الإمام الجواد هو أول إمام يبلغ الإمامة في طفولته، فكان سنّه صغيراً حين استلم الإمامة، لكن مع حداثة سنّه كان يمتلك علمية كبيرة وواسعة، فالشيء الملفت للنظر هو كثرة الأسئلة التي وُجّهت إليه عليه السلام في مدة حياته القصيرة، وكان الإمام عليه السلام يجيب على المئات من الأسئلة في اليوم الواحد، روى علي بن إبراهيم، عن أبيه قال: (استأذن على أبي جعفرعليه السلام قوم من أهل النواحي من الشيعة، فأذن لهم فدخلوا فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة، فأجاب عليه السلام وله عشر سنين).(1)
كما حاول المخالفون أن يسخروا من الإمام الجواد عليه السلام؛ لأنه صبي، فجالسه كبراء علمائهم وناظروه على مختلف الصُّعُد، فرأوا بحراً لا ينفد وعطاءً علمياً لا ينضب، فكانت له عدّة مناظرات ودورات علمية كان لبعضها صدى كبير يدحض فيها كلّ شبهة تُثار حول إمامته بالحجج الدامغة والساطعة، منها مناظراته مع يحيى بن الأكثم وهو قاضي القضاة في زمان المأمون العباسي، لكنه عجز أمام علم الإمام الجواد عليه السلام الذي لم يتجاوز التسع سنين من عمره، فقد فاق أهل زمانه بعلمه.
كما رُوي أنّ الإمام الجواد عليه السلام صعد المنبر في مسجد النبيّ صلى الله عليه واله بعد رحيل والده وهو طفل، فقال: "أنا محمد بن علي الرضا، أنا الجواد، أنا العالم بأنساب الناس في الأصلاب، أنا أعلم بسرائركم وظواهركم، وما أنتم صائرون إليه، علم منحنا به من قبل خالق الخلق أجمعين، وبعد فناء السماوات والأرضين، ولولا تظاهر أهل الباطل، ودولة أهل الضلال، ووثوب أهل الشك، لقلت قولاً تعجب منه الأولون والآخرون".(2)
.................................
(1) الكافي: ج1، ص496.
(2) بحار الأنوار: ج50، ص108.
شهد صلاح
تم نشره في رياض الزهراء العدد89
تعليق