بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
وبالإسناد عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) أنه قال: قال بعض المخالفين بحضرة الصادق (عليه السلام) لرجل من الشيعة: ما تقول في العشرة من الصحابة؟
قال: أقول فيهم القول الجميل الذي يحط الله به سيئاتي، ويرفع به درجاتي.
قال السائل: الحمد لله على ما أنقذني من بغضك، كنت أظنك رافضيا تبغض الصحابة. فقال الرجل: ألا من أبغض واحدا من الصحابة فعليه لعنة الله.
قال: لعلك تتأول ما تقول، فمن أبغض العشرة من الصحابة؟
فقال: من أبغض العشرة من الصحابة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. فوثب فقبل رأسه فقال: اجعلني في حل مما قذفتك به من الرفض قبل اليوم.
قال: أنت في حل وأنت أخي، ثم انصرف السائل، فقال له الصادق (عليه السلام): جودت، لله درك! لقد عجبت الملائكة من حسن توريتك وتلفظك بما خلصك ولم تثلم دينك، زاد الله في قلوب مخالفينا غما إلى غم، وحجب عنهم مراد منتحلي مودتنا في تقيتهم.
فقال أصحاب الصادق (عليه السلام): يا ابن رسول الله، ما عقلنا من كلام هذا إلا موافقته لهذا المتعنت الناصب.
فقال الصادق (عليه السلام): لئن كنتم لم تفهموا ما عنى فقد فهمنا نحن، فقد شكره الله له، إن ولينا الموالي لأوليائنا المعادي لأعدائنا، إذا ابتلاه الله بمن يمتحنه من مخالفيه، وفقه لجواب يسلم معه دينه وعرضه، ويعظم الله بالتقية ثوابه، إن صاحبكم هذا قال: من عاب واحدا منهم فعليه لعنة الله. أي: من عاب واحدا منهم، هو: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
وقال في الثانية: من عابهم وشتمهم فعليه لعنة الله، وقد صدق لأن من عابهم فقد عاب عليا (عليه السلام) لأنه أحدهم، فإذا لم يعب عليا ولم يذمه فلم يعبهم جميعا وإنما عاب بعضهم، ولقد كان لحزقيل المؤمن مع قوم فرعون الذين وشوا به إلى فرعون مثل هذه التورية، كان حزقيل يدعوهم إلى توحيد الله ونبوة موسى، وتفضيل محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على جميع رسل الله وخلقه، وتفضيل علي بن أبي طالب (عليه السلام) والخيار من الأئمة على سائر أوصياء النبيين، وإلى البراءة من فرعون، فوشى به واشون إلى فرعون وقالوا: إن حزقيل يدعو إلى مخالفتك، ويعين أعداءك على مضادتك.
فقال لهم فرعون: ابن عمي وخليفتي في ملكي وولي عهدي، إن كان قد فعل ما قلتم فقد استحق العذاب على كفره نعمتي، وإن كنتم عليه كاذبين فقد استحققتم أشد العذاب لإيثاركم الدخول في مساءته، فجاء بحزقيل وجاء بهم فكاشفوه وقالوا: أنت تجحد ربوبية الملك وتكفر نعماءه.
فقال حزقيل: أيها الملك هل جربت علي كذبا قط.
قال: لا.
قال: فسلهم من ربهم؟ قالوا: فرعون. قال: ومن خلقكم؟ قالوا: فرعون هذا.
قال: ومن رازقكم الكافل لمعايشكم، والدافع عنكم مكارهكم؟ قالوا: فرعون هذا.
قال حزقيل: أيها الملك فأشهدك وكل من حضرك: أن ربهم هو ربي، وخالقهم هو خالقي، ورازقهم هو رازقي، ومصلح معايشهم هو مصلح معايشي، لا رب لي ولا خالق غير ربهم وخالقهم ورازقهم، وأشهدك ومن حضرك: أن كل رب وخالق سوى ربهم وخالقهم ورازقهم فأنا برئ منه ومن ربوبيته وكافر بإلهيته.
