ولادة السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب(عليهم السلام)
اسمها ونسبها(عليها السلام)
السيّدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
كنيتها ولقبها(عليها السلام)
كنيتها: أُمّ كلثوم، أُمّ الحسن، ولقبها: الصدّيقة الصغرى، زينب الكبرى ، العقيلة، عقيلة بني هاشم، عقيلة الطالبيين، الموثّقة، العارفة، العالمة غير المعلّمة، الكاملة، عابدة آل علي... .
تاريخ ولادتها(عليها السلام) ومكانها
5 جمادى الأُولى 5ﻫ، المدينة المنوّرة.
تسميتها(عليها السلام) بزينب
لمّا ولدت(عليها السلام) جاءت بها أُمّها الزهراء(عليها السلام) إلى أبيها الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، وقالت: «سمّ هذه المولودة».
فقال(عليه السلام): «ما كنت لأسبق رسول الله(صلى الله عليه وآله)»، وكان في سفر له، ولمّا جاء وسأله الإمام علي(عليه السلام) عن اسمها، قال(صلى الله عليه وآله): «ما كنت لأسبق ربّي تعالى»، فهبط جبرائيل(عليه السلام) يقرأ على النبي السلام من الله الجليل، وقال له: «سمّ هذه المولودة: زينب، فقد اختار الله لها هذا الاسم».
ثمّ أخبره بما يجري عليها من المصائب، فبكى(صلى الله عليه وآله)، وقال: «من بكى على مصائب هذه البنت، كان كمن بكى على أخويها: الحسن والحسين»(1).
أُمّها(عليها السلام) وزوجها وأولادها
أُمّها السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)، زوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وأولادها علي وعون.
فضائلها(عليها السلام)
اتّصفت(عليها السلام) بمحاسن كثيرة، وأوصاف جليلة، وخصال حميدة، وشيم سعيدة، ومفاخر بارزة، وفضائل طاهرة.
كانت(عليها السلام) عالمة غير معَلّمة، وفهِمة غير مفهّمة، وكانت في فصاحتها وزهدها وعبادتها كأبيها أمير المؤمنين وأُمّها الزهراء(عليهما السلام).
قال الحافظ جلال الدين السيوطي في رسالته الزينبية: «وكانت لبيبة جزلة عاقلة لها قوّة جنان».
عبادتها(عليها السلام)
عُرفت(عليها السلام) بكثرة التهجّد، شأنها في ذلك شأن جدّها رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وأئمّة أهل البيت(عليهم السلام).
قال الإمام علي زين العابدين(عليه السلام): «رأيتها تلك الليلة ـ أي ليلة الحادي عشر من المحرّم ـ تصلّي من جلوس»(2)، أي أنّها ما تركت تهجّدها وعبادتها المستحبّة حتّى تلك الليلة الحزينة، بحيث إنّ الإمام الحسين(عليه السلام) عندما ودّع عياله وداعه الأخير يوم عاشوراء قال لها: «يا أُختاه، لا تنسيني في نافلة الليل»(3)؛ لأنّ دعاءها كان مستجاباً.
ممّن روت عنهم
أبوها الإمام علي(عليه السلام)، أُمّها السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، أخويها الإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام)، السيّدة أُمّ سلمة، السيّدة أُمّ هاني، السيّدة أسماء بنت عُميس الخثعمية... .
الراوون عنها
ابن أخيها الإمام علي زين العابدين(عليه السلام)، زوجها عبد الله بن جعفر، بنت أخيها السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسين(عليه السلام)، جابر بن عبد الله الأنصاري، عبد الله بن عباس، محمّد بن عمرو، عطاء بن السائب، عَبّاد العامري، زيد بن علي.
تسميتها(عليها السلام) بأُمّ المصائب
سُمّيت أُمّ المصائب، وحقّ لها أن تُسمّى بذلك، فقد شاهدت مصيبة وفاة جدّها رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وشهادة أُمّها فاطمة الزهراء(عليها السلام)، وشهادة أبيها الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، وشهادة أخيها الإمام الحسن(عليه السلام)، وأخيراً المصيبة العظمى، وهي شهادة أخيها الإمام الحسين(عليه السلام) في واقعة الطفّ مع باقي الشهداء(رضي الله عنهم).
