ما أطيب أبا طالب عليه السلام وما أقسى أبا لهب، فأبو طالب عليه السلام كانت كفهُ سحابةً تمرّ على رأس ابن أخيه صلى الله عليه واله
فتنعش يتمَه، وقلبه كان كهفاً يؤويه حينما حاربوا نبوّته، كان بدراً يبتسم في وجهه من بين كلّ الوجوه، ويسفر الظلماء عنه حينما بالأذى أحاطوه، أمّا أبو لهب فهو أيضاً كان عمّ النبيّ صلى الله عليه واله، لكن الضّلال قد غلفّ قلبه عن ملامسة هذه الدعوة، وطحن الكبرياء أنفه عن شمّ هذه النبوة، فكان من ألد الأعداء لابن أخيه محمد صلى الله عليه واله، فقد روى الشيعة والكثير من محدّثي السنّة ما مضمونه أنهُ لمّا نزل قولهُ تعالى: )وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ(/ (الشعراء:214)، قد أعدّ النبيّ صلى الله عليه واله طعاماً في بيت عمّه أبي طالب عليه السلام، ودعا الأقربين من عشيرته إليه، وبعد أن تناولوا الطعام دعاهم إلى توحيد الله ومناصرته، وهذا يؤكد إيمان أبي طالب عليه السلام ومناصرته للنبيّ صلى الله عليه واله بمقام أب روحي لابن أخيه، حيث إنّ الدعوة العلنية انطلقت من بيته؛ وبإعداد مسبق، كتجهيز الوليمة، وتقديم الدعوة للأقربين، علاوة على أنّ المدعوين حاولوا أن يستثيروا أبا طالب عليه السلام؛ لأنّ النبي صلى الله عليه واله أمّر عليه وعليهم علياً ولده وقد كان صبياً، إلّا أنّ أبا طالب لم تخرج منه كلمة استنكار على ذلك؛ لأنه يعلم أنّ النبيّ صلى الله عليه واله لا ينطق عن الهوى، وفي مقابل ذلك يروي المؤرخون أنه كان أبو لهب يرمي النبيّ صلى الله عليه واله بالحجارة ويقول: (يا أيها الناس لا تطيعوه، فإنه كذاب)(1)، ومن هنا نحن نقول ما أبعد مجتمعنا عن نهج أبي طالب، وما أقربه لنهج لأبي لهب، حيث إنّ العلاقة باتت متردية بين الأقرباء، وغالبيتها أصبحت كحجارة أبي لهب على النبيّ صلى الله عليه واله وبهتانه عليه، وطبعاً لهذا التردّي عدّة صور سنذكر منها ثلاثاً:
(الصورة الأولى)
هنالك أقرباء في مجتمعنا تجمعهم المصلحة و يفرّقهم عدمها، وهذه المصلحة قدْ تكون مصلحة عمل، أو رغبة بالمصاهرة، فطالما هم بحاجة إلى هذه المصلحة أو تلك، فالودّ قائم بينهم، لكن بمجرد أن تنتفي أو تتم مصلحتهم لا يبقى الودّ كسابقه بين هؤلاء الأرحام أو قد ينتفي هذا الود بينهم تماماً.
(الصورة الثانية)
إنّ بعض الأقرباء يتشاجرون بينهم، نتيجة شجار أولادهم صغاراً كانوا أو كباراً، وبالأسف بعض الأرحام نتيجة شجار أولادهم قد يصل الأمر بهم إلى سفك الدم والدعاوى في المحاكم والدخول في السجون.
(الصورة الثالثة)
هنالك أقرباء يتشاجرون ويتقاطعون لأجل الإرث، وغالباً ما يكون ذلك على الأراضي المزروعة والبساتين وتَجاورها، فحتى إذا تقاسموها فإنهم يتشاجرون من أجل حدودها، بذريعة أن هذا تعدى على حدود ذاك، وماشية ذاك دخلت على زرع هذا، وما يزال الصراع عند الأرحام والأقرباء مستمراً، والنتيجة في ذلك هي إفساد في الأرض تتبعه لعنة الله، قال تعالى: Pفَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ q أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْo/ (محمد:22، 23)؛ لذلك نقول للأقرباء أصلحوا ذات بينكم، وكونوا كأغصان الشجرة بتماسكها، تورق سوية، وتتجرد من أوراقها سوية، رزقها مقتسمٌ بينها، فإمّا ترتوي جميعها أو تظمأ جميعها، ومهما اختلفت بالاتجاهات تبقى متصلة بجذر الشجرة، إلّا ما قُطع منها، فعند ذلك لا تُسمى أغصاناً، بل تُسمّى حطباً، إذن يا ذوي الأرحام لا تكونوا حطباً يؤجج المجتمع ناراً ويحترق، فما أجمل أن نكون طلاب أبي طالب عليه السلام، ونترك اللهب لأبي لهب.
...........................
(1) مستدرك سفينة البحار: ج9، ص290.
