وهنا نقف عند بعض الامور التي لتصح نسبتها للامام المهدي ع
الامر الاول : اكذوبة قتل الامام المهدي لعلماء الشيعة وفقهائهم
عند مراجعتنا لبعض الكتب نجد روايات تنقل ان الامام المهدي ع يقتل علماء الشيعة وفقهائهم ...
ذكر الشيخ أبو الحسن المرندي في مجمع النورين: ( فتوحات القدس عنه ع... وروي ... فإذا خرج القائم من كربلاء وأراد النجف والناس حوله قتل بين الكربلاء والنجف ستة عشر ألف فقيه فيقول الذين حوله من المنافقين انه ليس من ولد فاطمة وإلا لرحمهم فإذا دخل النجف ... ) (1)
قلنا : والرواية لايمكن الاعتماد عليها لعدة امور :
1- ان المرندي نقلها عن بعض كتب العامة مرسلا بدون الاشارة الى سند الرواية ..ممما يجعلنا نتوقف عندها وفي تفاصيلها كثيرا .
2- ان الرواية مخالفة لسيرة واخلاق الامام المهدي ع الذي ياتي الى الناس رحمة ويسير بسيرة جده وابيه كما نقل روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: (إنّ قائمنا إذا قام سار بسيرة أمير المؤمنين عليّ عليه السلام)(2)
وتقول الروايات أيضاً: إنّ علياً (عليه السلام): (سار بالمنّ والكفّ)(3) أي أنّه (عليه السلام) كان لا يعاقب بل يمنّ.وهذا لايعني انه لايقتل اعداء الله من الذين يقتلون الناس ويعيثون في الارض فسادا لكنه لايتق لكل من وجده او يقتل الفقهاء كما وضعت الاحاديث بذلك .
إذا أردتم أن تعرفوا سيرة الإمام الحجّة (عجّل الله تعالى فرجه) في التعامل مع الأصدقاء والأعداء فانظروا إلى سيرة أمير المؤمنين عليه السلام. فهذا تاريخه (صلوات الله عليه) بين أيديكم دوّنه الشيعة والسنّة والنصارى واليهود وغيرهم في صفحات مشرقة.روى البرقي عن حماد بن عثمان قال:
(حضرت أبا عبد الله (عليه السلام)، وقال له رجل: أصلحك الله ذكرت أنّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ونرى عليك اللباس الجديد. فقال له: إنّ عليّ بن أبي طالب كان يلبس ذلك في زمن لا يُنكر ولو لبس مثل ذلك اليوم شهّر به. فخير لباس كلّ زمان لباس أهله غير أنّ قائمنا أهل البيت إذا قام لبس ثياب عليّ وسار بسيرة أمير المؤمنين عليّ عليه السلام)(4).
الامر الثاني : اكذوبة قتل الامام المهدي للشباب وهدمه المساجد والمراقد
ذكرت الروايات الكثير من الامور التي لاتنسجم مع سيرته ع من انّ القائم عجّل الله تعالى فرجه إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الكتاب، وأنّه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين، ويأمر بهدم المساجد والمشاهد، وأنّه يحكم بحكم داود عليه السلام لا يسأل عن بيّنة،
وقد رد الشيخ الطبرسي صاحب كتاب اعلام الورى هذه الروايات وقال :لجواب: إنّا لم نعرف ما تضمّنه السؤال من أنّه سلام الله عليه لا يقبل الجزية من أهل الكتاب، وأنه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين؛ فإن كان ورد بذلك خبر، فهو غير مقطوع به.
فأمّا هدم المساجد والمشاهد؛ فقد يجوز أن يختصّ بهدم ما بُني من ذلك على غير تقوى الله تعالى وعلى خلاف ما أمر الله سبحانه به، وهذا مشروع قد فعله النبي صلى الله عليه وآله.
وأما ما روي من أنّه عجّل الله تعالى فرجه يحكم بحكم آل داود لا يسأل عن بيّنة؛ فهذا أيضاً غير مقطوع به، وإن صحّ، فتأويله أن يحكم بعلمه فيما يعلمه، وإذا علم الإمام أو الحاكم أمراً من الأمور فعليه أن يحكم بعلمه ولا يسأل عنه، و ليس في هذا نسخ الشريعة..(5).
الامر الثالث : اكذوبة بقر الامام المهدي ع لبطون الحوامل وقتله النصارى
ذكرت الروايات ان الامام المهدي سيبقر بطون الحوامل ويقتلهم النصارى قتلا ذريعا وهذا مثلا ورد في رواية محمد بن علي الكوفي عن الباقر ع :
(يخرجون إليه، فيقرأ عليهم، وإذا في شرطه الذي شرط عليهم أن يدفعوا إليه من دخل إليهم مرتدّاً عن الإسلام و لا يردّ إليهم من خرج من عندهم راغباً إلى الإسلام.
فإذا قرأ عليهم الكتاب ورأوا هذا الشرط لازماً لهم، أخرجوهم إليه، فيقتل الرجال ويبقر بطون الحبالى ويرفع الصلبان في الرماح...» والرواية لانقبلها ابدا لعدة اسباب :
1- ان راويها محمد بن علي الكوفي كذاب ووضاع ,يستدلّ على عدم وثاقة محمد بن علي الكوفي هذا من قول الفضل بن شاذان فيه: بأنّه «رجل كذّاب»(6).
وقال فيه في مناسبة أخرى: «كدت أن أقنت عليه»(7) أي أوشكت أن أدعو عليه في قنوتي
2- هذه الرواية تناقض ادبيات الدين الاسلامي ورحمته العظيمة وتناقض ماورد في الشرع المقدس ,فسنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله تحرّم بوضوح إقامة الحدّ على المرأة الحامل، حتى تضع حملها وبعدها يقام عليها الحد بينما نرى هذه الروايات تنسب إلى الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه أنّه يفعل ذلك ـ والعياذ بالله ـ مع المرأة الحامل التي تضطرّ للدخول في الدين المسيحي خوفاً ورهبة منه! وذلك حسب رواية محمّد بن علي الكوفي.وهذا كذب صريح وتجني على الاسلام المحمدي ..(8)
المؤمل من اخوتنا الخطباء الكرام الاشارة الى هذه الروايات المنتشره بين الناس وتفنيدها وعرض صورة الامام المهدي ع وسيرته كما جاءات في المصادر المعتبرة بيضاء نقية لانها مستمدة من الشريعة الاسلامية السمحاء .
الخطيب الحسيني والباحث التاريخي الشيخ عقيل الحمداني يوم 13 شعبان 1437هجرية .
**************
(1) مجمع النورين ص 345.
(2)بحار الأنوار، المجلسي , ج47، ص54.
(3)بحار الأنوار، ج53، ص353.
(4) بحار الأنوار، ج47، ص54.
(5) بحار الأنوار: ج52، باب 27، ص381 - 382.
(6) اختيار معرفة الرجال: ج2 ص823 رقم 1033. وعدّه من أشهر الكذّابين.
(7) خلاصة الأقوال للعلامة الحلي: ص398 رقم 29 (ط. الحيدرية ـ النجف الأشرف).
(8) عبير الرحمه فصل الاحاديث الموضوعة .