أخبارها(عليها السلام) في كربلاء
كان لها(عليها السلام) في واقعة كربلاء المكان البارز في جميع المواطن، فهي التي كانت تشفي العليل وتراقب أحوال أخيها الحسين(عليه السلام) ساعةً فساعة، وتخاطبه وتسأله عند كلّ حادث، وهي التي كانت تدبّر أمر العيال والأطفال، وتقوم في ذلك مقام الرجال.
والذي يلفت النظر أنّها في ذلك الوقت كانت متزوّجة بعبد الله بن جعفر، فاختارت صحبة أخيها على البقاء عند زوجها، وزوجها راضٍ بذلك، وقد أمر ولديه بلزوم خالهما والجهاد بين يديه، فمن كان لها أخ مثل الحسين(عليه السلام) وهي بهذا الكمال الفائق، فلا يستغرب منها تقديم أخيها على بعلها.
أخبارها(عليها السلام) في الكوفة
لمّا جيء بسبايا أهل البيت(عليهم السلام) إلى الكوفة بعد واقعة الطفّ، أخذ أهل الكوفة ينوحون ويبكون، فقال حذلم بن ستير: ورأيت زينب بنت علي(عليهما السلام)، فلم أرَ خَفِرة (عفيفة) قطّ أنطق منها، كأنّها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين(عليه السلام)، وقد أومأتْ إلى الناس أن اسكتوا، فارتدّتْ الأنفاس، وسكتتْ الأصوات، فقالت:
«الحمد لله والصلاة على أبي رسول الله، أمّا بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والخذل، فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الرنّة، فما مثلكم إلّا كالتي نقضت غزلها من بعد قوّةٍ أنكاثاً، تتّخذون أيمانكم دخلاً بينكم، ألا وهل فيكم إلّا الصلف النطف ...»(4).
أخبارها(عليها السلام) في الشام
أرسل عبيد الله بن زياد والي الكوفة السيّدة زينب(عليها السلام) مع سبايا آل البيت(عليهم السلام) ـ بناءً على طلب يزيد ـ ومعهم رأس الحسين(عليه السلام) وباقي الرؤوس إلى الشام، فعندما دخلوا على يزيد دعا برأس الحسين(عليه السلام) فوضع بين يديه، فلمّا رأت زينب(عليها السلام) الرأس الشريف بين يديه صاحت بصوتٍ حزين يقرح القلوب: «يا حسيناه، يا حبيب رسول الله، يابن فاطمة الزهراء»، فأبكت جميع الحاضرين في المجلس ويزيد ساكت.
وروي أنّ يزيد عندما أخذ ينكث ثنايا الإمام الحسين(عليه السلام) بقضيب خيزران، قامت(عليها السلام) له في ذلك المجلس، وخطبت قائلة: «الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على رسوله وآله أجمعين... أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نُساق كما تُساق الأُسراء، أنّ بنا هواناً على الله، وبك عليه كرامة، وأنّ ذلك لعظم خطرك عنده، فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسروراً... أمِنَ العدل يابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإمائك، وسوقك بنات رسول الله(صلى الله عليه وآله) سبايا، قد هَتكتَ ستورهنّ، وأبدَيتَ وجُوههُن، تحدوا بهنّ الأعداء من بلدٍ إلى بلد...»(5).
تاريخ وفاتها(عليها السلام) ومكانها
15 رجب 62ﻫ، واختُلِف في مكان دفنها، فمنهم من قال: في مصر، ومنهم من قال: في الشام، ومنهم من قال: في المدينة المنوّرة.
من أقوال الشعراء فيها
1ـ قال الشيخ جعفر النقدي(قدس سره):
عقيلة أهل بيت الوحي بنت ** الوصي المرتضى مولى الموالي
شقيقة سبطي المختار من قد ** سمت شرفاً على هام الهلال
حكت خير الأنام عُلاً وفخراً ** وحيدر في الفصيح من المقال
وفاطم عفّةً وتقىً ومجداً ** وأخلاقاً وفي كرم الخلال
ربيبة عصمة طهرت وطابت ** وفاقت في الصفات وفي الفعال
فكانت كالأئمّة في هداها ** وإنقاذ الأنام من الضلال
وكان جهادها بالليل أمضى ** من البيض الصوارم والنصال
وكانت في المصلّى إذ تناجي ** وتدعو الله بالدمع المذال
ملائكة السماء على دعاها ** تؤمّن في خضوعٍ وابتهال
روت عن أُمّها الزهراء علوماً ** بها وصلت إلى حدّ الكمال
مقاماً لم يكن تحتاج فيه ** إلى تعليم علم أو سؤال
ونالت رتبةً في الفخر عنها ** تأخّرت الأواخر والأوالي
فلولا أُمّها الزهراء سادت ** نساء العالمين بلا جدال(6).
