تقول في الجائزة أتأخذها مني أم لا ؟
قال: بل آخذها فو الله أنا أريد استقباض روحك من جسدك فكيف باستقباض مالك من خزانتك فأمر له بعشرة آلاف درهم ثم قال:
أتحب أن أزيدك ؟
قال: زد فإنك لا تعطيه من مال أبيك وإن الله تعالى ولي من يزيد
قال: أعطوه عشرين ألفا
قال الطرماح: اجعلها وترا فإن الله تعالى هو الوتر ويحب الوتر
قال: أعطوه ثلاثين ألفا فمد الطرماح بصره إلى إيراده فأبطأ عليه ساعة
فقال: يا ملك تستهزئ بي على فراشك ؟
فقال: لماذا يا أعرابي ؟
قال: إنك أمرت لي بجائزة لا أراها ولا تراها فإنها بمنزلة الريح التي تهب من قلل الجبال ! !
فأحضر المال ووضع بين يدي الطرماح فلما قبض المال سكت ولم يتكلم بشئ.
[ف] قال عمرو بن العاص: يا أعرابي كيف ترى جائزة أمير المؤمنين
فقال الاعرابي: هذا مال المسلمين من خزانة رب العالمين أخذه عبد من عباد الله الصالحين. فالتفت معاوية إلى كاتبه
وقال: اكتب جوابه فو الله لقد أظلمت الدنيا علي وما لي طاقة فأخذ الكاتب القرطاس فكتب.
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله وابن عبده معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أما بعد فإني أوجه إليك جندا من جنود الشام مقدمته بالكوفة وساقته بساحل البحر ولارمينك بألف حمل من خردل تحت كل خردل ألف مقاتل فإن أطفأت نار الفتنة وسلمت إلينا قتلة عثمان وإلا فلا تقل غال ابن أبي سفيان ولا يغرنك شجاعة أهل العراق واتفاقهم فإن اتفاقهم نفاق فمثلهم كمثل الحمار الناهق يميلون مع كل ناعق والسلام.
فلما نظر الطرماح إلى ما يخرج تحت قلمه قال: سبحان الله لا أدري أيكما أكذب أنت بادعائك أم كاتبك فيما كتب ! ! لو اجتمع أهل الشرق والغرب من الجن والانس لم يقدروا به على ذلك فنظر معاوية فقال: والله لقد كتب من غير أمري فقال: ان كنت لم تأمره فقد استضعفك وإن كنت أمرته فقد استفضحك
أو قال: إن كتب من تلقاء نفسه فقد خانك، وإن أمرته بذلك فأنتما خائنان كاذبان في الدنيا والآخرة ثم قال الطرماح: يا معاوية أظنك تهدد البط بالشط. فدع الوعيد فما وعيدك ضائر (4)
أطنين أجنحة الذباب يضير والله إن لامير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لديكا علي الصوت عظيم المنقار يلتقط الجيش بخيشومه ويصرفه إلى قانصته ويحطه إلى حوصلته
فقال معاوية: والله كذلك هو مالك بن الاشتر النخعي
ثم قال: ارجع بسلام مني.
وفي رواية أخرى: خذ المال والكتاب وانصرف فجزاك الله عن صاحبك خيرا
فأخذ الطرماح الكتاب وحمل المال وخرج من عنده وركب مطيته وسار.
ثم التفت معاوية إلى أصحابه فقال: لو أعطيت جميع ما أملك لرجل منكم لم يؤد عني عشر عشير ما أدى هذا الاعرابي عن صاحبه. فقال عمرو بن العاص: لو أن لك قرابة كقرابة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وكان معك الحق كما هو معه لادينا عنك أفضل من ذلك أضعافا مضاعفة
فقال معاوية: فض الله فاك وقطع شفتيك والله لكلامك علي أشد من كلام الاعرابي ولقد ضاقت علي الدنيا بحذافيرها. (5)
أو قال: إن كتب من تلقاء نفسه فقد خانك، وإن أمرته بذلك فأنتما خائنان كاذبان في الدنيا والآخرة ثم قال الطرماح: يا معاوية أظنك تهدد البط بالشط. فدع الوعيد فما وعيدك ضائر (4)
أطنين أجنحة الذباب يضير والله إن لامير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لديكا علي الصوت عظيم المنقار يلتقط الجيش بخيشومه ويصرفه إلى قانصته ويحطه إلى حوصلته
فقال معاوية: والله كذلك هو مالك بن الاشتر النخعي
ثم قال: ارجع بسلام مني.
وفي رواية أخرى: خذ المال والكتاب وانصرف فجزاك الله عن صاحبك خيرا
فأخذ الطرماح الكتاب وحمل المال وخرج من عنده وركب مطيته وسار.
ثم التفت معاوية إلى أصحابه فقال: لو أعطيت جميع ما أملك لرجل منكم لم يؤد عني عشر عشير ما أدى هذا الاعرابي عن صاحبه. فقال عمرو بن العاص: لو أن لك قرابة كقرابة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وكان معك الحق كما هو معه لادينا عنك أفضل من ذلك أضعافا مضاعفة
فقال معاوية: فض الله فاك وقطع شفتيك والله لكلامك علي أشد من كلام الاعرابي ولقد ضاقت علي الدنيا بحذافيرها. (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
(1): الزعزعة: تحريك الرياح لشجرة ونحوها ذكره الفيروز آبادي وقال: وقب الظلام: دخل والشمس وقبا ووقوبا: غابت
(2) : المصاف: جمع المصف وهو موضع الصف.
(3) : السميدع ــ بفتح السين والميم ــ : السيد الكريم الشريف السخي الموطأ الاكتاف والشجاع.
(4) : في الصحاح: ضاره يضوره ويضيره ضورا وضيرا أي ضره.
(5) : بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (ج 33 / ص 290)
(1): الزعزعة: تحريك الرياح لشجرة ونحوها ذكره الفيروز آبادي وقال: وقب الظلام: دخل والشمس وقبا ووقوبا: غابت
(2) : المصاف: جمع المصف وهو موضع الصف.
(3) : السميدع ــ بفتح السين والميم ــ : السيد الكريم الشريف السخي الموطأ الاكتاف والشجاع.
(4) : في الصحاح: ضاره يضوره ويضيره ضورا وضيرا أي ضره.
(5) : بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (ج 33 / ص 290)
تعليق