في الهزيعِ الأخيرِ من اللّيلِ كانَ الانتظارُ هو سيِّدُ الموقفِ، خُلسةً حدّثتْها نفسُهَا..
كادَ ضياءُ الفجرِ يشقُّ أستارَ الظّلامِ ولكنْ.. متَى؟
وإذا بصوتِ العسكريِّ يبدّدُ سُحُبَ الحيرةِ..
عمّتاه.. اخلعي رداءَ الشّكِ عَن قلبِكِ..
قُومي و استقبلِي هديةَ السّماء..
تعانقتْ الأنفاسُ وضرباتُ القلوبِ المُضطَربة..
حَذراً.. خَوفاً.. تَرقُّبّاً
تَماماً كما اليومُ المَوعُود..
انكشفَ وجهُ اللهِ المَستور..
ولامسَ أريجُ الجنانِ مَرمَى الخَافقين..
وانتعشتْ لمقدمِهِ الميمونِ كبَلسمٍ يَجبرُ انكسارَ الأفئدةِ العَليلة..
وردَّدتْ أيقونةُ الحريةِ نشيدَها المُوحّد.. (يَا إشراقةَ الأملِ)..
اعتلَى بمجدِهِ قمةَ جبلِ الكبرياءِ ومِن نبعِ جودِهِ تدفقتْ عينُ الحياةِ..
فاخضّرتْ منحدراتُ الأرواحِ الهائمةِ بعدَ أنْ نفضتْ عنَها غُبارَ اليأسِ..
***
في مشهدٍ بعيدٍ: هناكَ حيثُ عَالَم النّاسوتِ..
اليومَ رأيتُ عجَباً يا جَورُ.. ما الخبرُ يا ظُلْمُ؟..
لقد شاهدتُ الأخوينِ العَدلَ والقِسطَ وقَد بانَ على هيئتِهِما..
أماراتُ التّأهبِ والإنذارِ، وعليهِمَا لامةُ الحربِ، فسألتُهُما عَن خبرهِمَا..
فَقَالا: لقَد جاءَ الحقُّ وزهقتُمَا أنتَ ورفيقُكَ الأَسود..
ففارسُنَا الهُمامُ قَد ألجمَ فرسَ الخَلاصَ وهو عَلى إثرِكُما طالباً الثأرِ، والانتقامُ شعارُهُ..
وحدَه فَقَط هازمُكما ونحنُ باترُهُ وتُرسُه..
وسَرايا الملائكةِ الغِلاظِ تحثُّ الخُطى خلفَه متسلّحةً بالرّعبِ والغَلَبة..
ناشرينَ رايةَ النّصرِ والفتحِ المُبين..
وسنهدُّ بيمينِهِ قلاعَ سطوتِكُما المُشيّدةَ على آهاتِ الدّهورِ وأشلاءِ المُستضعَفينَ، فآنَ لَها أنْ تزولَ
إنَّه ميعادُ الوقتِ المَعلوم..
هُنا انخطفَ لونُ الجَورِ وحاولَ عَبَثاً لَملَمةَ قِواه قَائلاً..
أأنكسرُ؟ ونحنُ عصبةُ الشّيطانِ سنستنجدُ بكبيرِنَا ولن نيأسَ، وسنقعدُ على دَربِ ناصرِيهِ ونقطعُ الطريقَ على ثورتِهِ..
يا زعيمَ الظّالمينَ أغثْنَا.. أنجدنَا.
ولكنْ لا حياةَ لمَن تُنادي..
فزَعيمُهُم قَد قدَّه الأميرُ المنتظَرُعجل الله تعالى فرجه الشريف بصارمِ القُدرةِ العَلويّة..
إنَّه وعدُ الحقِّ ولَن يُخلفَ اللهُ وعدَهُ ولو كَرِهَ المُشركون..
وأشرقتْ الأرضُ بنورِ ربِّها وقِيلَ الحمدُ للهِ ربِّ العَالمين..
ميعاد كاظم اللاوندي
تم نشره في رياض الزهراء العدد 95
تعليق