إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العلاقة بين الأخلاق والغذاء!!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العلاقة بين الأخلاق والغذاء!!






    هناك علاقة وثيقة بين الجسم والروح في حركة الحياة والواقع ، فكثيراً ما تسبّب الأزمات الرّوحية في الإصابة بأمراض جسديّة، تضعف جسم الإنسان و تشل عناصر القوّة فيه، فيبيض الشّعر، و تظلم العين، وتخور القوى عند الإنسان والعكس صحيح أيضاً، فإنّ الفرح و حالات الرّاحة التي يمرّ بها الإنسان، تنمي جسمه و تقوّي فكره، و قديماً توجّه العلماء لتأثير الغذاء على روحيّة الإنسان وسلوكه المعنوي، و تغلغَلت هذه المسألة في ثقافات الناس، على مستوى الموروث الفكري والوعي الاجتماعي، فمثلاً شِرب الدّم يبعث على قساوة القلب، والعقيدة السّائدة هي أنّ العقل السّليم في الجسم السّليم
    ونقرأ في الآية (51) من سورة المؤمنون، قوله تعالى:
    (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً اني بما تعملون خبير).


    وفي تفسير الميزان في قوله تعالى: «يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم» 51 المؤمنون
    خطاب لعامة الرسل بأكل الطيبات و كان المراد بالأكل منها الارتزاق بها بالتصرف فيها سواء كان بأكل أو غيره و هو استعمال شائع.
    و السياق يشهد بأن في قوله: «كلوا من الطيبات» امتنانا منه تعالى عليهم، ففي قوله عقيبه: «و اعملوا صالحا» أمر بمقابلة المنة بصالح العمل و هو شكر للنعمة و في تعليله بقوله: «إني بما تعملون عليم» تحذير لهم من مخالفة أمره و بعث إلى ملازمة التقوى
    و في سورة البقرة آية 172 قوله تعالى:
    (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم وأشكروا لله ان كنتم اياه تعبدون)
    يقول صاحب تفسير الميزان (إن المؤمنين بالله لما كان يتوقع منهم القبول بدل قوله: ما في الأرض حلالا طيبا من قوله: طيبات ما رزقناكم، و كان ذلك وسيلة إلى أن يطلب منهم الشكر لله وحده لكونهم موحدين لا يعبدون إلا الله سبحانه، و لذلك بعينه قيل: ما رزقناكم و لم يقل: ما رزقتم أو ما في الأرض و نحوه، لما فيه من الإيماء أو الدلالة على كونه تعالى معروفا لهم قريبا منهم حنينا رءوفا بهم، و الظاهر أن يكون قوله: من طيبات ما رزقناكم، من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف لا من قبيل قيام الصفة مقام الموصوف فإن المعنى على الأول كلوا من رزقنا الذي كله طيب، و هو المناسب لمعنى التقرب و التحنن الذي يلوح من المقام، و المعنى على الثاني كلوا من طيب الرزق لا من خبيثه، و هو بعيد المناسبة عن المقام الذي هو مقام رفع الحظر، و النهي عن الامتناع عن بعض ما رزقهم الله سبحانه تشريعا من عند أنفسهم و قولا بغير علم.
    قوله تعالى: و اشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون، لم يقل و اشكروا لنا بل اشكروا لله ليكون أدل على الأمر بالتوحيد و لذلك أيضا قيل: إن كنتم إياه تعبدون فدل على الحصر و القصر و لم يقل إن كنتم تعبدونه(الميزان سورة البقرة 172)

    وفي كتاب الأخلاق القرآنية نقرأ في الرّوايات الواردة، أنّ من شروط إستجابة الدّعاء هو الإمتناع عن أكل الحرام، حيث جاء شخص إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، و قال له:
    اُحِبُّ أنْ يُستَجاب دُعائِي، فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «طَهِّرْ مَأَكَلَكَ وَلا تَدْخُلْ بَطْنَكَ الحَرامَ».
    و جاء في حديث آخر عنه(صلى الله عليه وآله)، أنّه قال: «مَنْ أَحَبَّ أنْ يُستَجابَ دُعاءهُ فَليُطَيِّبْ مَطْعَمَهُ وَمَكْسَبَهُ».
    و نقرأ في حديث آخر عن الإمام الصادق(عليه السلام)، أنّه قال: «أَنَّ اللهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعاءً بِظَهْرِ قَلب قاس».