2ـ قال الشيخ حسن سبتي(قدس سره):
روحي لها الفداء من مصونةٍ ** زكيّة كريمة ذات إبا
ذات عفافٍ ووقارٍ وحجىً ** من شرفت أُمّاً وجدّاً وأبا
أحمد جدّي وعلي والدي ** وفاطم أُمّ فأكرم نسبا
تكفّلت أثقل ما في الدار ** بعد أُمّها من أيّام الصبا
وجرعت ما جرعته أُمّها ** من الأذى ما منه تنسف الربى
عيبة علمٍ غير أنّ علمها ** غريزة ولم يكن مكتسبا
عالمة عاملة لربّها ** طول المدى سوى التقى لن تصبحا
تقية من أهل بيت عصمةٍ ** شقيقة السبط الحسين المجتبى
صدّيقة كبرى لجمّ علمها ** طاشت بها الألباب والفكر كبا
فيا لها داعية إلى الهدى ** في حلّ كلّ مشكلٍ قد صعبا
ذات فصاحة إذا ما نطقت ** حيناً تخال المرتضى قد خطبا
سل مجلس الشام وما حلّ به ** مذ خطبت ماج بهم واضطربا(7).
ــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ اُنظر: وفيات الأئمّة: 431.
2ـ المصدر السابق: 441.
3ـ المصدر السابق.
4ـ الأمالي للمفيد: 322.
5ـ اللهوف في قتلى الطفوف: 106.
6ـ وفيات الأئمّة: 442.
7ـ المصدر السابق: 477.
بقلم : محمد أمين نجف
اسمها ونسبها(عليها السلام)
السيّدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
كنيتها ولقبها(عليها السلام)
كنيتها: أُمّ كلثوم، أُمّ الحسن، ولقبها: الصدّيقة الصغرى، زينب الكبرى ، العقيلة، عقيلة بني هاشم، عقيلة الطالبيين، الموثّقة، العارفة، العالمة غير المعلّمة، الكاملة، عابدة آل علي... .
تاريخ ولادتها(عليها السلام) ومكانها
5 جمادى الأُولى 5ﻫ، المدينة المنوّرة.
تسميتها(عليها السلام) بزينب
لمّا ولدت(عليها السلام) جاءت بها أُمّها الزهراء(عليها السلام) إلى أبيها الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، وقالت: «سمّ هذه المولودة».
فقال(عليه السلام): «ما كنت لأسبق رسول الله(صلى الله عليه وآله)»، وكان في سفر له، ولمّا جاء وسأله الإمام علي(عليه السلام) عن اسمها، قال(صلى الله عليه وآله): «ما كنت لأسبق ربّي تعالى»، فهبط جبرائيل(عليه السلام) يقرأ على النبي السلام من الله الجليل، وقال له: «سمّ هذه المولودة: زينب، فقد اختار الله لها هذا الاسم».
ثمّ أخبره بما يجري عليها من المصائب، فبكى(صلى الله عليه وآله)، وقال: «من بكى على مصائب هذه البنت، كان كمن بكى على أخويها: الحسن والحسين»(1).
أُمّها(عليها السلام) وزوجها وأولادها
أُمّها السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)، زوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وأولادها علي وعون.
فضائلها(عليها السلام)
اتّصفت(عليها السلام) بمحاسن كثيرة، وأوصاف جليلة، وخصال حميدة، وشيم سعيدة، ومفاخر بارزة، وفضائل طاهرة.
كانت(عليها السلام) عالمة غير معَلّمة، وفهِمة غير مفهّمة، وكانت في فصاحتها وزهدها وعبادتها كأبيها أمير المؤمنين وأُمّها الزهراء(عليهما السلام).
