بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
(العصمة)
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
(العصمة)
نعم هذا كما نرى هو رأي الشيعة في موضوع العصمة فهل فيه ما ينافي القرآن والسنة ؟ أو مايقول العقل بإستحالته ؟ أو مايشين الإسلام ويُسيء اليه، أو ما يُنقصُ قدر النبي أو الإمام ؟
حاشا وكلاّ. لم نجد في هذا القول إلا التأييد لكتاب الله وسنّة نبّيه، وما يتماشى مع العقل السليم ولايناقضه، وما يرفع من قيمة النّبي والإمام ويشرفه. ولنبدأ بحثنا في إستقراء القرآن الكريم.
____________
(1) عقائد الإمامية ص 67 العقيدة رقم 24.
قال تعالى: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجسْ أهل البيت ويطهركم تطهيراً.. (1) .
فإذا كان إذهاب الرجس الذي يشمل كل الخبائث والتطهير من كل الذنوب، لا يفيد العصمة، فما هو المعنى إذاً ؟؟
يقول الله تعالى: (إنّ الذين إتّقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكرّوا فإذا هم مبصرون) (2) . فإذا كان المؤمن التّقي يعصمه الله من مكايد الشيطان إذا حاول إستفزازه وإضلاله، فيتذكّر ويبصر الحقّ فيتّبعه، فما بالك بمن إصطفاهم الله سبحانه وأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. ؟
ويقول تعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذين إصطفينا من عبادنا) (3) والذي يصطفيه الله سبحانه يكون بلا شك معصوماً من الخطأ وهذه الآية بالذات هي التي إحتجّ بها الإمام الرضا من أئمة أهل البيت ((عليهم السلام)) على العلماء الذين جمعهم الخليفة العبّاسي المأمون إبن هارون الرشيد وأثبت لهم بأنّهم (أي أئمة أهل البيت) هم المقصودون بهذه الآية وبأن الله إصطفاهم وأورثهم علم الكتاب، وإعترفوا له بذلك(4) .
____________
(1) سورة الأحزاب آية 33.
(2) سورة الأعراف آية 201.
(3) سورة فاطر آية 32.
(4)العقد الفريد لإبن عبد ربه 3 /42.
هذه بعض الأمثلة مّما جاء في القرآن الكريم وهناك آياتٌ أخرى تفيد العصمة للأئمة كقوله أئمة يهدون بأمرنا وغيرها ولكن نكتفي بهذا القدر روماً للإختصار دائماً.
وبعد القرآن الكريم فإليك ماورد في السنّة النبوية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا أيها النّاس إني تارك فيكم ما إنْ أخذتم به لن تضلّوا كتَاب الله وعترتي أهل بيتي»(1) .
وهو كما ترى صريحٌ بأنّ الأئمة من أهل البيت معصومون أولاً لأن كتَاب الله معصوم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو كلام الله، ومن شك فيه كفر.
ثانياً: لأن المتمسّك بهما «الكتاب والعترة» يأمنُ من الضلالة فدّلَ هذا الحديث على إن الكتاب والعترة لا يجوز فيهما الخطأ.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إ نّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق»(2) .
____________
(1) صحيح الترمذي 5 /328. الحاكم في المستدرك3 /148. الإمام أحمد بن حنبل في مسنده 5 /189.
(2) مستدرك الحاكم 2 /343. كنز العمال 5 /95. الصواعق المحرقة لإبن حجر ص 184.
وهو كما ترى صريح في أن الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) معصومون، عن الخطأ ولذلك يأمل وينجوا كل من ركب سفينتهم وكل من تأخر عن ركوب سفينتهم غرق في الضلالة.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من أحَبّ أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنّة التي وعدني ربي، وهي جنّة الخلد، فليتولّ علياّ وذريته من بعده فإنهم لم يخرجوكم باب هدى ولن يدخلوكم باب ضلالة»(1) .
وهو كما ترى صريح في أن الأئمة من أهل البيت وهم علي وذريته معصومون عن الخطأ لأنهم لن يُدخلوا الإسلام الذين يتبّعوهم في باب ضلالة، ومن البديهي إن الذي يجوز عليه الخطأ لا يمكنُ له هداية النّاس.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«أنا المنذرُ وعليٌّ الهادي، وبك ياعلي يهتدي المهتدون من بعدي»(2) .
____________
(1) كنز العمال 6 /155. ومجمع الزوائد للهيثمي 9 /108. الإصابة لإبن حجر العسقلاني ـ الطبراني في الجامع الكبير. تاريخ إبن عساكر 2 /99. مستدرك الحاكم 3 /128 حلية الأولياء 4 /349 ـ إحقاق الحق 5 /108.
(2) تفسير الطبري 13 /108 تفسير الرازي 5 /271 تفسير إبن كثير 2 /502.
وهذا الحديث هو الآخر صريح في عصمة الإمام كما لايخفى على أولي الألباب.
والإمام علي نفسه أثبت العصمة لنفسه وللإمة من ولده عندما قال: «فإين تذهبون وأنّى تؤفكون ؟ والأعلام قائمةُ والآياتُ واضحةٌ، والمنار منصوبةٌ فأين يُتاه بكم، بل كيف تعمهون وبينكم عترة نبيّكم وهم أئمة الحق، وأعلام الدّين، وألْسنةُ الصدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن وردوهم ورود الهيم العطاش، أيها النّاس خذوها من خاتم النبيّين (صلى الله عليه وآله) إنه يموت من ماتَ منّا وليس بميّتٍ، ويبلى منّا بلي منا وليس ببالٍ، فلا تقولوا بما لا تعرفون فإن أكثر الحقّ فيما تنكرون، وإعذروا من لا حجة لكم عليه وأنا هو، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر وأترك فيكم الثقل الأصغر، وركزتُ فيكم راية الإيمان …»(1) .