يقول حزقيل هذا وهو يعني: أن ربهم هو الله ربي، ولم يقل إن الذي قالوا هم أنه ربهم هو ربي، وخفي هذا المعنى على فرعون ومن حضره، وتوهموا أنه يقول: فرعون ربي وخالقي ورازقي.
فقال لهم: يا رجال السوء ويا طلاب الفساد في ملكي ومريدي الفتنة بيني وبين ابن عمي وهو عضدي، أنتم المستحقون لعذابي لإرادتكم فساد أمري وهلاك ابن عمي والفت في عضدي.
ثم أمر بالأوتاد فجعل في ساق كل واحد منهم وتدا وفي صدره وتدا، وأمر أصحاب أمشاط الحديد فشقوا بها لحومهم من أبدانهم، فذلك ما قال الله تعالى: * (فوقاه الله سيئات ما مكروا[44]) * لما وشوا به إلى فرعون ليهلكوه، وحاق بآل فرعون سوء العذاب، وهم الذين وشوا بحزقيل إليه لما أوتد فيهم الأوتاد، ومشط عن أبدانهم لحومها بالأمشاط[45] .
ومثل هذه التورية قد كانت لأبي عبد الله (عليه السلام) في مواضع كثيرة.
وكان الصادق (عليه السلام) يقول: علمنا غابر ومزبور، ونكت في القلوب، ونقر في الأسماع، وإن عندنا الجفر الأحمر والجفر الأبيض ومصحف فاطمة (عليها السلام)، وعندنا الجامعة فيها جميع ما يحتاج إليه الناس.
فسئل عن تفسير هذا الكلام فقال: أما الغابر: فالعلم بما يكون، والمزبور: فالعلم بما كان، وأما النكت في القلوب: فهو الإمام، والنقر في الأسماع: فحديث الملائكة، نسمع كلامهم ولا نرى أشخاصهم، وأما الجفر الأحمر: فوعاء فيه توراة موسى وإنجيل عيسى وزبور داوود وكتب الله، وأما مصحف فاطمة: ففيه ما يكون من حادث وأسماء من يملك إلى أن تقوم الساعة.
وأما الجامعة: فهو كتاب طوله سبعون ذراعا، إملاء رسول الله من فلق فيه وخط علي بن أبي طالب (عليه السلام) بيده، فيه والله جميع ما يحتاج الناس إليه إلى يوم القيامة، حتى أن فيه أرش الخدش، والجلدة ونصف الجلدة.
ولقد كان زيد بن علي بن الحسين يطمع أن يوصي إليه أخوه الباقر (عليه السلام) ويقيمه مقامه في الخلافة بعده، مثل ما كان يطمع في ذلك محمد بن الحنفية بعد وفاة أخيه الحسين صلوات الله عليه، حتى رأى من ابن أخيه زين العابدين (عليه السلام) من المعجزة الدالة على إمامته ما رأى، وقد تقدم ذكره في هذا الكتاب، فكذلك زيد رجا أن يكون القائم مقام أخيه الباقر صلوات الله عليه، حتى سمع ما سمع من أخيه ورأى ما رأى من ابن أخيه أبي عبد الله الصادق (عليه السلام).
فمن ذلك: ما رواه صدقة بن أبي موسى، عن أبي بصير، قال: لما حضر أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) الوفاة، دعا بابنه الصادق (عليه السلام) ليعهد إليه عهدا، فقال له أخوه زيد ابن علي: لما امتثلت في مثال الحسن والحسين (عليه السلام) رجوت أن لا تكون أتيت منكرا.
فقال له الباقر (عليه السلام): يا أبا الحسين، إن الأمانات ليست بالمثال، ولا العهود بالرسوم، إنما هي أمور سابقة عن حجج الله تبارك وتعالى، ثم دعا بجابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا جابر، حدثنا بما عاينت من الصحيفة؟
فقال له: نعم يا أبا جعفر، دخلت على مولاتي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأهنيها بولادة الحسن (عليه السلام)، فإذا بيدها صحيفة بيضاء من درة، فقلت: يا سيدة النسوان، ما هذه الصحيفة التي أراها معك؟ قالت: فيها أسماء أئمة من ولدي.
