هو الباقر الهاشميّ بين الهاشميين والفاطميّ بين الفاطميين، كنيته (أبو جعفر) ولقبه (الباقر) فهو كمَن بقر الأرض أيّ شقّها فأخرج كنوزها، إذ أخرج مخبآت المعارف وحقائق الأحكام، فملأ سماء المعرفة بشتى أنواع العلوم. كان كثيرَ العيالِ متوسطَ الحالِ وجيدَ الصلةِ بأرحامه، قدّم خدمة جليلة للعالم الإسلامي بتأسيسه مدرسة أهل البيت فأحيى العلوم والمعارف الإسلامية بعد أن اندرست في عهد الخلفاء الأمويين والمروانيين إذ غاصت الأمة في الجهالة ونسي الناس تعاليم دينهم. كانت حلقات درسه من التي يتسابق الطلبة لحضورها لعلمهم أنها نابعة عن النبي صلى الله عليه واله فهو والأئمة عليهم السلام من سراج واحد، وأيضاً تميّزت هذه الدروس بالمرونة ومواكبة العصر، وفضله ما يزال يملأ الخافقين وجلياً للعيان، وبهذا ملك عواطف الناس واحترامهم وأصبح ذا شعبية كبيرة، وهذا ما أثار حقد الأمويين فقاموا باغتيال الإمام عليه السلام في زمن هشام بن عبد الملك (لعنه الله) من خلال دسّ السم له عليه السلام، وشاء لهذا العملاق أن يُرزق الشهادة على يد شر البرية.
لقد ترك يوم وفاته صدى قوياً في نفوس محبيه، وسالت الدموع لفقده، فهذه خسارة لا تعوّض وفاجعة ألهبت الشجون في الصدور. ما كان الأئمة عليهم السلام إلا موجهين ومرشدين لنا فعلينا أن نقتدي بهم في الحياة وها هي وفاة الإمام الباقر عليه السلام تمرّ علينا لتعيد للنفس أحزانها على مَن ذاق ذعاف الموت بكأس مسمومة.
تم نشره في رياض الزهراء العدد 63
تعليق