____________
(1) نهج البلاغة للإمام علي 1 /155.
وقد علق الشيخ محمد عبده في شرحه لهذه الخطبة بقوله: إنه يموت الميت من أئمة أهل البيت وهو في الحقيقة غير ميت. لبقاء روحه ساطعة النور في عالم الظهور.
وبعد هذا البيان من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأقوال الإمام علي الدالة كلها على عصمتهم (عليه السلام)م.
هل يرفض العقلُ عصمة من يصطفيه الله سبحانه للهداية ؟ والجواب: كلاَّ لا يرفض ذلك، بالعكس، العقل يقول: بوجوب تلك العصمة، لأن من توكَلُ اليه مهمّة القيادة وهداية البشرية لا يمكنُ أن يكون إنساناً عادياً يعتريه الخطأ والنسيان وتُثقل ظهره الذنوب والأوزار فيكون عُرضة لإنتقاص النّاس ونقدهم.
بل العقل يفرض أن يكون أعلم الناس في زمانه وأعدلهم وأشجعهم وأتقاهم، وهي صفاتٌ ترفَعُ من شأن القائد وتُعظّيمه في أعين الناس وتجلب له إحترام الجميع وتقديرهم وبالتالي طاعتهم له بدون تحفّظ ولا تملّق.
وإذا كان الأمر كذلك، لماذا كل هذا التشنيع والتهويل على من يعتقد بذلك ؟
ويخيّلُ إليك وأنت تسمع وتقرأ إنتقاد أهل السنة على موضوع العصمة بأن الشيعة، هم الّذين يقلّدون وسام العصمة لمن أحبّوا، أو إن القائل بالعصمة يكون مُنكراّ وكفراً، فلا هذا ولا ذاك، إنّما العصمة عند الشيعة هي أن يكون المعصوم مُحاطاً بعناية إلهية ورعاية ربّانية فلا يتمكّن الشيطان من إغوائه، ولا تتمكّن النفس الأمارة بالسوء من التغلّب على عقله فتجرّه للمعصية وهذا الأمر لم
يحرم الله منه عباده المتّقين كما تقدم في آية الذين إتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكّروا فإذا هم مبصرون .
وهذه العصمة الموقوتة لعباد الله في حالة معينّة، قد تزول لفقد سببها إلا وهي التقوى، فالعبد إذَا كان بعيدا عن تقوى الله لا يعصمه الله، أما الإمام الذي إصطفاه الله سبحانه فلا يحيد ولا يتزحزح عن التقوى وخشية الله سبحانه وتعالى.
وقد جاء في القرآن الحكيم حكاية عن سيدنا يوسف (عليه السلام) ولقد همّتْ به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه، كذلك لنصرف عنه السّوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين (1) .
____________
(1)سورة يوسف آية 24.
ولأن سيدنا يوسف لم يهم بالزنا كما فسّره بعض المفسّرين فحاشا أنبياء الله من هذا الفعل القبيح، ولكنّه همّ بدفعها وضربها إذا إقتضت الحال ولكنّ الله سبحانه عصمه من إرتكاب مثل هذا الخطأ لأنّه لو فعله لكان سبباً في إتهامه بالفاحة وتكون حجّتها قويّة ضدّه فيلحقه منهم عند ذلك السوء.
عدد الأئمة (الإثني عشر)
يقول الشيعة بأنّ عدد الأئمة المعصومين بعد النّبي (صلى الله عليه وآله) هم أثنى عشر إماماً لا يزيدون ولا ينقصون، وقد ذكرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأسمائهم وعددهم(1) وهم:
____________
(1) ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي ص 99 الجزء الثالث.
1 ـ الإمام علي بن أبي طالب.
2 ـ الإمام الحسن بن علي.
3 ـ الإمام الحسين بن علي.
4 ـ الإمام علي بن الحسين (زين العابدين).
5 ـ الإمام محمد بن علي (الباقر).
6 ـ الإمام جعفر بن محمد (الصادق)
7 ـ الإمام موسى بن جعفر (الكاظم)
8 ـ الإمام علي بن موسى (الرضا)
9 ـ الإمام محمد بن علي (الجواد)
10 ـ الإمام علي بن محمد (الهادي)
11 ـ الإمام الحسن بن علي (العسكري).
12 ـ الإمام محمد بن الحسن (المهدي المنتظر).
فهؤلاء هم الأئمة الأثنى عشر الذين تقول الشيعة بعصمتهم، حتّى لا ينطلي المكر على بعض المسلمين.
فالشيعة لا يعترفون قديماً ولا حديثاً بالعصمة إلا لهؤلاء الأئمة الذين سمّاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يولدوا بعدُ، وقد أخرج بعض علماء السنّة أسماءهم كما مرّ علينا وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما حديث الأئمة بعددهم وهم إثنى عشر كلّهم من قريش(1) .
____________
(1) صحيح البخاري 8 /127. صحيح مسلم 6 /3.
وهذه الأحاديث لا تصحّ ولا تستقيم إلا إذا فسّرناها على أئمة أهل البيت الذين تقول بهم الشيعة الإمامية وأهل السنّة والجماعة هم المطالبونَ بحلّ هذا اللّغز إذْ أنّ عدد الأئمة الأثني عشر الذي أخرجوه في صحاحهم بقيَ حتّى الآن لُغزاً لا يجدون له جواباً.
تعليق