ويبقى التاريخ مَديناً لهذا الرجل الذي رحل ولم يرحل، وسافر ببدنه وبقيت روحه القُدسيّة تطوف في الآفاق: نوراً مرُشداً، ورحمةً نازلة، ومعارفَ هادية، وسبيلاً مُنْجيةً لأنّها تُصيب مرضاةَ الله وسعادةَ الدارين وكرامتهما. فسلامٌ عليك يا أميرالمؤمنين، سلامٌ عليك في الأوّلين والآخِرين. وسلامٌ عليك في الدنيا والآخرة، وسلامٌ عليك يطبّق الآفاق، وسلامٌ عليك أطيبَ سلامٍ وأزكاه وأنماه، وأفضلَه وأبهاه، وأشرفَه وأرفعه وأسماه.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
أوصى انه يشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا أول المسلمين ، أوصيكما بتقوى الله وان لا تبغيا الدنيا وان بغتكما ، ولا تأسفا على شئ منها زوي عنكما ، وقولا بالحق وأعملا للأجر ( للآخرة خ ل ) ، وكونا للظالم خصما ، وللمظلوم عونا ، أوصيكما وجميع ولدي وأهل بيتي ، ومنْ بلغهم كتابي هذا من المؤمنين بتقوى الله ، ونظم أمركم ، وصلاح ذات بينكم فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وأله يقول : صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام ، وان البغضة حالقة الدين ، ولا قوة الا بالله
آهات .. في وداعك يا أبا الأيتام
وتَشُقّ أزيـاقَ الـرُّبى ووِهـادِ أغرى لها شوقُ الغَريّ فلن ترى
مَرأى ومَرعى غير ذاكَ الوادي إذ كـان لـم يَـعرفْه إلاّ ربُّـهُ
ونـبيُّه.. ربُّ الفَـخارِ البـادي بيـنا عزيـمتُه تـدانـى دونَـهُ
أعلا العُلاةِ وشـامـخَ الأطـوادِ ويُشَجّ في الشهر الـكريم كريمَهُ
في وِرْدِه ظُلْماً بسيـف مُـرادي
قد غاله وسْطَ الصـلاةِ مُـناجياً
للهِ في المحرابِ شـرُّ مُـعادي لهفـي له لمّا عـلاهُ بضـربةٍ
نجلاء.. قـد سُقيت بسَمٍّ عِـنادِ!
قد أَمَّه وهو الإمامُ فخَضّب الشَّ
يـبَ الكـريـمَ بـدمّهِ المـدّادِ وبَقِي ثـلاثاً مُدنَفاً، لا شـاكـياً
بل شـاكراً، إذْ حـاز خيرَ مَفادِ متـبتِّـلاً، ومُحَمـدِلاً، ومُـهَلِّلاً
ومُكبِّراً، قـد فـزتُ بآسـتشهادِ فتشرّفت أرضُ الغَـريِّ بقـبرهِ
فاخـتار منها التُرْبَ نوراً بـادي
وبكـى جميعُ الـعالمين لِـرُزْئهِ
والنـيـرِّاتُ تجـلّلتْ بـسَـوادِ اليومَ عِقْدُ الديـنِ حُـلّ نظـامُهُ
وهَوَتْ نجومُ العـلْمِ والإرشـادِ
اليومَ أركـانُ الـمعالـي والعُلا
فُلّت بسيـف البغـيِ والأحـقادِ
عام 40 للهجرة
تصاب هامة امام الموحّدين
الامام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
و هو مستغرق مع الله في صلاة الفجر
تعازينا لكّل أشياع العدل
و التوحيد في العالم