بسم الله الرحمن الرحيم
توضيح ذلك: إذا اخذنا صفة العلم كمثال فعلم الانسان حادث وزائد على الذات وانفعالي ومحدود، فإن حملنا العلم بهذه المواصفات على الله Uلزم التشبيه، وإن قلنا ان للعلم الجاري على الواجب معناً آخر فلا يخلو هذا المعنى الآخر إما هو معنى مقابل للعلم المحمول على الإنسان وهو الجهل تعالى الله عنه علو كبيراً او هو معنى آخر لا نعرفه فيلزم التعطيل اي تعطيل الإنسان عن المعرفة وهو باطل بالضرورة، إذ ان المعرفة هي الغاية من خلق العالم لقوله تعالى: Pاللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماًO[1].
وللتخلص من هذا العويص العقدي اختلفت كلمة المسلمين الى اقوال:
ذهب المجسمة الى حمل الصفات على نفس معانيها الممكنة فلزمهم التشبيه.
وذهب المعتزلة القدماء – اتباع واصل بن عطاء - تبعا للجهمية – اتباع الجهم بن صفوان - الى نفي الصفات عن الواجب سبحانه مطلقاً[2].
وأما الأشاعرة فقد ذهبوا الى اثبات الصفات للواجب عز وعلا إلاّ انهم يذهبون الى زيادتها على الذات وقدمها، مما يستلزم تعدد القدماء.
وذهبت الأمامية انار الله برهانهم الى اثبات الصفات له تعالى وافترقوا عن الاشاعرة بالقول انها عين الذات لا زائدة عنه.
[1]الطلاق: 12.
[2]في الحقيقة ان هناك سببا آخر اقوى من هذا الاشكال هو الذي دعاهم لنفي الصفات وهو أن مؤسس مذهب الاعتزال واصل بن عطاء كان ينفي الصفات معتقدا أن إثباتها يؤدي إلى تعدد القدماء؛ وذلك شرك، ولذا كان يقول: "إن من أثبت لله معنى وصفة قديمة فقد أثبت إلهين" الملل والنحل للشهرستاني: ج1 ص51.