قال الحافظ جلال الدين السيوطي في رسالته الزينبية: «وكانت لبيبة جزلة عاقلة لها قوّة جنان».
عبادتها(عليها السلام)
عُرفت(عليها السلام) بكثرة التهجّد، شأنها في ذلك شأن جدّها رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وأئمّة أهل البيت(عليهم السلام).
قال الإمام علي زين العابدين(عليه السلام): «رأيتها تلك الليلة ـ أي ليلة الحادي عشر من المحرّم ـ تصلّي من جلوس»(2)، أي أنّها ما تركت تهجّدها وعبادتها المستحبّة حتّى تلك الليلة الحزينة، بحيث إنّ الإمام الحسين(عليه السلام) عندما ودّع عياله وداعه الأخير يوم عاشوراء قال لها: «يا أُختاه، لا تنسيني في نافلة الليل»(3)؛ لأنّ دعاءها كان مستجاباً.
ممّن روت عنهم
أبوها الإمام علي(عليه السلام)، أُمّها السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، أخويها الإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام)، السيّدة أُمّ سلمة، السيّدة أُمّ هاني، السيّدة أسماء بنت عُميس الخثعمية... .
الراوون عنها
ابن أخيها الإمام علي زين العابدين(عليه السلام)، زوجها عبد الله بن جعفر، بنت أخيها السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسين(عليه السلام)، جابر بن عبد الله الأنصاري، عبد الله بن عباس، محمّد بن عمرو، عطاء بن السائب، عَبّاد العامري، زيد بن علي.
تسميتها(عليها السلام) بأُمّ المصائب
سُمّيت أُمّ المصائب، وحقّ لها أن تُسمّى بذلك، فقد شاهدت مصيبة وفاة جدّها رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وشهادة أُمّها فاطمة الزهراء(عليها السلام)، وشهادة أبيها الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، وشهادة أخيها الإمام الحسن(عليه السلام)، وأخيراً المصيبة العظمى، وهي شهادة أخيها الإمام الحسين(عليه السلام) في واقعة الطفّ مع باقي الشهداء(رضي الله عنهم).
أخبارها(عليها السلام) في كربلاء
كان لها(عليها السلام) في واقعة كربلاء المكان البارز في جميع المواطن، فهي التي كانت تشفي العليل وتراقب أحوال أخيها الحسين(عليه السلام) ساعةً فساعة، وتخاطبه وتسأله عند كلّ حادث، وهي التي كانت تدبّر أمر العيال والأطفال، وتقوم في ذلك مقام الرجال.
والذي يلفت النظر أنّها في ذلك الوقت كانت متزوّجة بعبد الله بن جعفر، فاختارت صحبة أخيها على البقاء عند زوجها، وزوجها راضٍ بذلك، وقد أمر ولديه بلزوم خالهما والجهاد بين يديه، فمن كان لها أخ مثل الحسين(عليه السلام) وهي بهذا الكمال الفائق، فلا يستغرب منها تقديم أخيها على بعلها.
أخبارها(عليها السلام) في الكوفة
لمّا جيء بسبايا أهل البيت(عليهم السلام) إلى الكوفة بعد واقعة الطفّ، أخذ أهل الكوفة ينوحون ويبكون، فقال حذلم بن ستير: ورأيت زينب بنت علي(عليهما السلام)، فلم أرَ خَفِرة (عفيفة) قطّ أنطق منها، كأنّها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين(عليه السلام)، وقد أومأتْ إلى الناس أن اسكتوا، فارتدّتْ الأنفاس، وسكتتْ الأصوات، فقالت:
«الحمد لله والصلاة على أبي رسول الله، أمّا بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والخذل، فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الرنّة، فما مثلكم إلّا كالتي نقضت غزلها من بعد قوّةٍ أنكاثاً، تتّخذون أيمانكم دخلاً بينكم، ألا وهل فيكم إلّا الصلف النطف ...»(4).
