(( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )) / (المائدة:3) آية زيّنت صدر الإسلام وسام الإيمان,
وأعلنت على لسان الرسول الأمين شروطاً ما إن عمل بها المسلمون قُبل منهم دينهم وثَبُت إيمانهم, وشُكر سعيهم في الدنيا,
ليكونوا في الآخرة من الفائزين.
إنّ يوم الغدير الأغر سنّة خطّها المولى عز وجل, ولن تجد لسنّة الله تحويلاً وترجماناً لرحمته وقانوناً فطرياً لا يرقى إليه الشك,
فبظلّةِ الوارف ترسّخت خيمة الإسلام بأوتاد الولاية, وبه اكتمل الخط النبويّ الشريف لشرائع السماء, واتضح مسار البشرية نحو دولة
الحقّ المهدوية, فمنذ أن تعانقت أكفّ الهدى وارتفعت للعلا لتبصرها أنظار الحجيج صدح صوت الرسول صلى الله عليه واله
بنداء الحقيقة الذي اخترق حتى عوالم الأصلاب والأرحام, لتكون شهوداً إلى يوم يبعثون,
إذ جاء هذا البيان الإلهي ))يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ(( / (المائدة:67) فنُصب ميزان العدالة الربانيّة,
واستقرت كفة الإسلام بتنصيب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام, وكيف لا يكون كذلك وهو نفس الرسول بنص القرآن الكريم,
وحامل لوائه ووارث علمه, وله من المناقب السامية والأخلاق الحميدة ما لا تسعها مجلدات التاريخ, فكان الغدير الاختبار الصعب
لتهوي بعدها أقنعة الشرك, وبدت جليةً ملامح النفاق, فاتضح عندها خطّان وحدّد مصير كلّ تابع منهما,
فمَن تخلّف عن صاحب البيعة السماوية وتبع هواه هلك, ومن عرف الحق واتبع ما أُوحي للرسول من ربّه فقد نجا,
لذلك اقتضت الحكمة الإلهية أن يؤطر الدين بإطار الإمامة, وعلى مرّ الدهور إذ لا يخلو كلّ زمن من هباهب الشبهات
والشكوك ما تعجز الألباب السقيمة عن معرفتها واستبيان سبل النجاة منها إلّا عن طريق الاستسقاء من منابع الاستبصار
الرشيدة المتمثلة بقائد الأمة الرسول الأعظم وآله الأطهار.
إنّ ما أصاب العالم وما يزال من المعاناة وكأنه كرة تقلبها أمواج الضياع وصراع الشعوب, وهو يتقاسم الآلام والمحن
ما انقلبت بسببه موازين الحياة الكريمة إلا جزاءً لنكران يوم الغدير والخروج عن الفطرة السليمة,
ونكران القرآن والعترة الطاهرة اللذين لا يفترقان أبداً.
العلوية ميعاد كاظم اللاوندي
تم نشره في رياض الزهراء العدد 75
تعليق