بسم الله الرحمن الرحيم
نص الشبهة:
الجواب:
اللهم صلِ على محمد واله الطيبين الطاهرين
نص الشبهة:
ما هو رأيكم في بلال الحبشي ؟ وما هو رأي علمائنا الأعلام ؟ هل هو موال لأهل البيت عليهم السلام ؟ أم أنه من المنحرفين عن الدين ؟
الجواب:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فإن بلالاً ( رحمه الله ) كان رجلاً من المسلمين . . وقد روي عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام ، أنه قال :
« كان بلال عبداً صالحاً ، وكان صهيب عبد سوء الخ . . » .
وقد شهد رضوان الله عليه بدراً ، وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، وآخى النبي صلى الله عليه وآله بينه وبين عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، وقيل : بينه وبين أبي رويحة الخثعمي . . وقد كان صلى الله عليه وآله ، يؤاخي بين كلٍ ونظيره .
وقد ذكرنا في كتابنا : « الصحيح من سيرة النبي الأعظم » ج 3 ص 90 ـ 96 أن رسول الله صلى الله عليه وآله ، هو الذي اشتراه وأعتقه ، ولا يصح قولهم : إن أبا بكر هو الذي فعل ذلك . .
وذكرنا هناك : أنه يمكن أن يكون أبو بكر قد ذهب هو والعباس إلى أمية بن خلف مولى بلال ، فاشترياه للنبي صلى الله عليه وآله ، بالمال الذي أعطاهما النبي ( صلى الله عليه وآله ) إياه ، ثم أعتقاه نيابة عنه ، وبتوكيل وتفويض منه ( صلى الله عليه وآله ) . .
وقد رووا : أن بلالاً رحمه الله ، قد امتنع عن الأذان بعد رسول الله صلى الله عليه وآله 1 . .
وروى أبو بصير ( رحمه الله ) ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) : أن بلالاً كان عبداً صالحاً . فقال : لا أؤذن لأحد بعد النبي صلى الله عليه وآله 2 . .
وكان قد هاجر إلى الشام ، ومات بها سنة 18 للهجرة ، أو سنة 20 أو 21 . .
روي أنه لم يؤذن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، إلا مرة واحدة ، وذلك في قدمة قدمها المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله ، وذلك تلبية لطلب الحسنين صلوات الله وسلامه عليهما ، كما رواه ابن الأثير في أسد الغابة . .
وروى الصدوق : أنه أذن مرة ثانية استجابة لطلب السيدة الزهراء عليها السلام ، ولكنه لم يتم الأذان لأجل أنها عليها السلام قد غشي عليها ، وظنوا أنها قد ماتت . . ثم أفاقت وسألته أن يتم الأذان ، فلم يفعل ، وقال لها : « يا سيدة النساء ، إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان » ، فأعفته من ذلك 1 . .
وفي بعض المصادر : أن سبب رحلة بلال إلى الشام هو امتناعه عن البيعة لأبي بكر ، فقد نقل الوحيد البهبهاني ( رحمه الله ) ، عن المجلسي الأول ، قال : رأيت في بعض كتب أصحابنا عن هشام بن سالم ، عن الصادق عليه السلام ، وعن أبي البختري ، عن عبد الله بن الحسن :
« أن بلالاً أبى أن يبايع أبا بكر ، وأن عمر أخذ بتلابيبه ، وقال له : يا بلال ، هذا جزاء أبي بكر منك أن أعتقك ، فلا تجيء تبايعه ؟!
فقال : إن كان أبو بكر قد أعتقني لله ، فليدعني لله ، وإن أعتقني لغير ذلك ، فها أنا ذا ، وأما بيعته فما كنت أبايع من لم يستخلفه النبي صلى الله عليه وآله ، والذي استخلفه بيعته في أعناقنا إلى يوم القيامة .
فقال له عمر : لا أبا لك ، لا تقم معنا . .