أخبارها(عليها السلام) في الشام
أرسل عبيد الله بن زياد والي الكوفة السيّدة زينب(عليها السلام) مع سبايا آل البيت(عليهم السلام) ـ بناءً على طلب يزيد ـ ومعهم رأس الحسين(عليه السلام) وباقي الرؤوس إلى الشام، فعندما دخلوا على يزيد دعا برأس الحسين(عليه السلام) فوضع بين يديه، فلمّا رأت زينب(عليها السلام) الرأس الشريف بين يديه صاحت بصوتٍ حزين يقرح القلوب: «يا حسيناه، يا حبيب رسول الله، يابن فاطمة الزهراء»، فأبكت جميع الحاضرين في المجلس ويزيد ساكت.
وروي أنّ يزيد عندما أخذ ينكث ثنايا الإمام الحسين(عليه السلام) بقضيب خيزران، قامت(عليها السلام) له في ذلك المجلس، وخطبت قائلة: «الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على رسوله وآله أجمعين... أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نُساق كما تُساق الأُسراء، أنّ بنا هواناً على الله، وبك عليه كرامة، وأنّ ذلك لعظم خطرك عنده، فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسروراً... أمِنَ العدل يابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإمائك، وسوقك بنات رسول الله(صلى الله عليه وآله) سبايا، قد هَتكتَ ستورهنّ، وأبدَيتَ وجُوههُن، تحدوا بهنّ الأعداء من بلدٍ إلى بلد...»(5).
تاريخ وفاتها(عليها السلام) ومكانها
15 رجب 62ﻫ، واختُلِف في مكان دفنها، فمنهم من قال: في مصر، ومنهم من قال: في الشام، ومنهم من قال: في المدينة المنوّرة.
من أقوال الشعراء فيها
1ـ قال الشيخ جعفر النقدي(قدس سره):
عقيلة أهل بيت الوحي بنت ** الوصي المرتضى مولى الموالي
شقيقة سبطي المختار من قد ** سمت شرفاً على هام الهلال
حكت خير الأنام عُلاً وفخراً ** وحيدر في الفصيح من المقال
وفاطم عفّةً وتقىً ومجداً ** وأخلاقاً وفي كرم الخلال
ربيبة عصمة طهرت وطابت ** وفاقت في الصفات وفي الفعال
فكانت كالأئمّة في هداها ** وإنقاذ الأنام من الضلال
وكان جهادها بالليل أمضى ** من البيض الصوارم والنصال
وكانت في المصلّى إذ تناجي ** وتدعو الله بالدمع المذال
ملائكة السماء على دعاها ** تؤمّن في خضوعٍ وابتهال
روت عن أُمّها الزهراء علوماً ** بها وصلت إلى حدّ الكمال
مقاماً لم يكن تحتاج فيه ** إلى تعليم علم أو سؤال
ونالت رتبةً في الفخر عنها ** تأخّرت الأواخر والأوالي
فلولا أُمّها الزهراء سادت ** نساء العالمين بلا جدال(6).
2ـ قال الشيخ حسن سبتي(قدس سره):
روحي لها الفداء من مصونةٍ ** زكيّة كريمة ذات إبا
ذات عفافٍ ووقارٍ وحجىً ** من شرفت أُمّاً وجدّاً وأبا
أحمد جدّي وعلي والدي ** وفاطم أُمّ فأكرم نسبا
تكفّلت أثقل ما في الدار ** بعد أُمّها من أيّام الصبا
وجرعت ما جرعته أُمّها ** من الأذى ما منه تنسف الربى
عيبة علمٍ غير أنّ علمها ** غريزة ولم يكن مكتسبا
عالمة عاملة لربّها ** طول المدى سوى التقى لن تصبحا
تقية من أهل بيت عصمةٍ ** شقيقة السبط الحسين المجتبى
صدّيقة كبرى لجمّ علمها ** طاشت بها الألباب والفكر كبا
فيا لها داعية إلى الهدى ** في حلّ كلّ مشكلٍ قد صعبا
ذات فصاحة إذا ما نطقت ** حيناً تخال المرتضى قد خطبا
سل مجلس الشام وما حلّ به ** مذ خطبت ماج بهم واضطربا(7).
ــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ اُنظر: وفيات الأئمّة: 431.
2ـ المصدر السابق: 441.
3ـ المصدر السابق.
4ـ الأمالي للمفيد: 322.
5ـ اللهوف في قتلى الطفوف: 106.
6ـ وفيات الأئمّة: 442.
7ـ المصدر السابق: 477.
بقلم : محمد أمين نجف
تعليق