بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليلة عرفة هي ليلة عظيمة ويومها أعظم من ليلها، والليلة التي بعدها ليلة عظيمة أيضاً وهي ليلة عيد الأضحى وهي أفضل من يوم العيد.
ومن أحسن الأعمال في هذه الليلة والتي بعدها ويومهما هو التعبّد لله تعالى، ومن أشكال التعبّد هو الدعاء.. وهناك دعاء عظيم المضامين للإمام الحسين(عه) في يوم عرفة، ?ما هناك دعاء للإمام السجاد وآخر للإمام الصادق(عهما)، ومن وُفّق لقراءة هذه الأدعية الثلاثة في هذا اليوم المبارك بحبّ وتدبّر فقد نال خيراً ?ثيراً لأنها ?نوز عظيمة في الحقيقة. فعن النبي(ص) أنّه قال: «أفضل الناس من عشق العبادة فعانقها، وأحبها بقلبه، وباشرها بجسده، وتفرغ لها» (الكافي: ج2/ص84). وما سمّيت بعرفات إلا لاعتراف العبد بذنوبه، فقد جاء عن أبي عبد الله(عه) أنه قال: «إنّ جبرئيل(عه) خرج بإبراهيم صلوات الله عليه يوم عرفة فلما زالت الشمس قال له جبرئيل يا ابراهيم اعترف بذنبك واعرف مناسكك، فسميت عرفات لقول جبرئيل(عه) إعترف، فاعترف» (علل الشرائع: ج2/ص437).
ومن المعلوم إنّ أدعية أهل البيت(عهم) تحوي من علومهم الكثير، لذا ينبغي الاستفادة منها بما أمكننا ونتعلّم منها الكثير، فهي مليئة بمعارف التوحيد والنبوة والعدل والإمامة والمعاد، وصفات الله الثبوتية والسلبية، وما يجوز إطلاقه علی الله وما لا يجوز. فهذه الأدعية والزيارات المروية عن أهل البيت(عهم) هي أعظم باب وأوسع طريق لمعرفة الله تعالی ومعرفة أصول الدين. لذا علينا أن نتعلم هذه الأدعية والزيارات ونفهم منها أصول الدين وأح?ام الإسلام وآدابه وأخلاقه، ولا ن?تفي بالقراءة فقط، فتكون مجرّد ألفاظ وكلمات لا تداعب القلب فتؤثّر فيه.. فالتأثر والتأثير لا يجد له سبيلاً إلا بالتدبّر والتفكّر بكلمات وجمل تلك الأدعية والزيارات وما تحويه من علوم جمّة.
وأيضاً من أحسن الأعمال في هذا اليوم (يوم عرفة)، زيارة الامام الحسين(عه)، لما فيها من الفضل والأجر العظيم، وهي أيضاً مليئة بالعلوم والمعارف الإلهية؛ وقد عدّت هذه الزيارة أفضل من الحج المندوب كما ورد في روايات أهل البيت(عهم)، ولعلّنا نلتمس عظم وفضل هذه الزيارة ممّا أورده الشيخ القمّي في كتابه الرائع (مفاتيح الجنان)؛ حيث جاء فيه: «اعلم انّ ما روي من أهل البيت الطّاهرين المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين في زيارة عرفة ممّا لا يحصى فضلاً وعدداً ونحن تشويقاً للزّائرين نورد منها البعض اليسير:
بسند معتبر عن بشير الدّهان قال: قلت للصّادق صلوات الله وسلامه عليه: ربما فاتني الحجّ فأعرف عند قبر الحسين(عه)، قال: أحسنت يا بشير أيّما مؤمن أتى قبر الحسين صلوات الله عليه عارفاً بحقّه في غير يوم عيد كتب له عشرون حجّة وعشرون عمرة مبرورات متقبّلات وعشرون غزوة مع نبيّ مرسل أو امام عادل، ومن أتاه في يوم عرفة عارفاً بحقّه كتب له ألف حجّة وألف عمرة مبرورات متقبّلات وألف غزوة مَعَ نبيّ مرسل أو امام عادل.
قال: فقلت له: وكيف لي بمثل الموقف؟ قال: فنظر اليّ شبه المغضب ثمّ قال: يا بشير انّ المؤمن إذا أتى قبر الحُسين صلوات الله عليه يوم عرفة واغتسل بالفرات ثمّ توجّه اليه كتب الله عزّ وجلّ له بكلّ خطوة حجّة بمناسكها ولا أعلمه الا قال وعمرة (وقيل غزوة).
وفي أحاديث كثيرة معتبرة إنّ الله تعالى ينظر الى زوّار قبر الحسين(عه) نظر الرّحمة في يوم عرفة قبل نظره الى أهل عرفات، وفي حديث معتبر عن رفاعة، قال: قال لي الصّادق(عه): يا رفاعة أحججت العام؟ قلت: جعلت فداك ما كان عندي ما أحجّ به ولكنّي عرفت عند قبر الحسين(عه)، فقال لي: يا رفاعة ما قصّرت عمّا كان أهل منى فيه، لو لا انّي أكره أن يدع النّاس الحجّ لحدّثتك بحديث لا تدع زيارة قبر الحسين صلوات الله عليه أبداً، ثمّ سكت طويلاً ثمّ قال: أخبرني أبي، قال: من خرج الى قبر الحسين(عه) عارفاً بحقّه غير مستكبر صحبه ألف ملك عن يمينه وألف ملك عن شماله وكتب له ألف حجّة وألف عمرة مع نبيّ أو وصيّ نبيّ.
نسأل الله تعالى أن يكتبنا من الداعين المتدبّرين في ليلة عرفة ويومها والزائرين للإمام الحسين(عه) المقبولين بحق محمد وآل محمد عليهم السلام.
تعليق