قبسات من آية الكرسي
إن لهذه الآية شأن عظيم ودرجة عالية من الفضل ، والسبب في ذلك يعود إلى احتوائها على الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وكذلك لتمجيدها للذات المقدسة ، ولسيادتها وعظمتها في القرآن الكريم ، ومصداق ذلك ما ورد من الأحاديث الشريفة للرسول الأعظم محمد t وال بيته الأطهار ، ومنها قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب A : ( سمعت رسول الله يقول : يا علي ! سيد البشر آدم ، وسيد العرب محمد ولا فخر وسيد الشجر السدر ، وسيد البقرة آية الكرسي . يا علي إن فيها لخمسين كلمة في كل كلمة خمسون بركة ) [i] .
وكذلك قوله t : ( اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث : سورة البقرة وال عمران وطه ) قال هشام : إما البقرة فقوله : (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) وفي آل عمران (الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) وفي طه ( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ) قال ابن كثير : وقد اشتملت على عشر جمل مستقلة ، متعلقة بالذات الإلهية وفيها تمجيد الواحد الأحد ) [ii] .
وعن أُبي بن كعب قال : قال رسول الله t: ( يا أبا المنذر ! أيّ آية في كتاب الله أعظم ؟ قلت : ( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )قال : فضرب في صدري ثم قال : ليهنئنك العلم . والذي نفس محمد بيده إن لهذه الآية لساناً وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش ) [iii] .
والذي يتمعن في هذه الآية المباركة يجدها قد احتوت على أسرار وعلوم وكنوز لا يدركها العقل البشري ، ومن المعروف إن نبي الله سليمان A اعطيمن الملك ما لم يؤت مثله نبي . إلا إن نبينا الأكرم محمد tفضّل على باقي الأنبياء بمجموعة كبيرة من العطاءات الربانية وواحدة من هذه العطاءات هو القرآن الكريم وذروة القرآن الكريم سورة البقرة وذروة سورة البقرة آية الكرسي .
وعلى هذا الأساس نجد إن آية الكرسي على مرتبة رفيعة تسامت بين آيّ الذكر الحكيم، ودليل ذلك قول صادق أهل البيت c : ( إنّ لكل شيء ذروة وذروة القرآن آية الكرسي ) [iv] .
وكذلك ما قاله سيد الكائنات محمد t : ( أعطيت آية الكرسي من كنز تحت العرش ولم يؤتها نبي كان قبلي ) [v] .
ولقراءة آية الكرسي فضل عظيم وثواب جزيل يصل احدهما إلى درجة الشهادة بين يدي الأنبياء. ومن فضلها أيضاً الوقاية من شر الشياطين وشعوذة السحرة وسطوة السراق وكذلك إذا قرأها العبد بعد كل صلاة واجبة أمِنَ من سكرات الموت لأن الذي يتولى قبضه هو الرحمن الرحيم . إلا انه لا يواظب عليها إلا صاحب الحظ السعيد وهذا ما دلت عليه أحاديث نبينا الأكرم وأهل بيته الأطهار.
ومنها قول النبي محمد t : ( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة كان الذي يتولى قبض نفسه ذو الجلال والإكرام وكان كمن قاتل مع أنبياء الله حتى استشهد ) [vi] .
وفي حديث آخر إن أخوين جاءا إلى رسول الله t فقالا : نريد الشام في تجارة فعلمنا ما نقول ؟ فقال : نعم ، إذا أويتما إلى منزل فصليا العشاء الأخر فإذا وضع أحدكما جنبه على فراشه بعد الصلاة فليسبح تسبيح فاطمة ثم ليقرأ آية الكرسي فإنه محفوظ من كلّ شيء حتى يصبح . وجاء في ذيل الحديث إن لصوصاً تبعوهما وسعوا في سرقة ما معهما إلا أنهم لا يفلحوا في ذلك [vii] .
[i] - مجمع البيان في تفسير القرآن – الطبرسي ج2 ص157 – مؤسسة الأعلمي – بيروت .
[ii] - صفوة التفاسير – محمد علي الصابوني ج2 ص137 – المكتبة العصرية ، بيروت .
[iii] - مجمع البيان في تفسير القرآن – 2 / 157 .
[iv] -مجمع البيان في تفسير القرآن – 2 / 157 .
[v] - الأمثل في كتاب الله المنزل – ناصر مكارم الشيرازي ج2 ص120 – مطبعة الأميرة – بيروت .
[vi] - مجمع القرآن في تفسير القرآن – 2 / 175 .
[vii] - الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل – 2 / 150 .
تعليق