رنا محمد الخويلدي/ النجف الأشرف
تم نشره في رياض الزهراء العدد96
فتنعش يتمَه، وقلبه كان كهفاً يؤويه حينما حاربوا نبوّته، كان بدراً يبتسم في وجهه من بين كلّ الوجوه، ويسفر الظلماء عنه حينما بالأذى أحاطوه، أمّا أبو لهب فهو أيضاً كان عمّ النبيّ صلى الله عليه واله، لكن الضّلال قد غلفّ قلبه عن ملامسة هذه الدعوة، وطحن الكبرياء أنفه عن شمّ هذه النبوة، فكان من ألد الأعداء لابن أخيه محمد صلى الله عليه واله، فقد روى الشيعة والكثير من محدّثي السنّة ما مضمونه أنهُ لمّا نزل قولهُ تعالى: )وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ(/ (الشعراء:214)، قد أعدّ النبيّ صلى الله عليه واله طعاماً في بيت عمّه أبي طالب عليه السلام، ودعا الأقربين من عشيرته إليه، وبعد أن تناولوا الطعام دعاهم إلى توحيد الله ومناصرته، وهذا يؤكد إيمان أبي طالب عليه السلام ومناصرته للنبيّ صلى الله عليه واله بمقام أب روحي لابن أخيه، حيث إنّ الدعوة العلنية انطلقت من بيته؛ وبإعداد مسبق، كتجهيز الوليمة، وتقديم الدعوة للأقربين، علاوة على أنّ المدعوين حاولوا أن يستثيروا أبا طالب عليه السلام؛ لأنّ النبي صلى الله عليه واله أمّر عليه وعليهم علياً ولده وقد كان صبياً، إلّا أنّ أبا طالب لم تخرج منه كلمة استنكار على ذلك؛ لأنه يعلم أنّ النبيّ صلى الله عليه واله لا ينطق عن الهوى، وفي مقابل ذلك يروي المؤرخون أنه كان أبو لهب يرمي النبيّ صلى الله عليه واله بالحجارة ويقول: (يا أيها الناس لا تطيعوه، فإنه كذاب)(1)، ومن هنا نحن نقول ما أبعد مجتمعنا عن نهج أبي طالب، وما أقربه لنهج لأبي لهب، حيث إنّ العلاقة باتت متردية بين الأقرباء، وغالبيتها أصبحت كحجارة أبي لهب على النبيّ صلى الله عليه واله وبهتانه عليه، وطبعاً لهذا التردّي عدّة صور سنذكر منها ثلاثاً:
(الصورة الأولى)
هنالك أقرباء في مجتمعنا تجمعهم المصلحة و يفرّقهم عدمها، وهذه المصلحة قدْ تكون مصلحة عمل، أو رغبة بالمصاهرة، فطالما هم بحاجة إلى هذه المصلحة أو تلك، فالودّ قائم بينهم، لكن بمجرد أن تنتفي أو تتم مصلحتهم لا يبقى الودّ كسابقه بين هؤلاء الأرحام أو قد ينتفي هذا الود بينهم تماماً.
(الصورة الثانية)
إنّ بعض الأقرباء يتشاجرون بينهم، نتيجة شجار أولادهم صغاراً كانوا أو كباراً، وبالأسف بعض الأرحام نتيجة شجار أولادهم قد يصل الأمر بهم إلى سفك الدم والدعاوى في المحاكم والدخول في السجون.
(الصورة الثالثة)
هنالك أقرباء يتشاجرون ويتقاطعون لأجل الإرث، وغالباً ما يكون ذلك على الأراضي المزروعة والبساتين وتَجاورها، فحتى إذا تقاسموها فإنهم يتشاجرون من أجل حدودها، بذريعة أن هذا تعدى على حدود ذاك، وماشية ذاك دخلت على زرع هذا، وما يزال الصراع عند الأرحام والأقرباء مستمراً، والنتيجة في ذلك هي إفساد في الأرض تتبعه لعنة الله، قال تعالى: Pفَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ q أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْo/ (محمد:22، 23)؛ لذلك نقول للأقرباء أصلحوا ذات بينكم، وكونوا كأغصان الشجرة بتماسكها، تورق سوية، وتتجرد من أوراقها سوية، رزقها مقتسمٌ بينها، فإمّا ترتوي جميعها أو تظمأ جميعها، ومهما اختلفت بالاتجاهات تبقى متصلة بجذر الشجرة، إلّا ما قُطع منها، فعند ذلك لا تُسمى أغصاناً، بل تُسمّى حطباً، إذن يا ذوي الأرحام لا تكونوا حطباً يؤجج المجتمع ناراً ويحترق، فما أجمل أن نكون طلاب أبي طالب عليه السلام، ونترك اللهب لأبي لهب.
...........................
(1) مستدرك سفينة البحار: ج9، ص290.
رنا محمد الخويلدي/ النجف الأشرف
تم نشره في رياض الزهراء العدد96
تعليق