بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
قال تعالى ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا))/الفرقان 63
إنّ هدف خلق الانسان هو عبادة الله حيث قال عزّ من قائل ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) ، والعبودية تعني التسليم التام لله في كل أموره والعمل بما
يرضي الله تبارك وتعالى ، وفي الآية الكريمة محل البحث وصفهم بعباد الرحمن أي أضافهم الى نفسه لتدل على عظيم شأنهم .
ومن ثم تطرقت الآية إلى صفات هؤلاء العباد بأنهم (الذين يمشون في الأرض هوناً) ، والمشي هنا عبارة عن العيشة التي يعيشها الانسان وكيفيتها ، والهون هو
التذلل ، ولكن هذا التذلل يكون لله والتواضع للعباد ، لأن الانسان عندما يرى غيره من الناس فلا يترفع عليهم ، فمن قال بأنك أحسن منه ، لذا يجب على العبد
أن يرى في الانسان بأنه أحسن منه حتى لو كان في الظاهر بأنه سئ فقد يكون باطنه حسن فلا يعلم البواطن إلا الله ، وحتى لو عرف باطنه فمن يعلم ماهي
عاقبة الأمر ، ومن ثمّ ماهو قدره أمام عظمة الخلق من السماوات والأرض (( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا)) حتى يتبختر ويتكبر على غيره .
فلابد للعبد من بعد الانقياد لأوامر الله ونواهيه أن يتواضع للناس ويكون ذليلاً عليهم (( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)) ، لا أن يتملق ويتخوف من الأغنياء وأصحاب النفوذ
فهو بذلك يراهم بأنهم أخوف من الله بينما قال الله تعالى ((وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)) ((أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)) .
وبعد أن أثبتت الآية صفة عباد الرحمن إنتقلت إلى الجانب الآخر وهم الجاهلون ، فكيف تكون معاملة العباد لهم فقالت ((قالوا سلاماً)) وهذا القول ليس لفظاّ فقط بل
إنّ العبد عندما يرى فعلاً من الأفعال التي يفعلها العاصون والمنافقون والكفرة أن يتجنبهم ولا يرافقهم ولايشترك معهم بأعمالهم ويؤيدهم لكي لا يخرج من
دائرة العبودية فيصيبه ماادخر لهم سبحانه وتعالى من العذاب الأليم .
وبعد ذلك ذكرت الآية التي بعدها بأن هؤلاء العباد يبيتون سجداً لله ((وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا)) ، وفي السجود سرّ لايعلمه إلا الله والراسخون في
العلم لما فيه من الفضل العظيم ، فهو في الحقيقة التذلل والانقياد التام لله تعالى ، ويتجلّى هذا السجود في الساعات المتأخرة من الليل عندما يختلي بربه ، ولايعلم
حقيقة هذا السجود إلا من عاشه وخرق الحجب فاختلجت نفسه وسارت به إلى عوالم أخرى فكان قريباً من ساحة الربّ العظيم .
خلاصة الكلام بأن الانسان لكي يصل إلى مرحلة العبودية لابد له من أن يتصف بصفات ذكرها القرآن الكريم وأوضحها الرسول الكريم وأهل بيته الطاهرين
صلوات الله عليهم أجمعين ، وأن لا يتكبر على بني جنسه بل أن تكون صفته التواضع ، لا أن يستنزل عطف وشفقة العصاة والمنافقين والجبابرة .
فبأيدينا يمكن أن نكون من الصنف الأول أو الثاني
تعليق