تمثل القراءة وتنمية ميولها لدى الأطفال مطلباً تربوياً وثقافياً نظراً لما يتسم به عالم اليوم من انفجار معرفي سريع ومتغير فلم يعد التعليم الرسمي كافياً لملاحقته..
كما يمكن للقراءة أن تساعد الطفل في عملية النمو من جميع جوانبه وبخاصة النمو الاجتماعي والعاطفي والإدراكي والجسمي..
القراءة تخفّف عبء الحياة الروتيني، وتشعرهم بالارتياح بخاصة بعد مجهود اللّعب أو انتهاء الأنشطة الحركية التي تتطلب جهداً، فهي بذلك تساعد على النمو الجسمي.
وتُساعد الأطفال على تفهّم نوعية العلاقات الاجتماعية التي تربط بين أفراد المجتمع ومعناها، وهي بذلك تساعد على النمو الاجتماعي، وفهم العلاقات الاجتماعية وتكوينها والمحافظة عليها.
عندما يتقمّص الأطفال شخصيات القصة، فإنها تتيح لهم التعبير عن عواطفهم إضافة إلى أنّ القراءة من أهم وسائل كسب المعرفة والحصول على المعلومات، وجعل الطفل يعيش عالماً آخر ويتعرف غلى بيئة جديدة من خلال الاتصال المباشر بالمعارف الإنسانية في حاضرها وماضيها، والاطّلاع على تراث الشعوب وعقائدهم، فتوسّع أفقه العقلي، وتمهّد له الاستلال عن أبويه، وتكوين شخصيته المستقلة، وتعزّز ثقته بنفسه.
وقد أوضحت بعض الدراسات أنه كلّما كان هناك تبكير في تثقيف خبرات الأطفال وإثرائها بالكتب والقصص قبل مرحلة الابتدائية كان استعدادهم للتعلّم والقراءة والكتابة أفضل، فلها اثر كبير في نمو ذكائه واتساع أفق خياله.
من المهم جداً أن تعرف قدرات أبنائك، وما الذي يجب أن تقدّمه لهم في كلّ مرحلة عمرية، ومن الإرشادات المهمة في هذا الشأن:
ثبت أن الأطفال يحبون سماع أصوات والديهم حتى لو لم يفهموا ماذا تعني تلك الأصوات، إنما هو الشعور بالاطمئنان، كما أن استخدام تعابير الوجه والحركات المعبّرة تؤثر في إيصال الفكرة إلى الطفل وانجذابه للقصة، إضافة إلى أن فرصة مسك الكتاب ومتابعة الصور الملونة هي خطوة مهمة تمكن الطفل من اكتشاف الكتاب والتعرّف عليه وتكوين علاقة حبّ معه، وهذا إنجاز كافٍ في المرحلة الأولى من حياة الطفل.
عندما يكمل الطفل السنة الثانية من الممكن تشجيعه على القراءة وذلك بأن نطلب منه الإشارة إلى صور الأشياء وأسمائها.
عندما يبلغ الأطفال سنّ الثالثة فإنه يمكن دفعهم إلى المشاركة في قصة تُقرأ عليهم، كما يُطلب منهم وصف الأحداث بعد قراءتها.
بعد سنّ الرابعة يستطيع الأطفال تعلّم سرد قصة مبسطة والمشاركة في القراءة والكتابة في ضمن برنامج لعبهم وبحسب قدراتهم.
في سنّ الخامسة فما فوق يمكن أن يطلب من الأطفال الذين يعرفون الحروف والأصوات التعرّف على الحروف والكلمات في الصفحة، ويمكن استخدام بطاقات عليها حروف ورسوم ملونة لمساعدة الأطفال على التدرب على مهارات الكتابة.
توجد كتب كثيرة ومختلفة لتعليم القراءة هدفها تعليم الأطفال القراءة والكتابة، والأفضل من ذلك تكوين علاقة وثيقة للطفل مع الكتاب من خلال زرع حبّ الكتاب في نفس الطفل الرضيع بإعطائه الورق ليلعب به فيشمه ويمزقه من دون ابتلاعه للمحافظة عليه من خطر ذلك، فيحب المادة الورقية ويتعرّف عليها منذ نعومة أضفاره وتنغرس في نفسه بخاصة إذا ارتبطت بلحظات ودّ وحبّ ولعب، ولا يمكن لأحد أن ينكر تأثير السعادة التي يشعر بها الطفل الرضيع وهو يلعب بأحضان والديه، حيث يشعر بالحبّ والأمان والشبع، ويشعر بملمس الورق ويتعرف على رائحته، فلا يمكن أن ينسى ذلك وتبقى تذكّره بلحظات جميلة ومحببة، فعلينا أن نكثر من تلك اللّحظات إن أردنا لأطفالنا أن يحبوا القراءة والمطالعة في حياتهم المستقبلية.
سماء صلاح
تم نشره في رياض الزهراء العدد99
تعليق