    و يستنتج من ذلك، أنّ الأكل الحرام يُقسّي القلب، و لأجله لا يستجاب دعاء آكلي الحرام، و تتوضح العلاقة الوثيقة بين خبث الباطن و أكل الحرام، في ما ورد عن الإمام الحسين(عليه السلام)، في حديثه المعروف في يوم عاشوراء، ذلك الحديث المليء بالمعاني البليغة، أمام اُولئك القوم المعاندين للحقّ من أهل الكوفة ، فعندما آيس من تحولهم إلى دائرة الحقّ و الإيمان، و إستيقن أنّهم لن يستجيبوا له في خط الرسالة قال لهم: إنّكم لا تسمعون إلى الحق لأنّه قد: «مُلِئَتْ بُطُونُكُم مِنَ الحَرامِ فَطبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِكُم».
    يبيّن حديث آخر، علاقة الأكل الحرام بعدم قبول الصّلاة و الصّيام و العبادة، و منها ما ورد عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله): «مَنْ أَكَلَ لُقْمَةَ حَرام لَنْ تُقْبَلَ لَهُ صلاةُ أَربَعِينَ لَيلَةً، وَلَمْ تُسْتَجَبْ لَهُ دَعوَةُ أَربَعِينَ صَباحاً، وَكُلُّ لَحْم يُنٌبِتُهُ الحَرامُ فَالنَّارُ أَولَى بِهِ، وَإنَّ اللُّقْمَةَ الواحِدَةَ تُنْبِتُ اللَّحْمَ».
    و من الطبيعي فإنّ قبول الصّلاة له شروطٌ عديدةٌ، و منها: حضور القلب وطهارته من الدّرن و الغفلة، والحرام يسلب منه تلك الطّهارة و الصّفاء، و يخرجه من أجواء النّور و الإيمان.

    3 ـ نقل عن الرسول الأكرام(صلى الله عليه وآله)، و الأئمّة(عليهم السلام)، أنّ: «مَنْ تَرَكَ اللَّحْمَ أَربَعِينَ صَباحاً ساءَ خُلُقُهُ».
    و هذا الحديث يبيّن نصيحة طِبيّةً مهمّةً، و هي أنّ الإنسان إذا ترك أكل اللّحم، لمدّة طويلة، فسيورثه سوء الخلق و الإنقباض في النّفس، في دائرة التّفاعل مع الآخرين، و ورد في مقابله العكس أيضاً، وهو ذمّ الإفراط في تناول اللّحم والإكثار منه، فإنّ من شأنه أن يورثه نفس الأعراض والأمراض الخُلقية.

    4 ـ و قد ورد في كتاب: «الأطعمة والأشربة»، روايات ذكرت العلاقة بين الأطعمة والأخلاق الحسنة والسيئة ومنها:
    ما ورد عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «عَلَيكُم بِالزَّيتِ فإنّهُ يَكْشِفُ المُرَّةَ... وَيُحْسِّنُ الخُلُقَ».

    5 ـ في حديث آخر عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «مَنْ سَرَّهُ أنْ يَقِلَّ غَيْظَهُ فَلْيَأكُلْ لَحمَ الدُّراجِ».
    وهذا الحديث يبيّن بصورة جيدة علاقة الغذاء بالغضب والصّبر.

    6 ـ في رواية مفصّلة وردت في تفسير العياشي، نقلها عن الإمام الصّادق(عليه السلام)، حيث سئل عن علّة تحريم الدم، فقال(عليه السلام):
    «وَأَمَّا الدَّمُ فَإَنَّهُ يُورِثُ الكَلَبَ وَقَسْوَةَ القَلبِ وَقِلَّةَ الرَّأفَةِ وَالرَّحمَةِ لا يُؤمِنُ أَنْ يَقْتُلَ وَلَدَهُ وَ والِدَهُ».
    و في القسم الآخر من نفس الرواية، قال(عليه السلام):
    «وَ أَمَّا الخَمْرُ فإنَّه حَرَّمَها لِفِعْلِها وَفَسادِها وَ قَالَ إِنَّ مُدْمِنَ الخَمْرِ كَعابِدِ الوَثَنِ، وَ يُورِثُ إِرتِعاشَاً وَيُذْهِبَ بِنُورِهِ وَيَهْدِمَ مُرُوَّتَهُ».

