ولدٌ قد شرح صدر الزمان ببِرّه لأبيه، وأنعش نبض الحياة بعطر تفانيه، قد اصطنعهُ الله تعالى لهدف سام؛ فسار نحو ذلك الهدف،
كشهاب يرعب شياطين الإنس؛ لينصر أباه الذي تراءى كسماء، تسكب الدمع لأجله نجوماً، وكأفق يحيطه بخفقاته مألوماً،
ألا وإنّ هذا الولد هو ولد الإمام الحسين عليّ الأكبر عليهما السلام، فإنّ عليّاً الأكبر عليه السلام أول مَن قدّمه الإمام الحسين عليه السلام
للبراز من بني هاشم، وذلك لأسباب هي:
أولاً: لكي يذكّر الناس برسول الله صلى الله عليه واله؛ لأنّ عليّاً الأكبر كان أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسول الله صلى الله عليه واله.
وثانياً: لكي يذكّرهم بأبيه الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام؛ لأن الأكبر كان شبيه شجاعة جدّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام
وكان سميّه، بل هو الوحيد من المبارزين كان اسمه علياً.
وثالثاً: لكي يعطي صورة عظيمة للتفاني بأنه أوّل ما قدّم للقتال قدّم فلذة كبده.
هذا هو هدف الإمام الحسين عليه السلام وفداؤه، والذي يزيد العطاء عطاءً أن ولده عليَاً الأكبر عليه السلام قد استثمر كلّ طاقاته
وفق ما أراد أبوه الإمام بالحرف والكلمة. من خلال أرجوزته وتحركاته. فأين الأبناء والبنات من الاقتداء
بعليّ الأكبر عليه السلام الذي سنذكر بعض معانيه بعد أن نذكر بعض مشاكل الأبناء والبنات مع أهاليهم كما يأتي:
(أريحوا أهليكم حتى بوجوهكم)
هنالك أبناءٌ وبناتٌ يجحدون النعمة التي في قوله تعالى: )يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ + الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ +
فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ)/ (الانفطار:6-8) فنجدهم يُتعبون آباءهم وأمهاتهم بعبوسهم، حتى يعرضوهم للانتقاد
بسبب جمال صورهم واعتدالهم لإغواء الجنس الآخر، وارتداء زيّ, أو وضع زينة لا تتناسب مع هوية المسلم،
علاوة على تكبّرهم على الخالق وخلقه، بينما نجد عليّاً الأكبر عليه السلام.. أراد كما أراد أبوه الإمام الحسين عليه السلام
أن يذكّر الخصم بقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه واله من خلال وجهه الذي كان يشبه وجه رسول الله صلى الله عليه واله،
وأيضاً يذكّرهم بعلي بن أبي طالب عليه السلام، من خلال اسمه وشجاعته، فقال في أول أرجوزته:
انا علي بن الحسين بن علي
نحن وبيت الله اولى بالنبي
والتواضع والتبليغ للدين الذي يحتاج إلى شكل مقبول أيضاً؟
(أعينوا أبويكم بقوّتكم)
هنالك أبناءٌ وبناتٌ يخالفون ما أمر الله تعالى به في قوله (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا
وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا)/ (الإسراء:23)، حيث نجدهم بمجرّد أنْ يبلغوا مرحلة القوّة (مرحلة الشباب)، يتسلّطون على أبويهم
الذيْن بلغا مبلغ الضعف، بل يصل الأمر من بعضهم ـ والعياذ بالله ـ حتى إلى ضرب أبويهم!
ولو كانوا انتهلوا من معاني عليّ الأكبر عليه السلام لما عقّوا أبويهم طرفة عين، فعليّ الأكبر أيضاً قد أنعم الله عليه بنعمة الشباب وقوّته،
إلّا أنه قد استثمر قوته لنصرة لأبيه الإمام لا لمضرّته، ونجد ذلك جلياً بقوله في أرجوزته:
اضربكم بالرمح حتى ينثني
اضربكم بالسيف احمي عن ابي
إذن أيها الأبناء والبنات استثمروا طاقاتكم لخدمة ربكم ورضا أبويكم، كما صنع عليّ الأكبر عليه السلام و(لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ)/ (الصافات:61).
رنا الخويلدي/ النجف الأشرف
تم نشره في رياض الزهراء العدد 95
تعليق