ﻭ ﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺮﻓﺾ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻬﺎ ﺗﺮﻓﺾ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺟﺎﺀ ﻟﺨﻄﺒﺘﻬﺎ، ﻓﺒﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮﻫﺎ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﻭ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻟﺨﺎﻃﺐ ﺗﺨﺒﺮﻩ ﺑﺮﻓﻀﻬﺎ.
ﻓﺤﺎﺭ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻫﺎ ﻭ ﻟﻜﻦ ﻟﺤﺒﻪ ﻟﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻀﺎﻳﻘﻬﺎ ﺑﻜﻼﻡ ﻳﺠﺮﺣﻬﺎ ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺤّﺰ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺗﺮﻓﺾ ﺍﻟﻌﺮﺳﺎﻥ ﻳﻮﻣﺎ ﺗﻠﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﻭ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻳﺘﺴﻠﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﺻﺎﺑﻌﻬﺎ.
ﻭ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﺎ ﺟﺎﺀﻫﺎ ﺧﺎﻃﺐ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻸﻭﻟﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﻭ ﻻ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﻭ ﺟﻤﺎﻝ، ﻭ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﺪﻣﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ، ﺧﺮﺟﺖ ﻟﺘﺨﺒﺮ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺗﺮﺿﺎﻩ ﺯﻭﺟﺎ ﻭ ﺗﺮﻳﺪﻩ ﺭﻓﻴﻘﺎ.
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﻛﺘﻢ ﺍﻧﺪﻫﺎﺷﻪ ﻓﺴﺄﻟﻬﺎ: ﻳﺎ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻫﻞ ﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﺨﺒﺮﻳﻨﻲ ﻣﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻢ ﺗﺠﺪﻩ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ ﻭ ﻗﺪ ﺟﺎﺀﻙ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﻛﺜﺮ ﺟﺎﻫﺎ ﻭ ﺍﺭﻓﻊ ﺷﺎﻧﺎ ﻓﺮﻓﻀﺖِ؟
ﻓﺄﺟﺎﺑﺖ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺒﺎﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺠﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻭ ﻟﻢ ﻳﺒﺨﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻨﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻗﺎﻟﺖ: ﻳﺎ ﺃﺑﺘﻲ، ﻛﻨﺖ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﻟﻴﺮﺍﻧﻲ ﺍﻟﺨﺎﻃﺐ ﺃﻗﺪﻣﻬﺎ ﻣّﺮﺓ ﺑﺪﻭﻥ ﺳﻜﺮ ﻣﻌﻬﺎ، ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺨﺎﻃﺐ ﻋﻠﻲ ﻭ ﻳﻨﺒﻬﺮ ﺑﺠﻤﺎﻟﻲ ﻭ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﺬﻭﻕ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﻳﻤﺘﻌﺾ ﻭ ﻳﻨﺴﻰ ﻭﺟﻮﺩﻱ، ﻭ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺒﺪﺃ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻣﺎﻝ ﻭ ﺟﺎﻩ ﻭ ﺷﺄﻥ ﻟﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ.
ﺃﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﺗﻌﺮﻑ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻭﻋﺮﻓﺘﻬﺎ ﺃﻧﺎ ﺷﺮﺏ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﻭ ﻣﻊ ﻣﺮّﻫﺎ ﺍﺑﺘﺴﻢ ﻟﻲ ﻓﺄﺣﺴﺴﺖ ﺍﻧﻪ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻤﻐﺰﻯ ﻣﻦ ﺷﺮﺏ ﻗﻬﻮﺗﻲ، ﻭ ﻓﻬﻢ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺭﻳﺪ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﻃﺮﻧﻲ ﺃﻟﻤﻲ ﻗﺒﻞ ﻓﺮﺣﻲ ﻭ ﺣﺰﻧﻲ ﻗﺒﻞ ﺳﻌﺎﺩﺗﻲ ﻓﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺩﺓ ﻭ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﺗﻜﺒﺮ ﻣﻊ ﻣﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮﻫﺎ.
ﻭ ﻻ ﺗﺘﻼﺷﻰ ﺇﻥ ﺍﻋﺘﺮﺿﺘﻬﺎ ﻋﻘﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻗﺒﻞ ﺑﺠﻤﺎﻟﻲ ﻭ ﺭﺯﺍﻧﺘﻲ ﻭ ﺑﻤّﺮ ﻗﻬﻮﺗﻲ ﻓﻘﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﻣﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻠﻮﺓ ﻭ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻤﻪ ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ ﻓﻨﻄﻖ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﻗﺎﺋﻼ: ﺑﺎﺭﻙ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻚ ﻭ ﺯﺍﺩﻙ ﻋﻠﻤﺎ ﻭ ﻧﻮﺭﺍ.