قلت لها: ناوليني لأنظر فيها! قالت: يا جابر، لولا النهي لكنت أفعل، ولكنه قد نهي أن يمسها إلا نبي أو وصي نبي، أو أهل بيت نبي، ولكنه مأذون لك أن تنظر إلى باطنها من ظاهرها.
قال جابر: فقرأت فإذا فيها: أبو القاسم محمد بن عبد الله المصطفى بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أمه آمنة.
أبو الحسن علي بن أبي طالب (عليه السلام) المرتضى، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.
أبو محمد الحسن بن علي البر التقي. أبو عبد الله الحسين بن علي، أمهما فاطمة بنت محمد.
أبو محمد علي بن الحسين العدل، أمه شهربانويه بنت يزدجرد بن شهريار.
أبو جعفر محمد بن علي الباقر، أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب.
أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق، أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر.
أبو إبراهيم موسى بن جعفر الثقة، أمه جارية اسمها: " حميدة " المصفاة.
أبو الحسن علي بن موسى الرضا، أمه جارية اسمها: " نجمة ".
أبو جعفر محمد بن علي الزكي، أمه جارية اسمها: " خيزران ".
أبو الحسن علي بن محمد الأمين، أمه جارية اسمها: " سوسن ".
أبو محمد الحسن بن علي الرضي، أمه جارية اسمها: " سمانة " تكنى أم الحسن.
أبو القاسم محمد بن الحسن، وهو الحجة القائم، أمه جارية اسمها: " نرجس " صلوات الله عليهم أجمعين.
* * *
وعن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية: * (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا[46]) * ؟ قال: أي شئ تقول؟ قلت: إني أقول إنها خاصة لولد فاطمة.
فقال (عليه السلام): أما من سل سيفه ودعا الناس إلى نفسه إلى الضلال من ولد فاطمة وغيرهم فليس بداخل في الآية.
قلت: من يدخل فيها؟ قال: الظالم لنفسه الذي لا يدعو الناس إلى ضلال ولا هدى، والمقتصد منا أهل البيت: العارف حق الإمام، والسابق بالخيرات: هو الإمام.
* * *
عن محمد بن أبي عمير الكوفي، عن عبد الله بن الوليد السمان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما يقول الناس في أولي العزم وصاحبكم أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ قال: قلت: ما يقدمون على أولي العزم أحدا.
قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى قال لموسى: * (وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة[47]) * ولم يقل كل شئ موعظة، وقال لعيسى: * (وليبين لكم بعض الذي تختلفون فيه[48]) * ولم يقل كل شئ، وقال لصاحبكم أمير المؤمنين (عليه السلام): * (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب[49]) * ، وقال الله عز وجل: * (ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين[50]) * وعلم هذا الكتاب عنده.
* * *
وعن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: إن لصاحب هذا الأمر غيبة لا بد منها، يرتاب فيها كل مبطل، قلت له: ولم جعلت فداك؟
قال: الأمر لا يؤذن لي في كشفه لكم. قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟
قال: وجه الحكمة في غيبته، وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى (عليه السلام) إلى وقت افتراقهما. يا ابن الفضل، إن هذا الأمر أمر من الله وسر من سر الله وغيب من غيب الله، ومتى علمنا أنه عز وجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة، وإن كان وجهها غير منكشف.
_____________________
[44] غافر: ٤٥
[45] الاحتجاج: ٣٧٠
[46] الأعراف: ١٤٥
[47] الأعراف: ١٤٥
[48] الزخرف: ٦٣
[49] الرعد: ٤٣
[50] الأنعام: ٥٩
تعليق