فارتحل إلى الشام ، وله شعر في هذا المعنى :
بالله ، لا بأبي بكر نجوت ولا *** لا و الله نامت على أوصالي الضبع
الله بوَّأني خيـراً ، وأكرمني *** و إنمـا الخـير عنـد الله يـتبـع
لا يلفينِّي تبوعـاً كل مبتدع *** فلست متبعاً مثل الـذي ابتدعـوا
وهذه الرواية وإن كانت غير سليمة عن الإشكال ، لأنها تقول : إن عمر قد ذكر : أن أبا بكر هو الذي اشترى بلالاً ثم أعتقه » . .
وقد ذكرنا أن هذا غير صحيح . . لأسباب عديدة ، ولكن من الواضح : أن سقوط فقرة من فقرات الرواية عن الاعتبار لا يعني سقوط سائر فقراتها ، ومضامينها . .
فإن من الجائز : أن تكون هذه الفقرة قد أقحمت فيها ، لإبطال أثر سائر فقراتها . .
مع احتمال : أن يكون أبو بكر قد شارك العباس في شراء بلال لرسول الله صلى الله عليه وآله ، وفي عتقه عنه . . فيكون عمر قد امتن على بلال ، ولو بهذا المقدار . .
وفي مجمل الأحوال نقول : إننا لا نجد من بلال إلا كل خير وصلاح ، غير أن الرجل كان أسود اللون ، حبشياً ، غريباً ، وكان مملوكاً مدة من عمره ، ولم يكن له عشيرة تهتم بأمره ، أو يهتم الناس لها ، ويحترمونه من أجلها . . ولا كان له موقعية مميزة في علوم الشريعة ليرجع الناس إليه فيها ، ولا كان من فرسان العرب الأشداء المشهود لهم بالفروسية والشجاعة ، ولم يكن له دور سياسي ، ولا كان له موقع اجتماعي ، أو نشاط اقتصادي مميز ، يجعلهم يطمعون فيما عنده من نوال ، أو نفوذ . .
بل هو رجل عادي ـ كسائر المسلمين ـ سليم النفس ، ملتزم بما يعرفه من حدود الشريعة ، يعرف حجم نفسه ، وإمكاناته ، وموقعه ليس لديه ما يخاف منه ، أو ما يطمع فيه . .
وأظن أن الأمر أصبح واضحاً . .
والحمد لله رب العالمين 3 .
المصادر
1 . من لا يحضره الفقيه ج1 ص298 .
2. من لا يحضره الفقيه ج1 ص83 .
3. مختصر مفيد . . ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة السادسة »
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فإن بلالاً ( رحمه الله ) كان رجلاً من المسلمين . . وقد روي عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام ، أنه قال :
« كان بلال عبداً صالحاً ، وكان صهيب عبد سوء الخ . . » .
وقد شهد رضوان الله عليه بدراً ، وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، وآخى النبي صلى الله عليه وآله بينه وبين عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، وقيل : بينه وبين أبي رويحة الخثعمي . . وقد كان صلى الله عليه وآله ، يؤاخي بين كلٍ ونظيره .
وقد ذكرنا في كتابنا : « الصحيح من سيرة النبي الأعظم » ج 3 ص 90 ـ 96 أن رسول الله صلى الله عليه وآله ، هو الذي اشتراه وأعتقه ، ولا يصح قولهم : إن أبا بكر هو الذي فعل ذلك . .
وذكرنا هناك : أنه يمكن أن يكون أبو بكر قد ذهب هو والعباس إلى أمية بن خلف مولى بلال ، فاشترياه للنبي صلى الله عليه وآله ، بالمال الذي أعطاهما النبي ( صلى الله عليه وآله ) إياه ، ثم أعتقاه نيابة عنه ، وبتوكيل وتفويض منه ( صلى الله عليه وآله ) . .
وقد رووا : أن بلالاً رحمه الله ، قد امتنع عن الأذان بعد رسول الله صلى الله عليه وآله 1 . .
وروى أبو بصير ( رحمه الله ) ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) : أن بلالاً كان عبداً صالحاً . فقال : لا أؤذن لأحد بعد النبي صلى الله عليه وآله 2 . .
وكان قد هاجر إلى الشام ، ومات بها سنة 18 للهجرة ، أو سنة 20 أو 21 . .
روي أنه لم يؤذن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، إلا مرة واحدة ، وذلك في قدمة قدمها المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله ، وذلك تلبية لطلب الحسنين صلوات الله وسلامه عليهما ، كما رواه ابن الأثير في أسد الغابة . .
