قال باقر علوم الأولين والآخرين (عليه السلام)( لا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العباد )
وهي استمرارية قائمة على أساس الاعتراف لله تعالى بالفضل وهو صلة حقيقية بين العبد والله جل جلاله . ومن أراد منا أن يكون شاكرًا وان يخرج من دائرة قوله تعالى : (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ )
ومن ثم يكتب في ديوان الشاكرين عليه أن يشكر الله دائما على نعماءه .
وللشكر مستويات عديدة من أهمها بطبيعة الحال :
أولا : الشكر اللساني :
إن يشكر الفرد الله جل جلاله باللسان ومن مراتب هذا المستوى التحدث بنعمة الله تعالى بلسان الشكر كما قال تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ {الضحى/11} ))
أي حدث الناس بما انعم الله عليك ولكن بشرط أساسي وهو نسبة النعمة إلى الله تعالى وليس كما نفعل نحن بأننا ننسب النعمة الى الخلق دون الخالق . المستوى الثاني : الشكر الفعلي :
وهو الشكر الظاهر على أفعال الفرد الشاكر قال تعالى : ((اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ))
و قال أمين الله في أرضه (ع) : ( شكر المؤمن يظهر في عمله وشكر المنافق لا يتجاوز لسانه )
و ذلك مثلا من يرزقه الله تعالى أموالا فيتصدق ببعض امواله شكرًا لله أو مثلا يصلي الفرد شكرًا لله تعالى على النعمة . ومثلا يرزقه الله علمًا فيعلمه للناس وينشره بينهم .
قال امير المتقين ( ع ) : ( شكر العالم على علمه عمله به وبذله لمستحقيه ) أن العمل بنية الشكر من أرقى أنواع العمل لأنه خالي عن الاهواء والمصالح النفسية الخاصة والمطامع الفردية الدنيوية . المستوى الثالث : الشكر القلبي :
ومن أنواعه الشكر ألاعتقادي : بتسقيط الأسباب الدنيوية فيرى النعمة نازلة من الله تعالى وليس لأحد فضل في ذلك الا الله تعالى . قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( أدنى الشكر رؤية النعمة من الله من غير علةٍ يتعلق القلب بها دون الله عز وجل والرضا بما أعطى , وان لا يعصيه بنعمته أو يخالفه بشيء من أمره ونهيه بسبب نعمته )
والشكر ألاعتقادي ان لا يشرك الفرد في النعمة أحدًا مع الله قال صادق اهل البيت (ع ) : ( أوحى الله إلى موسى (ع) : يا موسى اشكرني حق شكري فقال : يا رب كيف أشكرك حق شكرك وليس من شكرٍ أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي ؟ !
فقال : يا موسى شكرتني حق شكري حين علِمت إن ذلك مني ) ومن أنواعه أيضا : الشكر الحالي : بعد يرى الفرد إحاطة النعم الإلهية عليه وتواليها ويرى عجز اللسان عن شكرها وقصور الفعل عن أدائها فيكون حال الفرد هو الشكر لله تعالى وهذا مثل من كان حاله الحزن على فقد حبيب فان أكل أو شرب أو نام فهو محزون في كل أحواله .
فالمؤمن شاكرًا لله تعالى في كل أحوا له . ومن أنواعه أيضا :
الشعور بالعجز عن الشكر عندما يرى المؤمن انه مهما فعل فلن يستطيع إن يشكر الله حق شكر وانه كلما شكر وجب إن يشكر الله .
فلا يبقى أمام المؤمن إلا العجز عن الشكر عجزا حقيقيًا فيقدم عجزه امام الله تعالى . قال إمام الصادقين الصادق ( عليه السلام ) : ( تمام الشكر اعتراف لسان السر خاضعًا لله تعالى بالعجز عن بلوغ أدنى شكره ) *********
قال تعالى :
(( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ {النمل/40} ))
روي: أن موسى قال في مناجاته:
(إلهي خلقت آدم بيدك، وأسكنته جنتك، وزوجته حواء أمتك، فكيف شكرك؟ فقال: علم أن ذلك مني، فكانت معرفته شكرا).
وقال الصادق جعفر بن محمد (ع): (شكر النعم اجتناب المحارم، وتمام الشكر قول الرجل: الحمد لله رب العالمين). وقال الصادق (ع): (كان رسول الله (ص) إذا ورد عليه أمر يسره، قال: الحمد لله على هذه النعمة. وإذا ورد عليه أمر يغتم به، قال: الحمل لله على كل حال). وهنا رواية عجيبة روي: (أن الصادق (ع) قد ضاعت دابته، فقال: لئن ردها الله علي لأشكرن الله حق شكره)
قال الرواي: فما لبث أن أتي بها، فقال: (الحمد لله).
فقال قائل له جعلت فداك! أليس قلت لأشكرن الله حق شكره؟ فقال أبو عبد الله (ع) (ألم تسمعني قلت: الحمد لله؟)
وقال الحبيب المصطفى (ص): (ينادي مناد يوم القيامة: ليقوم الحمادون! فيقوم زمرة. فينصب لهم لواء فيدخلون الجنة) فقيل: من الحمادون؟ فقال: (الذين يشكرون الله على كل حال)