    7 ـ ونقل في الكافي روايات متعددة، عن العنب وعلاقته بإزالة الغم، ومنها ما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)، أنّه قال: «شَكى نَبِيٌّ مِنَ الأنبِيـاءِإِلى اللهِ عَزَّوَجَلَّ الغَمَّ فَأَمَرَهُ اللهُ عَزَّوَجَلَّ بِأَكْلِ العِنَبِ».
    فنلاحظ تأكيداً أشدّ على علاقة التغذية بالمسائل الأخلاقية، التي تعكس الحالة النفسية للفرد.

    8 ـ الأحاديث التي وردت في أكل الرمان كثيرة، و أنّها تنوّر القلب وتدفع وساوس الشيطان، فجاء عن الإمام الصّادق(عليه السلام):
    «مَنْ أَكَلَ رُمّانَةً عَلَى الرِّيقِ أَنارَتْ قَلْبَهُ أَربَعِينَ يَوماً».

    9 ـ وَردت روايات متعددة في باب «الأكل»، نرى فيها العلاقة المطّردة بين التغذية و المسائل الأخلاقيّة، في دائرة الصّفات و الحالات النفسية، و منها الحديث الوارد عن الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)، في وصيته لجعفر بن أبي طالب(رضي الله عنه)، فقال له: «يا جَعْفِرُ كُلِ السَّفَرجَلَ فَإِنّهُ يُقَوي القَلْبَ وَيُشْجِعُ الجَبَانَ».

    10 ـ و نقل عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، حديث يروي علاقة فضول الطعام بقساوة القلب، فنقل عنه(صلى الله عليه وآله) في كتاب «أعلام الدّين»:
    «إِيَّاكُم وَفُضُولَ المَطْعَمِ فَإِنّهُ يَسِمُ القَلْبَ بِالقَسوَةِ وَيُبْطِيء بِالجَوارحِ عَنِ الطّاعَةِ وَيَصُمُّ الهِمَمَ عَنْ سِمـاعِ المَوعِظَةِ».
    «فضول الطعام»: يمكن أن تكون إشارةً لإدخال الطعام على الطعام، و الأكل الزّائد عن الحاجة، أو أنّها تدل على تناول الطّعام المتبقي من الوجبات السّابقة، أي بقايا الطعام الفاسد، و على أيّة حال، فإنّ الحديث يدل على علاقة التّغذية بالمسائل الأخلاقية، التي تُؤطّر سلوك الإنسان في حركة الحياة.
    وورد هذا المعنى أيضاً في بحار الأنوار الذي نقل الحديث عن رواة أهل السنة، و نقلوه أيضاً عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله).
    ويستفاد من هذا الحديث ثلاثة اُمور:
    1 ـ إنّ الأكل الزائد يُقسّي القلب.
    2 ـ ويقعد الإنسان عن العبادة في دائرة الكسل والإسترخاء.
    3 ـ يُصمّ آذانه في مقابل الوعظ، فلا تؤثر فيه النّصيحة والموعظة في خطّ التربية، و هذا الأمر ملموس فعلاً، فإنّ الإنسان يثقل عند الأكل الكثير، و لا يكاد أن يؤدّي عبادته من موقع الشّوق و الرّغبة، و لا يبقى لديه نشاط في خطّ العِبادة، و بالعكس في حالة ما إذا تناول طَعاماً خفيفاً، فسيكون دائماً على نشاط في حركة الإيمان، و يؤدّي عباداته و وظائفه في وقتها المعين لها.
    و كذلك بالنّسبة للصّيام، فهو يرقّق القلب ويهيىء الإنسان لقبول المواعظ، و بالعكس عندما يكون الإنسان مليء البطن، فإنّه لا يكاد يفكر في شيء من عوالم الغيب، و لا يعيش في أجواء المَلكوت.