وروى الصدوق : أنه أذن مرة ثانية استجابة لطلب السيدة الزهراء عليها السلام ، ولكنه لم يتم الأذان لأجل أنها عليها السلام قد غشي عليها ، وظنوا أنها قد ماتت . . ثم أفاقت وسألته أن يتم الأذان ، فلم يفعل ، وقال لها : « يا سيدة النساء ، إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان » ، فأعفته من ذلك 1 . .
وفي بعض المصادر : أن سبب رحلة بلال إلى الشام هو امتناعه عن البيعة لأبي بكر ، فقد نقل الوحيد البهبهاني ( رحمه الله ) ، عن المجلسي الأول ، قال : رأيت في بعض كتب أصحابنا عن هشام بن سالم ، عن الصادق عليه السلام ، وعن أبي البختري ، عن عبد الله بن الحسن :
« أن بلالاً أبى أن يبايع أبا بكر ، وأن عمر أخذ بتلابيبه ، وقال له : يا بلال ، هذا جزاء أبي بكر منك أن أعتقك ، فلا تجيء تبايعه ؟!
فقال : إن كان أبو بكر قد أعتقني لله ، فليدعني لله ، وإن أعتقني لغير ذلك ، فها أنا ذا ، وأما بيعته فما كنت أبايع من لم يستخلفه النبي صلى الله عليه وآله ، والذي استخلفه بيعته في أعناقنا إلى يوم القيامة .
فقال له عمر : لا أبا لك ، لا تقم معنا . .
فارتحل إلى الشام ، وله شعر في هذا المعنى :
بالله ، لا بأبي بكر نجوت ولا *** لا و الله نامت على أوصالي الضبع
الله بوَّأني خيـراً ، وأكرمني *** و إنمـا الخـير عنـد الله يـتبـع
لا يلفينِّي تبوعـاً كل مبتدع *** فلست متبعاً مثل الـذي ابتدعـوا
وهذه الرواية وإن كانت غير سليمة عن الإشكال ، لأنها تقول : إن عمر قد ذكر : أن أبا بكر هو الذي اشترى بلالاً ثم أعتقه » . .
وقد ذكرنا أن هذا غير صحيح . . لأسباب عديدة ، ولكن من الواضح : أن سقوط فقرة من فقرات الرواية عن الاعتبار لا يعني سقوط سائر فقراتها ، ومضامينها . .
فإن من الجائز : أن تكون هذه الفقرة قد أقحمت فيها ، لإبطال أثر سائر فقراتها . .
مع احتمال : أن يكون أبو بكر قد شارك العباس في شراء بلال لرسول الله صلى الله عليه وآله ، وفي عتقه عنه . . فيكون عمر قد امتن على بلال ، ولو بهذا المقدار . .
وفي مجمل الأحوال نقول : إننا لا نجد من بلال إلا كل خير وصلاح ، غير أن الرجل كان أسود اللون ، حبشياً ، غريباً ، وكان مملوكاً مدة من عمره ، ولم يكن له عشيرة تهتم بأمره ، أو يهتم الناس لها ، ويحترمونه من أجلها . . ولا كان له موقعية مميزة في علوم الشريعة ليرجع الناس إليه فيها ، ولا كان من فرسان العرب الأشداء المشهود لهم بالفروسية والشجاعة ، ولم يكن له دور سياسي ، ولا كان له موقع اجتماعي ، أو نشاط اقتصادي مميز ، يجعلهم يطمعون فيما عنده من نوال ، أو نفوذ . .
بل هو رجل عادي ـ كسائر المسلمين ـ سليم النفس ، ملتزم بما يعرفه من حدود الشريعة ، يعرف حجم نفسه ، وإمكاناته ، وموقعه ليس لديه ما يخاف منه ، أو ما يطمع فيه . .
وأظن أن الأمر أصبح واضحاً . .
والحمد لله رب العالمين 3 .
المصادر
1 . من لا يحضره الفقيه ج1 ص298 .
2. من لا يحضره الفقيه ج1 ص83 .
3. مختصر مفيد . . ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة السادسة »