    11 ـ و قد بيّنت الأحاديث الشريفة أيضاً، علاقة العسل بصفاء القلب، فنقل عن أمير المؤمنين(عليه السلام)، أنّه قال: «العَسَلُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ داء وَلا داءَ فِيهِ يُقِلُّ البَلْغِمَ وَيُجَلِّي القَلْبَ»
    تبيّن ممّا ذكر آنفاً، العلاقة الوثيقة بين الغذاء و الروحيّات و الأخلاق، و نحن لا ندّعي أبداً أنّ الأكل والغذاء هو العلّة التّامة لبلورة الأخلاق، ولكنّه يمثل عاملاً مُساعداً في ذلك، بحلاله و حَرامه، و أنواعه.و يقول علماء العصر الحاضر، أنّ السّلوكيات الأخلاقية عند الإنسان، تنطلق من خلال ترشّح بعض الهرمونات من الغدد الموجودة في جسم الإنسان، و الغُدد بدورها، تتأثر مباشرةً بما يأكله الإنسان، وعلى هذا الأساس، فإنّ لحومَ، الحيوانات تحمل نفس الصّفات النفسيّة الموجودة في الحيوان، فالضّواري تفعّل فِعْلَ عناصر التّوحش في الإنسان، و الخنزير يذهب بالغيرة عند الإنسان، و هكذا فإنّ لحم أيّ حيوان، يخلف بصماته على روح آكله مباشرةً، و ينقل إليه صفاته.
    هذا من الناحية الماديّة الطبيعيّة، وأمّا من الناحيّة المعنويّة، فإنّ أكل الحرام يُظلم الروح و القلب، و يُضعف الفضائل الأخلاقيّة كما تقدم


  • #2
    مشكووور و الله يعطيك العافية

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
      السلام عليكم
      احسنتم على الموضوع القيم والمعلومات الرائعة حقا
      sigpic

      تعليق


      • #4
        اللهم صل على محمد و ال محمد
        مشكوره الاخت العزيزه جبل الصبر على هذا الموضوع المهم
        جزاك الله افضل الجزاء
        الـلـهـم صـل عـلـى
        مـحـمـد و ال مـحـمـد

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة انوار الولاية مشاهدة المشاركة
          مشكووور و الله يعطيك العافية
          شكراً لمرورك الطيب

          تعليق


          • #6


            بسم الله الرحمن الرحيم
            والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين


            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...


            إنّ كلاً من العقل والمعدة يجب أن يأخذ كلاً منهما حصتهما من الغذاء ، فعلينا أن نغذيهما بالغذاء الصحي ومن منبعه الصحيح

            لذا أوضح القرآن الكريم الطرق الصحيحة لذلك وكما أوردتم بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الدالة على ذلك

            وهذا هو النهج الذي إنتهجه أهل البيت عليهم السلام في تربية الناس .





            دام قلمكم الزاهر بنثر الدرر النورانية في صفحاتكم المتألقة

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة جنة الكاظمين مشاهدة المشاركة
              بسم الله الرحمن الرحيم
              اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
              السلام عليكم
              احسنتم على الموضوع القيم والمعلومات الرائعة حقا
              اللهم صل على محمد وال محمد
              شكراً لمروركم الطيب

              تعليق


              • #8
                موضوع مفيد وطويل ومجهود رائع
                الله يعطيك الف عافية

                تعليق


                • #9

                  تعليق


                  • #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة المفيد مشاهدة المشاركة

                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين


                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...


                    إنّ كلاً من العقل والمعدة يجب أن يأخذ كلاً منهما حصتهما من الغذاء ، فعلينا أن نغذيهما بالغذاء الصحي ومن منبعه الصحيح

                    لذا أوضح القرآن الكريم الطرق الصحيحة لذلك وكما أوردتم بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الدالة على ذلك

                    وهذا هو النهج الذي إنتهجه أهل البيت عليهم السلام في تربية الناس .






                    دام قلمكم الزاهر بنثر الدرر النورانية في صفحاتكم المتألقة
                    نعم كما تفضلتم أخي الكريم
                    هذا هو النهج الذي أنتهجه أهل البيت عليهم السلام
                    أزدانت صفحتي بمروركم




                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                    x
                    يعمل...
                    X